• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

بقلم: د. عزالدين الكومي

عندما قال الوزير الهتلرى النازى "جوزيف جوبلز"مقولته الشهيرة: أعطنى إعلاماً بلا ضمير أعطيك شعباً بلا وعى، ووقد استفادت الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة، من هذه المقولة لكى تسيطر على الشعوب وتتحكم فيها، وتسعى إلى تطبيق هذا النهج وإتباع سياسة الإلهاء لصرف الانتباه عن المشاكل الهامّة و الحقيقية، إلى قضايا تافهة كالرياضة وخاصة كرة القدم، أو تسليط الضوء على قضايا هامشية لاتهم المواطن كثيراً وجعل الشعب ينشغل بها وعندما جاءت ثورة يناير، كشفت زيف وزيغ الطغمة الحاكمة، ، الذين جثموا على صدر البلاد منذ انقلاب يوليو 1952، وأنهم هم السادة والشعب مجرد حظيرة من حظائر العبيد، الذين يقومون بأعمال السخرة، لدى السيد صاحب الخلفية العسكرية.

كما أن ثورة يناير حررت وعى الشعب، الذى كان يعتقد بأن عسكر كامب ديفيد هم حماة الديار، وهم أصحاب الأيادى النظيفة، يبنون المدارس فينجزونها فى الوقت المحدد، والمصانع الحربية متميزة فى صناعاتها، إلى ماهنالك من هذه الأباطيل والأرجيف.

وكشفت ثورة يناير بما لايدع مجالاً للشك، عن أكذوبة التحية العسكرية التى أداها اللواء الفنجرى لشهداء الثورة، كما كشفت عن خداع مقولة الجيش والشعب إيد واحدة، ولعل الصورة التى تم تسويقها على أنها البرهان الساطع بأن الجيش والشعب إيد واحدة، لخصت المشهد فى منتهى الدقة حيث يظهر أحد الجنود ببزته العسكرية، مرتديا خوزته ومتوشحا سلاحه ويحمل بين بيديه طفل صغير، فكانت رسالة بليغة، بأن الشعب مازال فى مرحلة الطفولة ويحتاج إلى حضانة ورضاعة، والعسكر هم من سيقوم بحضانة الشعب وإرضاعه الذل والهوان وأعمال السخرة.

وبعدما انتهت الثورة، وانخدعنا بشائعات الشؤون المعنوية والإعلام العكاشى، بأن الإخوان ركبوا الثورة، الإخوان باعونا فى محمد محمود، الإخوان هم من استدرج شباب الكنيسة إلى ماسبيرو، وأن الإخوان يسعون للسلطة، بينما العسكريسعون بين الصفا والمروة، وعندما جاءت معركة من أولاً، الانتخبات البرلمانية أم الدستور، العسكر يريدون كانوا يرغبون فى أن يكون الدستور، أولاً حتى يتسنى لهم صناعة دستور بمساعدة بعض القمامات الفكرية،  تحت مزاعم الدولة المدنية، وحينما فشل هذا المخطط، كانت خديعة المبادئ فوق الدستورية، وبعد إفشال هذا المخطط، بدأ مخطط المماطلة فى إجراء الانتخابات البرلمانية وانتخابات الرئاسة، ولكنها فى النهاية تمت رغم أنوف عسكر كامب ديفيد، ثم كانت انتخابات الرئاسة انحاز الجيش للجنرال ابن المؤسسة العسكرية، للإبقاء على الدولة العميقة ومكاسب العسكر، ولكن نجح أول رئيس مدنى منتخب فى ظل انتخابات حرة نزيهة شهد لها العالم، وأقسم فى ميدان التحرير، دون أن يرتدى قميصا واقيا، لأنه واحد من الشعب، لكن كانت السيطرة لطنطاوى رئيس مجلس العسكر، ولكن مرسى باغت الجنرال العجوزونائبة بالإقالة، للإعلان عن بزوغ فجر أول دولة مدنية فى البلاد، بعد أكثر من خمسة عقود فى ظل حكم العسكر، ومع ذلك ظل هناك من ينادى، الليبرالي، بأن الاسلاميين خطر أكبر من المؤسسة العسكرية بكل سطوتها. ولا مانع من إجراء تعديلات دستورية تمنح الجيش "دورا في ضمان الاستقرار الديمقراطي في البلد، ومن أمثال هؤلاء أسامة الغزالي حرب مؤسس حزب الجبهة الديمقراطية الليبرالى، ولما أصدر الرئيس مرسى الإعلان الدستورى الذى أطاح فيه بالنائب العام المقامر، والذى أتلف كل الأدلة والمستندات التى تدين نظام المخلوع وجرائمه فى ثورة يناير، لكن للأسف ثارت ثائرة عبيد البيادة الذين، لوأمطرت السماء عليهم حرية اتقوها بالمظلات، وعلى الفور تكونت جبهة الخراب، التى جمعت كل الفاشلين سياسيا، واتفقوا على ضرورة عودة العسكر، ليخلصوهم من حكم الإخوان، وكانت النتيجة انقلاب عسكرى مكتمل الإركان، وظن عبيد البيادة أن العسكر سيتركوا لهم المشهد، ويعودا إلى ثكناتهم، ولكن حدث العكس وجاءت رياح العسكر على عكس ما تشتهى سفن عبيد البيادة، فطالهم بطش وتنكيل العسكر كما طال البطش جماعة الإخوان المسلمين.

وعادت الأجهزة الأمنية، تمارس إجرامها وانتهاكاتها بحق الشعب، وتحوّلت إلى آلة للإرهاب والقمع الذي اتسعت دائرته لتشمل كل من ينتقد النظام أو يكشف آليات الاستبداد أو الفساد فيه، ولعل ماحدث للمستشار هشام جنينة، وسامى عنان وغيرهم من العسكر الذين تجرأوا على الترشح.

وبعد الانقلاب العسكرى، تمت براءة كل الفاسدين والمتورطين فى الفساد وفى دماء شهداء ثورة يناير، فيما عرف بمهرجان البراءة للجميع لأن المحاكمات التى تمت لرموز عهد المخلوع مبارك كانت مجرد مسرحيات هزلية انتهت ببراءة كل الفاسدين.

وبعد ذلك يتحدث الإعلام الفاشل عن الاستقرار، تباً لاستقرار يأتى بالقمع ومصادرة الحريات، والعفو عن القتلة واللصوص والفاسدين.
وحال أرجوزات الإعلام كحال هذا الأحمق الذى عَضَّه ثعلبٌ، فأتى راقياً يرقيه فقال الراقي: ما الذي عضك؟ فقال: كلب، واستحى أن يقول ثعلب، فلما بدأ الراقى بالرقية، خشي الأحمق أن لا تنفع الرقية فقال للراقي : لو خلطت معها شيئاً من رقية الثعالب.

أضف تعليقك