أكد الكاتب البريطاني ديفيد هيرست، أن الدنيا تضيق سريعا على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأنه يتخذ وضعية دفاعية للحفاظ على منصبه بعدما تأزم موقفه بسبب اغتيال الصحفي جمال خاشجقي.
وكشف هيرست، في مقاله بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، عن معلومات تشير إلى هذا الوضع الذي أصبح فيه ابن سلمان، فقال إن الأمير أحمد بن عبد العزيز -عم ولي العهد- لقي استقبال الأبطال حين عاد مؤخرا إلى السعودية بعد غيبة طويلة في لندن.
ولفت إلى أن كبار الأمراء توافدوا للترحيب به، سواء في المطار أو في المجالس التي عقدت بعد ذلك، ومن بينهم رئيس الاستخبارات السابق الأمير خالد بن بندر، والأمير خالد بن سلطان نائب وزير الدفاع السابق، وولي العهد السابق الأمير مقرن بن عبد العزيز.
وقال هيرست إنه يعتقد أن السبب في عدم ظهور صور للأمير أحمد مع ابن سلمان هو أن الأول لا يريد أن تُصور عودته على أنها تأييد لابن أخيه، على الرغم من ورود أنباء تفيد بأن ابن سلمان وشقيقه خالد رحّبا به في المطار.
ونشر الكاتب في مقاله صورة حصل عليها تظهر من يُعتقد أنه الأمير أحمد في أحد المجالس التي أعدت للترحيب به يوم الثلاثاء الماضي.
ووفقا للمقال، فإن هناك مسارين محتملين "لمهمة" الأمير أحمد، الأول أن يتوصل إلى صفقة مع ابن سلمان يتخلى فيها الأخير عن ولاية العهد وعن حقيبته الأمنية (وزارة الدفاع ووزارة الداخلية والأجهزة الأمنية)، على أن يحتفظ بدوره كمصلح للاقتصاد.
أما المسار الثاني فهو السعي لإزاحة ابن سلمان، وهنا يشير الكاتب إلى أن منصب رئيس هيئة البيعة في المملكة ما زال شاغرا بعد وفاة الأمير مشعل بن عبد العزيز، وإذا تمت تسمية الأمير أحمد لهذا المنصب فسيقوم حينئذ بدور صانع الملوك.
وهناك أسماء عديدة يمكنها أن تحل محل ابن سلمان وفقا للكاتب، بينهم الأمراء المذكورون سابقا، والأمير فيصل بن سلمان المتعلم في أكسفورد وهو الأخ الأكبر لمحمد بن سلمان.
وأوضح هيرست أن مهمة الأمير أحمد تتوقف على عاملين، الأول هو القدرة على جمع كلمة آل سعود على استبعاد ولي العهد كملك مستقبلي بسبب أخطائه الكثيرة.
والعامل الثاني هو موقف الولايات المتحدة التي تعول على الوقت في هذه الأزمة، لكنها قد لا تجد قدرة كبيرة على إنقاذ حليفها ابن سلمان بسبب الغضبة الإعلامية في أمريكا والعالم، والخسارة المحتملة في انتخابات الكونجرس الأسبوع المقبل.
وفضلا عن عودة الأمير أحمد بن عبد العزيز، تحدث هيرست عن سبب آخر جعل الدنيا تضيق على ولي العهد السعودي، وهو إصرار تركيا على كشف الحقيقة في قضية مقتل خاشقجي.
وشرح الكاتب كيف أن ابن سلمان استغرق وقتا لإدراك الواقع وفهم أبعاد الأزمة التي يواجهها، حيث أرسل رئيس استخباراته إلى تركيا بعد أيام من مقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، فعاد إليه وجِلا من كمّ ما يعرفه الأتراك.
وبين أن المملكة أرسلت بعد ذلك مستشار الملك وأمير منطقة مكة خالد الفيصل فالتقى بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأخبره أن الرياض تستطيع مساعدة أنقرة بالاستثمارات وشراء الأسلحة التركية، فقاطعه أردوغان قائلا "أتحاول رشوتي؟"، وفقا لما نقله هيرست عن أحد مصادره.
وفي تلك الليلة نفسها، أجرى الملك سلمان أول اتصال هاتفي بأردوغان منذ مقتل خاشقجي. ونقل هيرست عن مصادر قال إنها عليمة بتلك المحادثة؛ أن الملك سلمان كان كمن يقرأ من ورقة، وأن أردوغان كان صارما معه وقال له "إذا أرادت المملكة أن تنقذ نفسها، فنحن نريد الجثة".
ولفت الكاتب إلى المقال الذي نشره أردوغان الجمعة في صحيفة واشنطن بوست، وأكد فيه أن الأمر بقتل خاشقجي جاء من أعلى المستويات في النظام السعودي. وعلق هيرست قائلا إنه ما من رسالة أوضح من ذلك بأن ثمن إغلاق هذا الملف هو "رأس ابن سلمان".
أضف تعليقك