• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

توطــئة:

ولد في 15 سبتمبر سنة 1921م، في قرية السعديين التابعة لمركز مينا القمح محافظة الشرقية.

دخل كتاب القرية مدة سنتين، ثم التحق بالدراسة الأولية بالقرية، والتحق بالمدرسة الابتدائية بمنيا القمح، ثم المدرسة الثانوية بالزقازيق، ومكث بالزقازيق عامين الأول الثانوي، والثاني، ثم انتقل إلى القاهرة فأكمل بها المرحلة الثانوية، ثم التحق بالجامعة بكلية العلوم، ثم تخرج فيها سنة 1942م. عرف على الإخوان المسلمين سنة 1936م.

بعد تخرجه، عين في الأرصاد الجوية بوظيفة "متنبئ جوي"، ونقل إلى الإسكندرية؛ ليقضي سنة تحت التمرين، ثم عاد إلى القاهرة لممارسة عمله كمتنبئ جوي.

في يونيو 1954م أبعد عن العمل إلى مرسى مطروح، واعتقل من مرسى مطروح، وأحضر إلى السجن الحربي.

حكم عليه بعشر سنوات أشغال شاقة، ثم نقل إلى ليمان طرة، ومنه إلى سجن الواحات.

اعتقل مرة أخرى سنة 1965م؛ حتى أفرج عنه في عهد الرئيس السادات.

تولى مهام المرشد العام للإخوان المسلمين بعد وفاة الأستاذ محمد حامد أبو النصر سنة 1996م.

توفي فضيلته في 12 رمضان 1423هـ الموافق 17 / 11 / 2002م.
 

مشهور.. والتعرف على الإخوان:

عندما انتقل إلى القاهرة كي يتم دراسته الثانوية، كان يصلي في مسجد الحي الذي يقطن فيه، فرأى أحد المصلين يوزع مجلة تسمى "التعارف"، وسمعه يعلن عن درس في الحي، ويدعو إلى حضوره، فحضر، وسمع أحد الإخوان يتحدث عن الإسلام، فأعجبه حديثه، فحرص على حضوره.

في نفس المسجد أعلن الأخ المتحدث أن الأستاذ البنا سيعطي درسًا يوم الثلاثاء في الحلمية، فحضر الأستاذ مصطفى، وأعجب بحديث الأستاذ البنا أيما إعجاب، وحرص على المداومة عليه، وتعرف على بعض الإخوة، وضموه إلى أسرة سنة 1936م، وبايعهم على الالتزام بدعوة الإخوان، وتمت البيعة من خلال مسئول الأسرة.

 
مشهور.. وحقيقة الخلاف بين الإخوان والثورة:

يقول الأستاذ مصطفى مشهور: "كنت ألمس من عبد الناصر اتصاله ببعض الإخوان، وتعامله معهم، ويبدي هو وزملاؤه جوًّا لا بأس به مع الإخوان.

وقبل قيام الثورة، استأذن عبد الناصر، ومجموعة من الإخوان الضباط المرشد العام للإخوان، للقيام بالثورة، فأذن لهم؛ ظناً منه أنها ستكون في خدمة الإسلام.

ظهر على عبد الناصر أنه أراد أن ينفرد بالثورة، فبدأ بالتخلص من محمد نجيب؛ لأنه يتفوق عليه في الرتبة، وبالتخلص من الإخوان، فحدثت اعتقالات لهم فثار سلاح الفرسان، وأفرج عن الإخوان، وذهبوا إلى الأستاذ المرشد العام للإخوان المسلمين "حسن الهضيبي" واعتذروا له عن الذي حدث.

حدثت أزمة بين الإخوان، والثورة، وبدأت الاعتقالات، وحُلت جماعة الإخوان في يناير 1954، ففي سنة 1954م دُبر بليل حادث المنشية، بإيعاز من المخابرات الأمريكية، للقضاء على الإخوان المسلمين، فألصق عبد الناصر التهمة بهم، وحاكم ستة من الإخوان، وحكم عليهم بالإعدام وهم: الأستاذ عبد القادر عودة، والشيخ محمد فرغلي، ويوسف طلعت، وإبراهيم الطيب، وهنداوي دوير، ومحمد عبد اللطيف".


مشهور.. ورحلته في رحاب السجون:

يقول الأستاذ مصطفى مشهور "في يونيو 1954م أبعدت عن العمل المهني إلى مرسى مطروح، ثم حدثت أحداث المنشية، وأنا بعيد عنها، وبعد أسبوعين من الحادث اعتقلت من مرسى مطروح وأحضرت إلى السجن الحربي، وكان التعذيب شديدًا، بمجرد الدخول من باب السجن.

وعذبت كثيرًا في السجن الحربي، وشكلوا محكمة لمحاكمتي، فلم يستغرق التحقيق أكثر من ثلاث دقائق، وحكموا عليّ بعشر سنوات أشغال شاقة.

بعد الحكم نقلوني إلى ليمان طرة، ثم أبعدوا عن الليمان عدداً من الإخوان إلى سجن الواحات الخارجة، وكان عبارة عن خيم محاطة بالحراس، وبسلك شائك، ومفتوحة طوال الليل والنهار، وكان الجو صعبًا، فتأقلمنا مع الجو، واستثمرنا الوقت، وزرعنا حول الخيم، ومارسنا لعبة كرة القدم، أقصد أننا تأقلمنا مع هذا الجو، لدرجة أننا ربينا بعض الطيور، وكان ذلك سنة 1955م.

وقبل انتهاء مدتي بستة شهور أخلوا سجن الواحات، فرحلوني إلى أسيوط، فقضيت بها المدة المتبقية، وخرجت.

لاحظ عبد الناصر أن بعض الإخوان خرجوا، دون تأييد له، فافتعل محنة سيد قطب، وهواش، وعبد الفتاح إسماعيل، واعتقلهم، وحكم عليهم بالإعدام سنة 1965م.

وأصدر عبد الناصر مرسومًا باعتقال كل من سبق اعتقاله، وأنا خرجت في نوفمبر 1964م، ثم اعتقلت في يوليو 1965م، فلم أتم سنة في الخارج، وكان التعذيب شديدًا في ليمان طرة عنه في سجن الواحات، ومكثت في السجن، حتى مات عبد الناصر، وأطلق السادات سراحنا.

 

 مشهور.. وحقيقة مذبحة طرة:

يقول الأستاذ مصطفى: "في سنة 1957م كان عبد الناصر يخطط لخلع الملك حسين عن طريق الضباط الإخوان في الأردن، فكشفوا هذا المخطط، وأفشلوه فاغتاظ منهم، وأراد أن ينتقم منهم، ومن الإخوان المسجونين في طرة، ففي طرة كان السجناء يخرجون إلى الجبل، لتكسير الحجارة، ثم يعودون، والمريض منهم يأخذ تصريحاً طبياً، كيلا يخرج إلى الجبل.

وذات يوم صدر الأمر بخروج جميع السجناء إلى الجبل، السليم منهم والمريض، فاستغرب الإخوان هذا الأمر، وشكوا في أسبابه، فلم يخرجوا.

كان رد إدارة السجن أن مجموعة من الجنود يحملون الرشاشات، دخلوا على الإخوان في الزنازين والعنابر، وصوبوا الرشاشات نحوهم بعشاوئية همجية، فاستشهد منهم واحد وعشرون شهيداً، وسميت "مذبحة طرة".

 

مشهور.. والمتشككون:

يقول الأستاذ مصطفى: الزمن لا يقاس بعمر الأفراد، بل بعمر الدعوات والأمم، فالبعض يشكك بقوله: إنكم مكثتم سبعين سنة، ولم نحقق أهدافنا. إما أن تكون طريقنا خاطئة، وإما أننا لسنا أهلاً لهذه المهمة.

فنقول لهم: إن طريقنا صحيحة؛ لأن الإمام البنا اقتبسها من سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإننا أهل لهذه المهمة؛ لأننا تعرضنا للمحن في سنة 1954م، 1965م، وثبتنا الله، واستشهد منا من استشهد فنحن نصبر -ولو مكثنا مائة سنة- على تحقيق هذه الدولة، وهذا ليس بالكثير على تحقيق هذا الهدف الكبير.

اليهود يخططون لدولة إسرائيل من النيل إلى الفرات منذ أكثر من مائة سنة ولم يستقروا بعد، ولن يستقروا – إن شاء الله -.

 

مشهور.. من السادات إلى مبارك:

يقول الأستاذ مصطفى: "عبد الناصر كان متجهًا نحو روسيا، متعاونا معها، والسادات يريد التعاون مع أمريكا، فأطلق الإخوان؛ ليقفوا ضد الشيوعيين، واستمر هذا الجو، ولم يعتقل أحدًا من الإخوان؛ حتى ذهب إلى إسرائيل؛ ليعقد اتفاقية الصلح معها، فاعترضنا، وبدأ الجو يتعكر بيننا وبينه، واستمرت الاعتقالات.

وفي الإسماعيلية تم لقاء بين السادات، والأستاذ عمر التلمسانى، والأخ عبد العظيم المطعني وأنا، فتحدث السادات وهاجم الإخوان، وطلب الأستاذ عمر أن يرد، فأرجأه إلى الانتهاء.

عندما انتهى من حديثه، رد عليه الأستاذ عمر قائلاً: "لو أن أحدًا قال هذا الكلام غيرك، لشكوته إليك، أما أنت الذي قلت، فإني أشكوك إلى الله"، فقال له السادات: "اسحب شكواك يا عمر" وارتعدت فرائصه، وانتهى الاجتماع، وخرجنا، ولكن الجو لم يكن صافياً.

وبعد ذلك قتل السادات، ولم يكن لنا في ذلك دور، فنحن لم نستعمل القوة في حياتنا، ولكن بالحكمة، والموعظة الحسنة.

وفي عهد الرئيس حسنى مبارك، أعلن هو ووزير داخليته بأن الإخوان ليس لهم دور في قتل السادات، ومع ذلك حدث للإخوان اعتقالات في عهده، واستمر هذا الأسلوب إلى وقتنا هذا، ونحن لا نستعمل القوة، ولكن نصبر، ونحن مطمئنون وموقنون أن المستقبل للإسلام، رغم انتفاش الباطل؛ لأن الله – سبحانه – وعد ووعده الحق ﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الروم: من الآية47).

 

مشهور.. ووصايا على الدرب:

الإيمان أهم سلاح نتسلح به، يصبرنا، ويثبتنا، ويطمئننا أن المستقبل للإسلام، فعلينا أن نصبر، ونثابر، حتى يتحقق وعد الله بالنصر – إن شاء الله -.

فأين فرعون، وهامان؟! وأين روسيا وغيرها؟! وأمريكا وإسرائيل إلى زوال إن شاء الله، إذا واصلنا سيرتنا على هذه الطريق.

فالتربية، واستغلال الوقت، والمحن التي نتعرض لها ليست ضربات معجزة، أو معوقة، ولكنها سنة الله في الدعوات، للصقل والتمحيص، والتمييز بين الثابت، والمنهار؛ لأن أهم مرحلة في الدولة المستقبلية هي أساسها، فإذا كان الأساس متيناً يعلو البناء، ويرتفع، أما إذا كان ضعيفًا ينهار البناء، فهذه المحن للصقل، والتمحيص، وإعداد القيادة الصلبة التي يثبت عليها البناء.

يجب على الإخوان ألا ينزعجوا من هذه المحن، بل يعتبروها شرفًا، فالزمن لا يقاس بعمر الأفراد، بل بعمر الدعوات والأمم، وليس هذا بالكثير على تحقيق هذا الهدف الكبير.

علينا أن نتواصى بالجيل الجديد، ونهتم به، ونورثه الدعوة، وندعوه، لمواصلة المسيرة بالإيمان، والدعاء، والصبر، والاحتساب، والاستبشار بأن المستقبل للإسلام، ونهتم بالتربية، وبالأشبال، وبأبناء الإخوان، وهذا معنى مهم جدًا.

فالأستاذ البنا عندما قال: نريد الفرد المسلم، والبيت المسلم، والمجتمع المسلم الذي يرفض أن يستقر عليه غير الحكم الإسلامي.

فالعلم عند الله، ولله علم الغيب أن هذا الجيل من الأشبال، وأولاد الإخوان، ربما يتحقق على يديه النصر، فعلينا أن نهتم به.

وحدوث صحوة إسلامية في العالم الإسلامي، قد لمسناها هنا في مصر، فالنساء كن يلبسن فوق الركبة، فحل الحجاب، وأقبل الشباب على الصلاة.

فالصحوة في العالم الإسلامي، قابلها انهيار الأخلاق في العالم الغربي، وصدق الشاعر إذ يقول:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت        فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

ففي إنجلترا تقر بعض المجالس النيابية الشذوذ الجنسي رسميًا، فهذا انحراف في الأخلاق، ومصيره الانهيار.

ودخل الكثير الإسلام، وانتشر الإسلام في أوربا، وأمريكا، فلا بد لنا أن نستبشر، ونشعر بالعزة {فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين} ونحرص عليها.

الموت يأتى بغتة، فلا بد من الاستعداد للقاء الله، ولحساب الآخرة، فنخلص النية في كل عمل نعمله، ونجعله دعوة لله، وعبادة له؛ لأننا لم نخلق إلا لعبادة الله ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذريات:56).

فهذه هي مهمتنا في هذه الدنيا، فلنحرص على دعم هذه الصورة، وتقويتها بازدياد القاعدة، وبالالتحام بالشعب، فنكون رأي عام إسلاميا، يساند هذه الدعوة، فهذا ما نحرص عليه، ونتوقع النصر بعد حين - إن شاء الله -.

 

من مؤلفات الأستاذ مصطفى مشهور:

طريق الدعوة.
زاد على الطريق.
تساؤلات على طريق الدعوة.
الحياة في محراب الصلاة.
الجهاد هو السبيل.
قضية الظلم في ضوء الكتاب والسنة.
القائد القدوة.
التيار الإسلامي ودوره في البناء.
القدوة على طريق الدعوة.
قضايا أساسية على طريق الدعوة.
من التيار الإسلامي إلى شعب مصر.
وحدة العمل الإسلامي.
طرق الدعوة بين الأصالة والانحراف.
مناجاة على طريق الدعوة.
بين الربانية والمادية.
مقومات رجل العقيدة.
الإيمان ومتطلباته.
الدعوة الفردية.
من فقه الدعوة 1 - 2.
الإسلام هو الحل.

 

من المرض .. حتى الوفاة:

في يوم الثلاثاء 29/10/2002م وبعد يوم طبيعي قضاه في مكتبه عاد الأستاذ مصطفى مشهور إلى منزله وتناول الغذاء ثم ذهب إلى فراشه ليستريح قليلاً، وعندما سمعت ابنته أذان العصر ذهبت لتوقظه فوجدته في غيبوبة أفاق منها بعد قليل ثم أراد أن يذهب إلى المسجد لصلاة العصر في جماعة فأشارت عليه بالصلاة في البيت إلا أنه بعزيمته وهمته العالية أبى إلا الصلاة في المسجد، وكيف لا وهو يرى في نفسه القدوة والمثل الذي يجب أن يُقدم إلى الشباب حتى يحتذى به، فأعانه الله وذهب إلى المسجد وصلى بفضل الله فيه صلاة الجماعة، وحين هم بمغادرة المسجد انتابته غيبوبة أخرى وقع على إثرها أرضًا ونقل بعدها إلى المستشفى حتى وفاته في 10 رمضان 1423هـ الموافق 15/11/2002م، وصلى عليه ما يقرب من نصف مليون فرد بعد صلاة الجمعة.

ونسأل الله أن يتقبله في الصالحين.. آمين.

أضف تعليقك