• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

سيظن القارئ العزيز أن المقالة تتحدث عن العام الميلادي 2018، وله كل الحق في ذلك، فقد كان عاما شديد الصعوبة على كل أحرار الوطن العربي، وعلى كل المنتمين لثورات الربيع العربي المغدور، والمهمومين بالشأن العام في دولنا العربية المحتلة بحكامها.

ولكن المقالة تتحدث عن العام الميلادي القادم 2019!

من المفترض أن يكون عاما شديد الصعوبة على أعداء الثورات.. على معسكر الثورة المضادة في تل أبيب والقاهرة وأبو ظبي والرياض.

لماذا؟

فلنحاول الإجابة!

* * *

في هذا العام سينشغل الرئيس الأمريكي (وهو أحط رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية) بشأنه الخاص، فاستمراره في السلطة سيكون همه الرئيسي مهما فعل.

سيستمر المحقق الخاص في مساءلته عن علاقته بروسيا، وعن تدخلها في الانتخابات الأمريكية، وهو بهذا أول رئيس في تاريخ أمريكا يشكك في شرعيته الانتخابية!

كما ستبدأ مساءلته عن علاقاته المالية بالمملكة العربية السعودية، بعد أن فتحت أزمة الشهيد جمال خاشقجي ملف علاقاته بالمملكة؛ بسبب دفاعه الأهوج غير المبرر عن "مبس".

سيكون على السيد ترامب أن يواجه مجلس النواب ذا الأغلبية الديمقراطية، وأن يواجه مجلس الشيوخ الذي يقف غالبيته ضده في مواضيع كثيرة برغم أغلبيته الجمهورية.

سيضطر إلى تقديم تنازلات كثيرة (هل يكون من ضمنها أن يمنح اللمسة الأخيرة لعزل ابن سلمان؟).

وفي نهاية الأمر... سيظل استمراره في السلطة إلى نهاية العام أمرا مشكوكا فيه في نظر كثير من العالمين بالشأن الأمريكي.

* * *

ضعف ترامب وانشغاله يقابله أيضا ضعف آخر في تل أبيب، تلك الأفعى التي تدعم المستبدين العرب في القاهرة والرياض وأبو ظبي ومقديشيو والمنامة (هل نذكر عواصم أخرى؟).

أغلب الظن أن تقام انتخابات مبكرة، وأن يخسرها نتنياهو. وأيا كان القادم، سيدعم المستبدين العرب، ولكن حالة الارتباك التي ستكون عليها تل أبيب لعدة شهور لا محالة ستكون خبرا سيئا على تلك العواصم، وعلى العملاء الذين يحكمونها.
* * *

في القاهرة... يندفع "سيسي" لتطبيق المطلوب منه دوليا، أعني رفع الدعم الكامل عن المحروقات، وما سيتبع ذلك من موجة غلاء فوق غلاءات سابقة!

هذا العام (2019) سيكون شديد الصعوبة على "سيسي"!

لا يوجد مخرج من تلك الورطة، فلا هو يستطيع تأجيل تطبيق تلك القرارات، ولا هو يستطيع أن يتدارك تأثيرها. وتأثيرها سيكون ساحقا، بحيث لن يتمكن غالبية الناس من الحركة من بيوتهم بسبب تكلفة المواصلات التي سترتفع بشكل لا يعلمه إلا الله، كما أن هذا الارتفاع سيتبعه غلاء في كل شيء أساسي أو كمالي في حياة الناس.

من حسن حظ "سيسي" أن بقاءه يعتمد أولا على خيبة خصومه، وربما يكون السبب الوحيد الذي يدعم بقاءه في السلطة رغم تلك القرارات... هو خيبة المعارضة المصرية، تلك المعارضة التي آن لها أن تتحد؛ لأن سقوط "سيسي" أمر وارد، وتفرق هؤلاء المعارضين يتيح لكل القوى الدولية (بالتعاون مع أهل الحكم من عملائهم في الداخل) أن يفرضوا على الأمة أي سيناريو يمدد بقاء الاستبداد سنوات أخرى... حتى يأتي يوم يتاح فيه بديل وطني.


* * *

في الرياض... أزمات اقتصادية وسياسية لا أول لها ولا آخر، ومن يدير الأمر أصبح كبعير أجرب، لا أحد في العالم كله يريد التعامل معه. لقد أصبح مجرد مصافحته من قبل أي زعيم عالمي "خبرا"!

مصافحة السفاح "بوتين" للسفاح "ابن سلمان" أصبحت إنجازا... لقد قبل الرئيس الروسي أن يصافحه... وظلت صحافة المملكة تعيد اللقطة بالتصوير البطيء عدة أيام، وكأنها هدف كرة قدم في نهائي كأس العالم!

هذا الأرعن الذي لا يصافحه أحد... ينتظره عام شديد الصعوبة!

سيظل ابن سلمان طوال الوقت هذا العام يدير أزمة الشهيد خاشقجي، فبعد أن أمسكه الأتراك بالجرم المشهود (أعني ابن سلمان)، وبعد أن بدأت مساعي تدويل القضية، وبعد أن أصبح عدوّ الصحافة والإعلام الحر الأول في العالم كله، لا شك أنه سيدفع ثمنا غاليا... وهذا الثمن من المحتمل (هل نقول من الراجح؟) أنه سيكون موقعه كولي للعهد.

بدأ تضييق آخر بانسحاب أمريكا من الحرب القذرة في اليمن، ومجلس النواب ذو الأغلبية الديمقراطية ما زال في جعبته الكثير لابن سلمان!

* * *

في أبو ظبي... ينتظر أبناء زايد عاما أسود!

دبي تخسر خسائر تاريخية، والتحالف مع حكام دبي (آل المكتوم) في لحظة حرجة.

احتكارهم لموانئ الإقليم كُسر بشكل لا يمكن إعادته أبدا، فها هي موانئ قطر وعمان وباكستان افتتحت، أو على وشك أن تفتتح.

وها هي موانئ اليمن والصومال تخرج من قبضة دولة المؤامرات لتتعاقد مع ما فيه مصلحتها الوطنية!

كل ذلك يأتي في اللحظة التي فقدت فيها الدولة سمعتها الدولية بسبب رعونة حكامها، فانتهاكات المليشيات التي تستأجرها الإمارات في اليمن أصبحت منشورة في العالم كله، وصواريخ الحوثي تقترب يوما بعد يوم من أماكن حساسة داخل الإمارات، ومن يعتمد على "دحلان" لا يملك سوى أن يستمر في مسلسل الاغتيالات والأعمال القذرة... ولكن هذا النهج لا يحسم حربا، ولا يخضع شعبا، وله - دائما - ذيول يمكن تتبعها، وإذاعتها على الهواء مباشرة أحيانا!

* * *

خلاصة القول... لأسباب أكثر من أن تحصر في مقالة، سيكون عام 2019 عاما صعبا على تحالف الثورة المضادة... ولو أن المعارضة العربية (وعلى رأسها المعارضة المصرية) كانت على مستوى التحدي لربما كان هذا العام عام الحسم... ولربما كان فصلا هاما في تاريخنا الوطني.

لقد آن الأوان لتقديم المصلحة الوطنية على جميع المصالح الشخصية والحزبية؛ لأن الواقع سيتغير إلى الأسوأ إذا مر هؤلاء المجرمون دون حساب.

وفي الوقت نفسه يمكن أن يتغير هذا الواقع للأفضل... وفي الحالتين، سيكون التاريخ شاهدا على مشهد من مشهدين... إما مشهد اتحاد تذكره الأجيال بالخير للأبد... أو استمرار لمشهد الأنانية المفرطة، وعمى البصيرة... مع لعنات من أجيال ستأتي... لعنات ربما تستمر إلى يوم الدين!

أضف تعليقك