تسعى حكومة الانقلاب، إلى تحويل دعم الخبز التمويني من نظام الدعم العيني إلى النقدي، زاعمة أنها لا تهدف إلى خفض الدعم أو تغيير سعر رغيف الخبز، وإنما تسعى لإيصال الدعم لمستحقيه، بحسب تصريحات علي المصيلحي وزير التموين بحكومة الانقلاب.
ويعكس تصريح المصيلحي، بحسب الخبير الاقتصادي عبد التواب بركات، عزم حكومته تخفيض فاتورة الدعم من خلال تقليص أعداد المستفيدين من دعم السلع التموينية والانسحاب التدريجي من الدعم السلعي إلى الدعم النقدي وشبه النقدي، وفق ما ورد في البيان المالي لمشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2018 /2019.
وأوضح بركات، في تقدير موقف بصحيفة العربي الجديد، أن نظام الدعم العيني الحالي يسمح للمواطن بالحصول على خمسة أرغفة في اليوم مقابل خمسة قروش للرغيف الواحد، وتدعم الدولة كل رغيف بـ50 قرشا، بمعدل 75 جنيها شهريا تذهب إلى صاحب المخبز الذي يدفع تكاليف إنتاج الخبز كاملة. لكن في نظام الدعم النقدي المقترح سوف تدفع الحكومة قيمة دعم الخبز، وهو 75 جنيها، للمواطن في بداية كل شهر، وبذلك تلتزم الدولة بدفع قيمة مقطوعة بدل دعم الخبز، ولا تلتزم بتوفير سلعة الخبز المدعم.
وشدد أن خطورة الدعم النقدي، تتمثل في ارتفاع أسعار الخبز، ولاسيما أن اكتفاء الدولة بدفع مقابل نقدي للخبز وتخليها عن دورها في استيراد القمح من خلال هيئة السلع التموينية، وعدم مراقبة طحنه من خلال مطاحن القطاع العام، والتوقف عن توزيعه على أكثر من 22 ألفا من المخابز المنتشرة على مستوى الجمهورية، وإلغاء الدعم مقابل السولار والمياه وبدل العمالة اليدوية للمخابز سوف يؤدي إلى ارتفاع سعر الخبز وانخفاض وزنه حتى يماثل سعر ووزن الخبز الحر، والذي يصل إلى جنيه للرغيف الواحد، مقابل 55 قرشا للرغيف في منظومة الدعم العيني المستمرة حتى الآن.
كما لفت إلى أنه ظل اتجاه حكومة الانقلاب لرفع أسعار الوقود، فمن المتوقع أن تزيد أسعار الخبز مع زيادة أسعار السولار المستخدم في نقل القمح والدقيق وتشغيل المخابز، ولاسيما أن تكلفة نقل القمح من الموانئ إلى المحافظات، وكذلك الدقيق من المطاحن إلى مستودعات التموين تصل إلى 20% من سعر الدقيق.
وأشار إلى أنه مع مرور الوقت ستتآكل القيمة النقدية للدعم، في ظل تراجع القدرة الشرائية للجنيه إلى النصف، وزيادة معدلات التضخم، ومع تخلي الحكومة عن دعم مزارعي القمح المحلي، المادة الأساسية المستخدمة في صناعة الخبز، والاعتماد على الخارج في تأمين 75% من القمح بالدولار، ومع احتكار خمس شركات لواردات القمح، ينتظر أن يرفع الدعم النقدي أسعار الخبز إلى مستويات تاريخية، ويعجز المبلغ المخصص لدعم الخبز عن شراء الكمية الضرورية للمواطن ما يرهق ميزانيته ويزيد معاناته اليومية.
كما حذر الخبير الاقتصادي من اندلاع أزمات الخبز والاختفاء من المخابز، وعودة حوادث قتلى طوابير الخبز التي انتشرت قبل ثورة يناير، مثل أزمات السلع التموينية، السكر والأرز وزيت الطعام.
ونوه إلى أنه عندما غير السيسي دعم السلع التموينية من الدعم العيني إلى الدعم شبه النقدي كخطوة لتفكيك منظومة الدعم العيني الراسخة تاريخيا، ارتفعت أسعار السكر من 1.25 للكيلوجرام قبل يوليو 2013، إلى 25 جنيه للكيلوجرام ثم اختفى تمامًا من الأسواق، واقتحمت مباحث التموين مصانع الحلويات وصادرت عبوات السكر، وألقت القبض على عامل في قهوة يحمل 10 كيلوجرامات من السكر، وأفرجت عنه النيابة بكفالة ألف جنيه.
وأوضح أنه بعد أيام من انقلاب الثالث من يوليو 2013، خفض النظام الانقلابي دعم رغيف الخبز بنسبة 31% بطريقة ملتوية عن طريق تخفيض وزن الرغيف من 130 جراما إلى 90 جراما.
وفي 2014، خفض النظام حصة المواطن من الخبز بخمسة أرغفة، ثم ابتكر نقاط الخبز لإغراء المواطن بالاستغناء عن جزء من حصته في الخبز مقابل 10 قروش لكل رغيف، وليس 50 قرشا هي تكلفة الرغيف، وأتوقع أن يخفض السيسي حصة الخمسة أرغفة بحجة أنها تزيد عن حاجة المواطن بدليل استغنائه عن جزء منها مقابل نقاط الخبز، بحسب عبد التواب بركات.
فيما نبه إلى ما حدث في مارس 2017، حين خفضت حكومة الانقلاب حصة الكارت الذهبي المخصص للمخابز والذي يمكن من صرف الخبز لغير حاملي بطاقات التموين الإلكترونية إلى 500 رغيف يومياً بدلاً من 4500. وتسبب القرار في خروج المواطنين المتضررين للشوارع وإغلاق الطرق حول المخابز واحتلال مكاتب التموين، ما دفع الحكومة إلى التراجع عن القرار.
أضف تعليقك