• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانية واحدة

في هذا الأسبوع، تجمع القادة من جميع أنحاء العالم في الأمم المتحدة في نيويورك لتبادل وجهات النظر بشأن مشاكل البشرية الأكثر إلحاحا. وكان الموضوع الرئيسي لاجتماع هذا العام هو "جعل الأمم المتحدة ملائمة وعادلة لجميع الناس"، وهو قول يجسد التحديات الحقيقية التي تواجهها المنظمة، فعلى الرغم من العمل الشاق لموظفي الأمم المتحدة عبر العديد من الوكالات المختلفة، تعاني الهيئة من أزمة مصداقية لم يسبق لها مثيل.

ويعد السبب الرئيسي للمتاعب الحالية للأمم المتحدة هو فشل مجلس الأمن في الوفاء بوعده بتعزيز السلام والأمن حول العالم. ومن البوسنة ورواندا إلى سوريا واليمن وفلسطين، لم تستطع الأمم المتحدة منع الفظائع، ولا تقديم المسؤولين عن الجرائم الشنيعة إلى العدالة.

وتحت سمع وبصر الأمم المتحدة، استخدمت الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء العالم الأسلحة التقليدية وأسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين الأبرياء، حتى أن بعض الأنظمة نفذت إبادات جماعية دون مواجهة أي عواقب. وقد فشلت الأمم المتحدة أيضا في إنقاذ ملايين الأطفال الذين يعانون من الفقر المدقع وسوء التغذية، وكما تعلم تركيا جيدا، لم تتمكن المنظمة من اتخاذ الخطوات اللازمة لتخفيف معاناة اللاجئين.

والقائمة تطول، لكن من الواضح أن الأمم المتحدة، التي كان من المفترض أن تكون هي القلب النابض للإنسانية، ليس لديها نبض على الإطلاق. ومن بين منتقدي المنظمة، ينقسم معسكران رئيسيان حول ما يجب القيام به، وفي المجموعة الأولى، هناك دول مثل تركيا وألمانيا ترغب في إصلاح الأمم المتحدة لمعالجة عيوبها. أما المعسكر الثاني الأصغر، والذي يشمل الولايات المتحدة، فهم يفضلون استغلال نقاط ضعف الأمم المتحدة لتقويض النظام الدولي الليبرالي.

خذ على سبيل المثال القرار الأخير الذي اتخذه الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بالانسحاب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والانسحاب من اليونسكو، وقراره خفض التمويل للأونروا، وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين. ويوم الثلاثاء، وصف "ترامب" موقفه بأنه "سياسة واقعية براغماتية"، وكان ذلك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وفي وقت تحتاج فيه القيادة العالمية بشدة إلى تحسين الأمم المتحدة بدلا من تدميرها تبدو القوى العظمى غير راغبة في تحمل المسؤولية، وإذا استمر بعض أقوى المؤثرين في الأمم المتحدة، بما في ذلك الولايات المتحدة، في إلحاق الضرر بالتعددية؛ من خلال اتخاذ خطوات أحادية على نحو متزايد، سيكون الوقت قد حان لإعادة تعريف القيادة العالمية.

ويجب أن ننهي احتكار عدد قليل من الدول، ونعزز القيادة الجماعية للبلدان التي تهدف إلى حل التحديات العالمية الرئيسية. وإذا أثبتت القوى العظمى أنها غير راغبة أو غير قادرة على التصرف، يجب على المجتمع الدولي، تحت مظلة الأمم المتحدة أو المنظمات الأخرى، أن يفعل ما هو ضروري.

وستكون تركيا أحد أعضاء هذا المجتمع الجديد. فعلى مدى العقدين الماضيين، ركزت تركيا على حمل مسؤولية القضايا المهملة. وفي عام 2013، أطلقت تركيا حملة للتأكيد على أن "العالم أكبر من خمسة"، في إشارة إلى الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي. وحذرت من أن الأمم المتحدة تمر بأزمة خطيرة من حيث المصداقية، وحثت جميع الأطراف على اتخاذ خطوات لجعل المنظمة أكثر ديمقراطية وتكافؤا ومتعددة الأطراف. ويجب على المجتمع الدولي إلغاء العضوية الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وزيادة عدد أعضائه إلى 20، واعتماد قواعد جديدة تتناوب بموجبها جميع الدول على المجلس.

وعلى الرغم من أن تركيا ليست قوة عظمى عسكريا أو اقتصاديا، إلا أنها برزت كقائد عالمي من خلال وجودها كجزء من الحل في العراق وسوريا وأماكن أخرى. واليوم، فهي موطن لـ4 ملايين لاجئ، بمن في ذلك 3.5 مليون سوري، وهي من بين أكبر المانحين للمساعدات الإنسانية في العالم. ويجب على الآخرين في المجتمع الدولي القيام بدورهم، لكن نطاق أزمة اللاجئين يظهر أنه من المستحيل حل المشاكل الملحة دون العمل سوية من خلال منظمات مثل الأمم المتحدة.

وإذا لم تساعد القوى العالمية، فيجب أن يتحرك بقية المجتمع الدولي لأخذ زمام الأمور، والبدء بعملية إصلاح شاملة للأمم المتحدة. وبعد كل شيء، لا نعتقد أننا بحاجة فقط لبناء نظام دولي أكثر ملاءمة، بل نحن بحاجة إلى تفكيك النظام الحالي، مع التزام الناس من جميع أنحاء العالم، في النظام الجديد، بالالتقاء واتخاذ الخطوات اللازمة لتعزيز السلام والاستقرار والأمن لجميع البشرية. ويجب أن تكون الجمعية العامة للأمم المتحدة أكثر من مكان لقادة العالم لإلقاء الخطب ومشاركة الشكاوى. يجب أن يكون هذا العام هو العام الذي يضع فيه العالم أساس نظام الأمم المتحدة الجديد.

المقال نقلا عن مجلة فورين بوليسي

أضف تعليقك