بقلم: عامر شماخ
الكلمة التى ألقاها شيخ الأزهر فى احتفال المولد النبوى أنصفت السنة، وألقت الضوء على ما يقع عليها من تطاول وتشكيك. وبعيدًا عن مواقف الرجل وميوعة دور الأزهر تجاه قضايا المسلمين، خصوصًا منذ الانقلاب؛ فإن الواجب يحتم الانطلاق من هذه الكلمة، والبناء عليها ودعم هذا الموقف وغيره مما يصب فى جانب الانتصاف لعقيدة الإسلام وشريعته..
من المؤكد أن أنظمة الاحتلال وحكومات الاستبداد تسعى لإلهاء الجماهير بقضايا جدلية. هذا أمر معلوم فى عالم السياسة وقوانين العسكر، وليس الهدف تحويل الأنظار عن خطاياهم فقط، إنما الهدف الأهم ضرب ثوابت وأفكار بعينها، والطعن فى عقائد ومبادئ تمثل خطرًا على بقاء هذه الأنظمة واستمرارها.
ولو تتبعنا تلك القضايا منذ عام 2013 فلن نحصى عددها، وجميعها تشكك فى أركان الإسلام وعقيدته، وشرائعه وشعائره، والبداية تأتى دومًا من مؤسسات، النظام السيادية والإعلامية؛ إذ تجىء التعليمات بإطلاق شائعة، أو بإرسال متطوع من عناصرهم للتطاول على شعيرة من الشعائر، فيصير الموضوع حديث الساعة؛ فى كل القنوات التابعة لهم، وعلى مواقع التواصل الاجتماعى، وفى وسائل المواصلات، وربما عُقدت الندوات والمؤتمرات.. فإذا أخذ الموضوع فى الانطفاء وقد حسمته الجماهير وردعت مطلقى الشائعة أو العنصر المأجور، بادروا باختلاق موضوع جديد وقضية مختلفة، وكلها –بالطبع- ضد الإسلام؛ فلم نر شائعة أُطلقت أو قضية أُثيرت ضد ديانة من الديانات الأخرى، سماوية أو غير سماوية.
بدأت الشائعات إثر وقوع الانقلاب بالحديث عن إغلاق جامعة الأزهر، ومعاهده بحجة تصديره للعنف، وتخريجه كوادر إرهابية –حسب افترائهم- ولما تلاشت الشائعة وماتت القضية صار الحديث عن تجديد الخطاب الدينى، وألقى على الأزهر يومها ألف حجر، وناله عشرات الاتهامات حتى من قائد الانقلاب نفسه، ثم تلا هذه وتلك قضايا إسلامية أخرى، مثل: النقاب وضرورة حظره لمنع من ترتدينه من ارتكاب جرائم، الجهاد الإسلامى وخطورته على البشر والإنسانية، التشكيك فى أقوال أئمة السلف، ميراث المرأة، الحجاب، الأذان، العقوبات الشرعية لمرتكبى الحدود إلخ. أما أكثرها تعرضًا للهجوم من قبل هؤلاء النتنى فكانت سنة النبى -صلى الله عليه وسلم- ومعلوم ما وراء هذا الهجوم، وما يتبعه من التسلل إلى القرآن والطعن فيه، والمطالبة بتعطيل بعض آياته.
ولا غرو أن يقوم بتلك (البطولة) جهلة أو ملحدون أو شيعة أو طائفيون أو مرضى نفسيون أو عملاء للغرب أو الصهاينة؛ فهؤلاء كلهم تجمعهم مصلحة واحدة هى حرب الإسلام، ولكل أسبابه، لكنهم لم يتمكنوا من تلك المنصة إلا بعدما أُذن لهم بذلك، وبعدما نالوا الدعم والتشجيع اللازمين، وهل هناك دعم أكبر من أن يفتتح هذا الهجوم ويبدأ به عمم رسمية ومشايخ من ذوى المناصب؛ فمنذ يومين اثنين ادعى وزير الأوقاف أن السُّنة بحاجة إلى مراجعة، متطاولاً على الوحى بقوله لو كان النبى بيننا لعطل بعض أحاديثه. والمقام لا يتسع لذكر الحالات التى تطاول فيها هؤلاء المشايخ على شريعة الإسلام، أو شككوا فى العقيدة، أو اختلقوا قضايا تجعله سخرية الجماهير، كمن أفتى بجواز نكاح الزوجة بعد موتها، وكالتى أفتت بجواز رؤية الخاطب شعر خطيبته وذراعيها وساقيها -حتى طلب الشباب من هذه الدكتورة الأزهرية التوسع فى مجال هذه الرؤية حتى تصل لفعل النكاح وتوفير تكاليف الزواج ومسئولياته ومراراته..
وفى الحقيقة أن هذا التشكيك وذلك التطاول المستمر والمدعوم له تداعياته ومخاطره على الناس عمومًا، وعلى الشباب على وجه الخصوص؛ حيث تتزعزع ثقتهم فى دينهم وفى العلماء الربانيين وربما تجرؤوا على الشريعة؛ بسبب تلك النماذج الفاسدة التى تتزيى بزى الدين، والدين منها براء، وبسبب إجماع الإعلام على تلك الأكاذيب، فكثير من الشباب من دون وعى، أدمغتهم كالصفحة البيضاء، سرعان ما تمتلئ بالبهتان إذا ما وجدوا أنفسهم محاصرين بنفس المعلومات وبذات الآراء..
وإذا كنا واثقين -كل الثقة- فى حفظ الله لدينه وشرعه وسنة نبيه، فإنا واثقون كذلك أن الله لا يرضى عن القوم الذين يتركون هذه الشرع نهبًا للضالين والملحدين بحجة أن للبيت ربًا يحميه. كلا؛ فعلى كل ساكت إثم ما ينتقص من الدين، وعلى كل صامت وزر عدم الرد والدفاع عن الإسلام.
انهضوا لإنصاف دينكم مصدر عزكم، من قبل أن تصيروا مهيضى الجناح تسعون للعيش عيش الآدميين فلا تستطيعون.
أضف تعليقك