بقلم.. حازم عزاب
إن لم تستطع ولم تُرِد المساهمة الجادة في تمهيد الطريق وإماطة أذاه فلا تلق فيه عشوائيا بحجارة وكتل إسمنتية سابقة التجهيز.
حدد ورص الكتل الإسمنية والدبش رصًا جيدًا ليتحولوا إلى أرصفة ويصبح الطريق ممهداً ومحمياً من جانبيه. دعك من الانتقاد الاستعراضي الذي لا يقدم بل يؤخر ويربك وربما يهز الثقة. راجع بفقه وفهم السيرة والتجربة والأخطاء التي وقعت واستفاد بها من كانوا حول الرسول صلى الله عليه وسلم. ابحث في ثوابت الدين الكلية وقس عليها واسقطها بوعي على واقعنا.
لا تتهم وترمي بالغباء وسوء التصرف وعدم فقه الواقع فصيلاً بأكمله دون تمييز. وقبل أن تغضب أسألك: إذا قرأ المرء وفقه وفهم الواقع المحيط به في الحارة والشارع والقرية والمدينة والدولة، ما المطلوب منه أن يفعله على وجه الدقة؟
خذ مثلا شباب في قريتي قرؤوا الواقع المادي والمعنوي فاكتشفوا أن خدمات الصحة في المستشفي الحكومي سيئة، والطريق إلى القاهرة غير ممهد وضيق، واكتشفوا أن هناك خلافاً وثارات بين عائلتين أو أكثر.
هؤلاء الشباب لما فازوا بعضوية مجلس محلي البلد بحثوا في الحلول بشكل علمي وصاغوها بعد رفع الواقع وجلب معلومات مهمة من داخل المستشفى، وأخرى عن كلفة ازدواج الطرق، وإزالة عنق الزجاجة ببناء كبرى وازدواج المزلقان. كون الشباب لجنة للمصالحات من أهل القرية المشهود لهم بالصلاح وحسن السيرة.
أخذوا ما صاغوه من خطط عملية للحل وذهبوا للمحافظ ولمسؤول أو وزير النقل ووزير الصحة فلما قرأ هؤلاء الحلول المدروسة لم يستطيعوا إلا الموافقة. وبالفعل ازدوج الطريق فاتسع وتغير الطبيب الفاسد مسؤول المستشفى، وبدأت خلافات العائلات وثاراتهم تتراجع.
وعلى مستوى المهن حدث مثل ذلك …. على مستوى الدولة كانت مشكلات كنقص البوتاجاز مثلاً قد تمت دراستها وعرف من فقهوا أن هناك وسطاء توزيع وعصابات متصلة برؤوس كبيرة، فما كان من شباب الإخوان ووزير شاب إلا أن تصدوا للمشكلة وحلوها. انخفض سعر الأنبوبة من عشرات الجنيهات إلى ستة أو ثمانية جنيهات.
على مستوى الخلافات مع قبائل أيديولوجية متعصبة حانقة حاقدة، فقه وفهم الناس أطماعهم فدعوهم لينجحوا على قوائم الإخوان ويدخلوا البرلمان.
على مستوى العسكر والجيش والقوى الخارجية والصهاينة كانت الدراسة والفقه سابقين على الثورة بمراحل، وذلك ببساطة لأن من تطالبهم بفقه الوقع ليسوا عميانا، ولا يمشون على الأرض مسحوبين من “المفتحين المتحذلقين”.
لا تجادل بقضية الفشل والإفشال فكم من جنرالات وجيوش هزمت في معركة ومعارك.
مرة أخرى أرجو ألا تغضب لكني ألح عليك ألا ترمي دبشاً متناثرا لا ينفع ولا يصح رميه في الطريق.
الثورة والإصلاح يحتاجان منك أن تكون أكثر دقة وتحديداً وهندسة لمعارفك.
أضف تعليقك