• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم سليم عزوز

هل هي مجرد مصادفة أن يفرط الحكم العسكري في قناة السويس؟ وللدقة، هل هي مجرد صدفة أن كل ما نسبوه زوراً للدكتور محمد مرسي في حملة الإبادة الإعلامية هو ما يفعله "أبو دبورة ونسر وكاب" الآن؟!

لقد اتهمت دوائر الانقلاب الرئيس المنتخب إبان حكمه، بأنه فرط في منطقة مثلث ماسبيرو وقناة السويس للقطريين، كما اتهمت دعايتهم الرئيس بالتنازل عن سيناء لصالح الإسرائيليين بالبيع للأمريكيين، وأنه متواطئ في عملية بناء سد النهضة مع الإثيوبيين، فإذا بكل هذا يقدم عليه الحاكم العسكري.. فالدعاية صارت واقعاً، والتفريط لم يقدم عليه الحاكم المدني المنتخب، فالفاعل هو الحاكم العسكري، الموصوف سابقاً بـ"الدكر".

عداً ونقداً

لقد نُشر على نطاق واسع أن "خيرت الشاطر" باع مثلث ماسبيرو للقطريين، وقبض الثمن عداً ونقداً، على أمل أن يسلمهم الأرض في وقت لاحق، دون أن يقولوا ما هي الصفة القانونية للبائع، وما هي الأوراق الثي تثبت عملية البيع.. فلا يعقل أن يدفع أهل الحكم في الدوحة المليارات مقابل "كلمة شرف"، لا تكفي للتعامل ولو في "سوق الجمال" بإمبابة. كما نُشر على نطاق واسع أيضاً أن الحكم الإخواني اتفق مع القطريين على تسليمهم قناة السويس "تسليم مفتاح"، وأن هذا الحكم قبض من أوباما عداً ونقداً ثمانية مليارات دولار، هي ثمن سيناء، ومقابل تحويلها لوطن بديل للفلسطينيين!

وإذ وقع الانقلاب، فقد تبين الرشد من الغي؛ فكل هذه الاتهامات فعلاً هي ضمن أجندة الحكم العسكري.. فهل كانت هذه ضمن خطة شراء الشرعية، وقد وضعت مبكراً لتمرير عملية توريث الحكم، لصالح نجل الرئيس مبارك، على أن يقوم الوريث بتنفيذها تقربا لإسرائيل بالنوافل؟ فمبارك الأب كانت شرعيته قائمة، وبالتالي فليس بحاجة إلى التفريط بهذا الشكل، لكن ابنه لا بد وأن يقدم "مهر الحكم"، وأن هذه الأجندة وقعت في يد السيسي الآن، فقام بتنفيذها!

فبعيداً عن مثلث ماسبيرو، فإن التنازل يتم لصالح لإسرائيل، فالسيسي تحت لافتة الحرب على الإرهاب، قام بإخلاء سيناء، ليتبين بعد ذلك أن المستهدف من جراء هذه الحملة العسكرية، عندما قال للرئيس الأمريكي إنه "في خدمته" لتنفيذ صفقة القرن، وكانت أول مرة نسمع بها عنها، قبل أن يعدل عن ذلك وينسب مسمى الصفقة للإعلام.. فيبدو أن الخطة تأجلت أو تم التغيير فيها، أو هناك خشية من الفشل عند التنفيذ، لا سيما وأن الصفقة مرفوضة فلسطينيا!

الرز ليس هو الدافع

من الخطأ بمكان تصور أن الرز وحده هو الدافع لكل عمليات التفريط التي يقوم بها السيسي. فهذا ابتذال للأمر برمته، فقد يكون الرز وراء عملية بيع جزيرة الوراق، أو منطقة مثلث ماسبيرو، وما يستجد من عمليات، لكنه ليس السبب وراء تنازله عن التراب الوطني في جزيرتي تيران وصنافير، وليس سبباً في تفريطه في مياه النيل وحصة مصر التاريخية من هذا النهر، وليس دافعاً لتفريطه في قناة السويس!

فقد فرط في تيران وصنافير لحماية الأمن القومي الإسرائيلي، فإذا كان من حق مصر إغلاق المضايق، كما فعلت من قبل، ومنعت وصول المعدات العسكرية في المياه الخاضعة لنفوذها، فقد حول هذه المياه إلى مياه دولية، ليس لمصر سيطرة عليها بتنازله عن تيران وصنافير!

وهو عندما منح موافقة مصر كتابة على بناء سد النهضة، بدون قيد أو شرط، فلكي يضمن مستقبلاً تحقيق حلم إسرائيل بتوصيل مياه النيل إليها، عندما تنتهي إثيوبيا من بناء السد، وتبدأ عملية الملء غير المتفق عليها. وسد النهضة بسعته المقررة يلتهم حصتي مصر والسودان، ثم يقول هل من مزيد؟!.. وعندئذ يكون اللجوء للوساطة الإسرائيلية، وثمنها توصيل المياه اليها!

ونأتي إلى بيت القصيد، وهو قناة السويس، وقد بنى عبد الفتاح ما أسماه بقناة السويس الجديدة، زيادة في تأمين الجار الإسرائيلي، وإذا كان عبور الممر المائي، هو إنجاز عظيم، بمجرد حصوله في حرب 1973، اعتبرت مصر نفسها انتصرت في الحرب، فها هو الممر يصبح ممرين، والقناة قناتين، ثم يجري جلب الوجود الإماراتي هناك، بتمكين الإماراتيين من 49 في المئة من القناة، وكان الحديث عن الحضور القطري في السابق يعني تعريض الأمن القومي المصري للخطر، لكن لا حديث الآن عن الأمن القومي بعملية التفريط هذه، وتمكين القوم من رقابنا، لما ما لقناة السويس من أهمية استراتيجية وقومية!

تحرير قناة السويس

فعندما أعلن الرئيس جمال عبد الناصر قراره التاريخي بتحويل قناة السويس إلى شركة مساهمة مصرية، اعتبر هذا القرار عنوانا للاستقلال الوطني وتوافر الإرادة الوطنية. ورغم أن القرار جر على مصر العدوان الثلاثي، وكان الثمن فادحاً، إلا أن المصريين نظروا دائماً إلى أن الأمر يستحق هذه الكلفة الباهظة، وتدمير مدن القناة وتحويل أهلها إلى لاجئين في المحافظات المجاورة، ومن هذه المدن تم الإعلان عن المقاومة الشعبية جنباً إلى جنب مع إعلان الدولة التصدي لهذا العدوان، دفاعاً عن الأرض وحماية للتراب الوطني!

فهل يعقل وقد دفع الثمن مضاعفاً لقرار تحويل قناة السويس إلى شركة مصرية خالصة، من الممتلكات والأنفس، أن يتم التفريط فيها بهذه السهولة باستدعاء محمد بن زايد "عراب الاستعمار الحديث" شريكا في القناة، وفي قرار بدا سرياً، وعندما تم العلم به، جرى شغل الرأي العام بقضايا متوالية ومن فستان الممثلة إياها، إلى فتوى خالد الجندي، والمعركة ضد شيخ الأزهر، قبل استدعاء البابا على الخط كحلقة في مسلسل الإلهاء عن جريمة التفريط في مقدرات الوطن؟!

إن الهدف هو ستر العورات التي تبدت للناظرين، بهذه الجريمة التي أقدم عليها الحاكم العسكري، وقد كان الغوغاء دائما يتحدثون عن أن الوطن في خطر في ظل الحكم المدني المنتخب، وأن العسكري وحده المعني بالتراب الوطني ومقدرات الوطن، فها هو التفريط يجري "جملة وقطاعي"!

مصر ليست بخير ما دامت خاضعة لحكم العسكر!

أضف تعليقك