بعد أيام قليلة من خروجه من المعتقل، فوجئ الجميع بخبر وفاة الأستاذ الدكتور حسن الحيوان، الداعية والمحاضر والسياسي والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين، وابن مركز فاقوس ومحافظة الشرقية، وتحديدا يوم السبت 18 نوفمبر 2006م، وكان صائما في ذلك اليوم ليتم الأيام الست من شوال، بعد اجتماع حضره في مكتب الإرشاد بالقاهرة.
وشغل الحيوان موقع نائب لرئيس المكتب السياسي للجماعة أثناء رئاسة الرئيس محمد مرسي للقسم وقتئذ وهو من قيادات العمل التربوي والدعوي والطلابي بالجماعة.
ولد الدكتور حسن الحيوان في عام 1959 م في قرية الروضة مركز فاقوس محافظة الشرقية ووالده هو الكاتب الصحفي الراحل الأستاذ محمد الحيوان.
انضم د. الحيوان، إلى الإخوان المسلمين في مرحلة مبكرة من عمره، وكان أحد النابغين والمتفوقين دراسيًا مما أهله ليلتحق لكلية الطب جامعة الزقازيق.
في الجامعة كان أحد رموز طلاب الإخوان، كما لم يمنعه عمله الدعوى من تفوقه الدراسي حتى صار أستاذا للصدر بطب الزقازيق، وكان نابغة أيضا في عمله كطبيب للصدر بمدينتي فاقوس والزقازيق، وعمله النقابي المتميز في نقابة الأطباء بالشرقية .
الاعتقال والظلم
وفي انتخابات مجلس الشعب 2005 رشح الإخوان الدكتور فريد إسماعيل (رحمه الله) في دائرة فاقوس الأولى والدكتور أمجد عبد العزيز بدائرة فاقوس الثانية ويومها أقسم المدعو حسام حجازي - ضابط أمن الدولة بفاقوس- بأن نجاح الإخوان في فاقوس سيكون على جثته، وخذله الله ونجح د. فريد، فأراد أن ينتقم من الإخوان فلفق قضية للدكتور حسن الحيوان بحيازة 400 سلاح آلي !! وتم نشر الخبر على شريط أخبار القناة الأولى بأنه جار البحث عن المتهم الهارب حسن الحيوان بينما كان د. حسن يجري لقاء مباشرًا على فضائية الحرة يوم الانتخابات في جولة الإعادة.
واعتقلت زوجته السيدة لمياء محمد عبد العال يوم 16 ديسمبر 2005م لمساومته على تسليم نفسه حيث تم احتجازه في 17 من ذات الشهر وكان يتم تجديد حبسه كل 15 يوما.
ومكث الدكتور الحيوان في سجن مزرعة طره 4 أشهر كحبس انفرادي، وبعد أن حصل على حكم البراءة يوم 12 يونيو 2006م أعادوا اعتقاله مرة أخرى وتم نشر تحقيق في صحيفة الأهرام قال فيه حبيب العادلي - وزير الداخلية آنذاك- إن د. حسن لم يحاكم ولم يحصل على براءة وتوعد العادلي د. حسن الحيوان.
وأفرج عنه يوم 18 سبتمبر 2006 م ووصل منزله وباشر عمله، لتعود قوات الأمن والمباحث بخطفه مرة أخرى من عيادته بفاقوس يوم 17 أكتوبر 2006 م ليقضي اعتقالا جديدا لمدة شهر تقريبا، قبل أن يخرج من جديد يوم 14 نوفمبر 2006 م.
وفي يوم السبت ذهب لمكتب الإرشاد وقابل فضيلة الأستاذ المرشد الراحل محمد مهدي عاكف والإخوان أعضاء مكتب الإرشاد ورجع إلى فاقوس في نفس اليوم وكان صائمًا آخر يوم له في الأيام الستة من شهر شوال.
الوفاة
وتحكي زوجه أ. لمياء محمد عبد العال عن لحظة وفاته فتقول: "رتبت الصالة وأتيت له بالعشاء وكان يتفرج على برنامج على المحور "فاروق حسني" كان يتكلم عن الحجاب، قلتله ما تخش تنام وتسيبك من الراجل ده لحسن كلامه ينرفز ويثير الأعصاب قاللي لأ عايز أسمعه.. وما كانش في أى شكوى أو وجع خالص، فالمهم دخلنا نمنا فهو دخل الأول وأنا دخلت بعده، نام على جنبه الأيمن وقالى قولى دعاء النوم.. تصبحي على خير..
وبعدها بحوالي ساعة بالظبط قمت من نومي مرة واحدة كده مفزوعة مش عارفة ليه .. فرفعت البطانية "هو طبعا كان نايم" وقعدت أقول : ( يا حسن .. يا حسن .. يا حسن .. ) لكن مفيش فايدة، مع إن ما كانش فيه أي أعراض ولا أى حاجة حتى، فاتصلت بالدكتور أمجد عبد العزيز وجه في ثانية " كان ساعتها حسن لسه فيه نفس".. والدكتور أمجد طبعًا عمل محاولات كتيرة وكان جايب دكتور قلب لكن خلاص بقى.. حتى الدكتور قعد يسأل: هو اشتكى من حاجة .. !! ولا قال حاجة .. !! ولا قال حاسس بشكة .. !! والله ولا حتى صحانى أبدا!.
الحمد لله على قضاء ربنا في الأول وفي الآخر، والحمد لله إنه مات في البيت لأنه كان احتمال قضيته تتأجل .. ولو حصل لا قدر الله ومات جوه السجن .. طبعاً كانت هتبقى مشكلة ومشكلة جامدة كمان .. فالحمد لله إن ربنا حماه لغاية آخر لحظة.
وودع عشرات الآلاف يوم الأحد 19 نوفمبر 2006 د. حسن الحيوان إلى مثواه الأخير بقرية الروضة بفاقوس بحضور المرشد العام للإخوان المسلمين الأستاذ محمد مهدي عاكف والحاج سعد لاشين مسئول إخوان الشرقية ونائبه الحاج عبد العزيز عبد القادر وقيادات الإخوان أمثال م. خيرت الشاطر ود. رشاد بيومي والداعية جمعة أمين ود. محمود عزت ود. عبد المنعم أبو الفتوح ود. محمد علي بشر ود. جمال عبد الهادي ود. محيي حامد والحاج سيد نزيلي ود. فريد إسماعيل ود. محمد جمال حشمت وصلاح عبد المقصود والشيخ علي متولي ومعظم نواب الإخوان بالبرلمان أمثال الشيخ السيد عسكر د. محمد البلتاجي والنائب علي لبن والشيخ محمد عبد الرحمن والنائب بهاء عطية والنائب حسنين الشورى ود. محمد فضل ود. أكرم الشاعر ويومها بدا البرلمان خاليا.
وغاب عن الحضور د. محمد مرسي ود. عصام العريان لأنهما كانا معتقلين على خلفية تظاهرات القضاة للمطالبة بالإصلاح.
قالوا عنه:
وقد قال عنه الدكتور أمجد عبد العزيز - أحد قيادات إخوان الشرقية - أثناء فترة اعتقاله " لقد عرفت الدكتور حسن الحيوان منذ 28 سنة، فلقد عرفنا الإخوان معًا، ونحن في فترةِ الثانويةِ العامة، وكان يكبرنُي بسنةٍ واحدة، والدكتور حسن نموذجٌ نادرًا ما تجد مثله على أرض مصر، حيث تجسدت فيه أخلاق الإسلام الكريمة فعلى المستوى الأخلاقي كان شديدَ الحياء، يذكرك بوصف النبي صلى الله عليه وسلم .. كان أشد حياءً من المرأة في خدرها، كريمًا في تعاملاته، يحب الناس، ويحبه كل من رآه وسمع عنه، وعلى المستوى العلمي كان الدكتور حسن منذ صغره يحصل على المرتبة الأولى، فهو شخصية منظمة التفكير مثقف الفكر، ودائمًا ما يأتي بالجديد سواء في مجال الطب أو في أي مجال من مجالات الحياة والعلوم والسياسة، ويستطيع أي شخص أن يلمح ذلك في كتاباته ومقالاته العلمية والسياسية، أما على المستوى الاجتماعي وعلاقاته بالآخرين، حتى وإن كانوا ممن يخالفونه الرأي، فإن الدكتور حسن يضرب المثل في سموِّ أخلاقه، وكان يطرح في حوارته رؤيةً فكريةً وعقليةً، ونادرًا ما تجد من شباب مصر من يتعامل مع القضايا باتساع وعمق مثل الدكتور حسن الحيوان، حتى إنه يفرض على مخالفيه أن يحترموه ويجلوه.. إنه من الرموز الإخوانية التي نفخر ونحن نقدمها لمصر ولشعبها الطيب " .
وأوضح الكاتب الإسلامي وليد شلبى في حديثه عن د. حسن بأنه ضرب مثالاً رائعًا في حياته (القصيرة وقتًا والكبيرة عطاءً) لنموذجَين يندُر تواجدُهما في عصرنا هذا، الداعية الذي يعطي من نفسه القدوة الصالحة قولاً وعملاً، سلوكًَا وتطبيقًا، وما احتكَّ به وتعامَل معه أحدٌ إلا وشعر بصدقه وإخلاصه وتفانيه وتجميعه للقلوب قبل الأجساد على كلمة الحق وعلى ثوابت الإسلام والبُعد عن مناطق الخلاف والاختلاف، وتعاليه وتعاظمه على سفاسف الأمور وتفاهاتها.
وأكد الدكتور محيى حامد – عضو مكتب الإرشاد - أن د. حسن الحيوان كان أنموذجاً حياً للفرد المسلم فقد شهد له الجميع بمتانة الخلق كما كان صحابة ثقافة وفكر وقد كان دقيقاً ومنظماً في كل شئونه ، ولقد كانت أجندة مواعيده مكتظة ولكن في نفس الوقت وفيًّا لعهده ووعده فلم يتخلف إلا لظرفٍ قهري، وكان أيضًا حريصًا على الاستفادةِ من جميع وقته بأفضل صورةٍ وأحسنِ وجه.
قال عنه د. أحمد عبد العاطي مدير مكتب الرئيس مرسي وأحد أبناء الشرقية : هو أخي وأستاذي وصديقي الحبيب.. وأحسبه كذلك لكل مَن عرفه.. هو حسن الحيوان الأستاذ الجامعي النابه في مجاله والمربي للأجيال من الأطباء.. وهو الطبيب الحسن الذي أحبَّ مرضاه واحترمهم وأبى أن يتخلَّف عن عيادته وموعدها يومًا؛ حرصًا على مشاعرِ مرضاه وتقديرًا لأوقاتهم.
وهو الأخ حسن الداعية النشط والمحلل السياسي البارع صاحب الرؤية والحجة، وهو أحد أبرز الوجوه السياسية والإعلامية لو أراد- إلا أنه أبى الظهور- منه تتعلم كيف يكون أدب الحوار وعمق التعبير عن الفكرة وضرورة الالتزام بالمنهج والضوابط مع احترامِ الآخر.
وهو قبل كل ذلك حسن البسَّام الضحاك المصري خفيف الظل أسرع مَن كان يهديك تعليقًا على كلامك أو تعبيراتك فلا تتمالك نفسك من الضحك دون إسفافٍ أو تجاوز.
ورثاه د. أحمد الجعلي أحد القيادات الطلابية لطلاب الإخوان المسلمين بجامعة القاهرة وقتها قائلا : ماذا ستقول الكلمات وبم ترثيك العبرات يا دكتور حسن؟ ونحسبك قد قضيت شهيدا باذلا لدعوتك مفنيا عمرك وكل ما تملك رخيصا لعزة دينك ورفعته.
ماذا سيقول المعزون وماذا سيكتب الكاتبون وقد رحلت ونحسبك قد أديت أمانتك وعاهدت على نصرة دينك فوفيت بوعدك وصدقت فى كلمتك.
ماذا سيقول أبناؤك وأحباؤك وإخوانك. وقد كنت رجلا وعشت رجلا وأبيت إلا أن تموت رجلا هامتك مرفوعة إلى السماء ورأسك بعز لم ينحنى لظالم ولم يخنع ولم يركع لغير خالقه ومولاه.
وكتب عنه الصحفي صلاح بديوي يقول : هزني نبأ وفاة د. حسن الحيوان - يرحمه الله - الليلة الماضية وبشكل مفاجئ أثر أزمة قلبية تعرض لها كما أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في بيان لها تنعي فيه فقيدها علي لسان فضيلة المرشد العام الأستاذ محمد مهدي عاكف , ووفاة هذا العالم الجليل لا يمكن أن تمر مرور الكرام بل يجب أن تمحص حتى لو أستدعى الأمر إرسال عينات تحاليل للخارج من أجل الاطمئنان بأنها وفاة تمت بشكل طبيعي وليس من تداعيات الدسائس البوليسية خلال تواجده بمعتقلات السلطة طوال الشهور الماضية .
وفي 25 فبراير 2011 نظم الإخوان المسلمون بفاقوس احتفالية أمام مسجد العطار بثورة 25 يناير ورحيل حسني مبارك وتحدث فيها لمياء محمد عبد العال زوج د. حسن الحيوان قائلة إن ثورة يناير ثأرت لزوجها .
وسيظل د. حسن الحيوان اسما محفورا في ضمير ووجدان الأمة الواعية التي عرفتها شابا طموحا متفوقا وعالما نابغا وأستاذا قريبا من طلابيا ومربيا علي نهج البنا وداعيا كما يجب أن تكون الدعوة.
أضف تعليقك