• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

كتب الأستاذ قطب العربي في موقع الجزيرة مباشر يوم الأربعاء الماضي (14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018) مقاله المعنون بـ"هل لحق مصطفى النجار بخاشقجي؟".

العنوان صادم، والمقالة مؤلمة، تتحدث عن المسكوت عنه، وهو احتمال أن يكون البرلماني الشاب قد تمت تصفيته أثناء عبوره الحدود المصرية السودانية.

وها نحن نقترب من خمسين يوما منذ اختفى البرلماني والسياسي الشاب الدكتور مصطفى النجار؛ حين هاتف زوجته للمرة الأخيرة في الثامن والعشرين من أيلول/ سبتمبر، ليخبرها بأنه سيقضي عدة أيام في أسوان. وما زالت سلطات النظام المصري تصر إصرارا كاملا على إنكار وجوده في قبضتها.

والحقيقة إن إصرار السلطات المصرية على نفي وجوده في قبضتها ليس له أي قيمة، فما أكثر الذين أخفاهم هذا النظام المستبد ثم ظهروا في قبضته بعد ذلك بأيام، أو أسابيع، أو شهور!

وبسبب ذلك السلوك، يبدو أن مصير الدكتور مصطفى النجار أصبح مرتبطا بلعبة من ألاعيب النظام القذرة التي ينوي أن يقوم بها، وما أكثر وأقذر ألاعيب النظام.

نتمنى أن يكون الافتراض الذي ذكره الأستاذ قطب العربي في مقالته خاطئا، ولكن في الوقت نفسه لا بد من الإجابة عن سؤال: "أين مصطفى النجار؟".

* * *

في رأيي الشخصي، قد يكون افتراضا لا يستهان به أن الدكتور مصطفى النجار قد أُلقي القبض عليه في أسوان، حيث كان يستجم، أو في القطار حين كان عائدا إلى القاهرة لحضور جلسة محكمة النقض في القضية الكوميدية التي سميت (إهانة القضاء)، وكانت الجلسة في 15 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والتي تم إقحام اسمه فيها بشكل كيدي للثأر منه ومن كل رموز ثورة يناير المجيدة.

حين اختفى النائب الشاب، قام أدمن صفحته الخاصة به بنشر المقالة التي تركها له لكي تنشر "في حالة اختفائه بشكل مريب"، وكانت بعنوان "ولا نعرف سوى أن نحب هذا الوطن".
ومنذ تلك اللحظة، ارتبكت أجهزة الأمن، وتصرفت وفقا لما تمليه الظروف الدولية المتعلقة بأزمة الشهيد جمال خاشقجي. ويبدو أن قرارا ما قد اتخذ بضرورة أن يتم إغلاق هذا الملف إلى أن تنتهي أزمة خاشقجي من الإعلام العالمي.

* * *

يتساءل البعض: هل تم القبض على البرلماني الشاب وهو يحاول عبور الحدود المصرية السودانية كما تقول بعض الروايات؟

ومن يستطيع أن يؤكد أو أن ينفي مثل هذه المعلومة...!

ولكن أيا كان الزمان والمكان الذي تم القبض فيه على الدكتور مصطفى النجار، سيظل سؤال آخر مطروحا... ماذا سيحدث بعد ذلك؟

هناك قضية من أكثر القضايا التي أرقت النظام الانقلابي المصري؛ سيحاول من خلال شخص مصطفى النجار أن يتخلص من عبئها قليلا... أعني قضية الإخفاء القسري.

هذه القضية التي تسببت - ضمن قضايا أخرى كثيرة - في إظهار وجه النظام المصري الحقيقي، وكيف أنه مجرد عصابة تحكمت في دولة، ومليشيات مسلحة تتزيّى بزي رسمي.

إنها لعبة قذرة... سيتم استغلال مكانة وشهرة النائب البرلماني للتشويش على قضية الإخفاء القسري كلها!

سيحاول النظام أن يستغل كل الحملات التي صنفت النجار كشخص تم إخفاؤه قسريا لكي يُظهره بعد ذلك حيا، وسيعرضه وكأنه قد قبض عليه للتوّ، في إطار حملة تشكيك دولية في مصداقية كل من تم إخفاؤهم بشكل قسري.

سيزعم النظام أنه قد تمكن من القبض عليه في مكان ما كان يختبئ فيه، وسيقدمه للعدالة لكي ينفذ الحكم الذي صدر ضده، ولن يملك مصطفى النجار حينها أن يكذب رواية الأمن وهو داخل قفص زجاجي كما تعودنا، وسيكون في تلك اللحظة مهددا بما لا يعلمه إلا الله.

وفي اللحظة نفسها، ستبدأ أبواق الإعلام بهجوم سفيه يستخدم قضية الدكتور مصطفى النجار للتشكيك في كل قضايا الإخفاء القسري !

* * *

إذا افترضنا أن هذا الكلام صحيح... فما هو واجبنا نحن أصحاب قضية الدفاع عن الأحرار؟

أعتقد أن واجبنا هو الاستمرار في الضغط على النظام المصري لإظهار النجار، حتى لو كانت الأجهزة الأمنية تنوي استغلال القضية لغرضها الخبيث في لعبتها القذرة.

إن الدكتور مصطفى النجار في حالة إخفاء قسري منذ ما يقرب من خمسين يوما، وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على حياته، وحتى إذا كان ضغطنا سيتسبب في ظهوره ضمن مسرحية تشكيك في قضية إنسانية حقوقية كبرى، فإن ذلك لا ينبغي أن يوقفنا عن واجبنا... ففي النهاية... لا أحد يصدق هذا النظام!

ما زلت أدعو أسرة الدكتور مصطفى النجار، وجميع أصدقائه، بل أدعو كل خصومه السياسيين - إذا أرادوا أن يتحلوا بشيء من المسؤولية والأخلاق - أن يستمروا في الحملة التي تضغط على النظام المصري من أجل الإفصاح عن مصير البرلماني الشاب.

* * *

تعليق خارج الموضوع : ستظل قضية الشهيد جمال خاشقجي لعنة تطارد آل سعود حتى بعد أن يعترفوا بالجريمة كلها.. حتى بعد أن تتم الإطاحة بالصبي الذي أمر بارتكاب هذه الجريمة، ولعل الله أراد لجمال أن يكون استشهاده مفصلا من مفاصل التاريخ، ومن يدري فلربما نقرأ في كتاب التاريخ أن نهاية الظلم في أرض الحجاز بدأت بقتل صحفي مخلص لقلمه... اسمه "جمال خاشقجي"... رحمه الله رحمة واسعة!

أضف تعليقك