بقلم: عامر شماخ
هذه رسالتي إلى المنشق (……) وغيره ممن سقطوا في هذا الوحل القذر، أقول له: لمَ فعلت هذا فى نفسك يا (……) وقد ألحقت العار بأهلك وأبنائك الصغار؟ قد كنت ملء السمع والبصر، موفور الكرامة، لا ينقصك شىء من متع الدنيا؛ فهل جزعت لما أصاب إخوانك فأسرعت إلى من أسالوا دماءهم واغتصبوا نساءهم لتقول لهم إنا معكم إنا منهم برآء؟ أم ماذا يا (……)؟
لقد أشفقت عليك يا (……) لمّا رأيتك تنتقل من قناة لقناة، ومن جريدة لأخرى يعلوك ذلٌ وانكسارٌ لم أعهدهما عليك من قبل؛ إذ كنت قبل خيبتك مترعًا بالحيوية والنشاط، مفرود الظهر، عالى الصوت، واثق الخطى، لك ضحكة مجلجلة. هل الذى أراه عليك الآن؛ من الخجل الواضح، والعينين الزائغتين الناظرتين إلى قدميك، والتأخر فى الكلام -هل هذا ندم يا (……) على ما صنعت وربما كنت مرغمًا عليه؟ أم أنك تدرك أن الملايين يشاهدونك ويعلمون كذبك فأصابك الارتباك، وأنت تعلم أن منهم من كان يناديك بـ (يا أخ……) ومنهم من كان يناديك بـ (ياعم ……) وقد آكلتهم وشاربتهم وصاحبتهم ودخلت بيوتهم دون الناس، وقد أقرضوك، ودعموك، ووقفوا بجوارك فى يسرك وعسرك؟
ولو لم يكن ذلك خجلاً يا (……) وأنك مقتنع بما تقول وقد غيرت مبادئك وانسلخت من جلدك؛ فهل تعرضت لإصابات صحية أو انتكاسات نفسية جعلتك تبدو على هذه الصورة؛ هزيلاً كئيبًا، واهن الروح والجسد؟ ما أذكره -وقد قاطعتنى منذ وقوع الانقلاب- أنك كنت موفور الصحة، معافى، فماذا دهاك إذًا؟
تذكر يا (……) أيام كان البعض ينقد الإخوان أمامك؛ فكنت تهددهم -مازحًا- بالضرب، مدافعًا عن (إخوانك)، ذابًّا عنهم الناقدين والكارهين؟ وهل تذكر حنقك على الإعلاميين الذين يستضيفونك الآن ويحتفون بجنابك، وأنهم –حسبك اقتراحك- لا حل لهم سوى كذا وكذا؟ وهل تذكر يا (……) أنك كنت تمدح من تذمهم الآن وتصمهم بالخيانة والإرهاب؛ فكنت لا تنطق اسم أحدهم إلا مسبوقًا بكلمة (أستاذنا)؟ طبعًا نسيت كل هذا، ونسيت أيضًا حربك على المنشقين، وأنهم (ولاد ….). أقول لك: إن كنت نسيت كل هذا فإن الله لا ينساه؛ ذلك أنه يحصى كل شىء عددًا، وعنده كتابٌ لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ومن يعمل خيرًا يره، ومن يعمل شرًا يره.
كثيرون من شباب الإخوان يا (……) موجدون على جماعتهم، غاضبون من قيادتها، لكنهم لم ينزلقوا إلى فخ موالاة المجرمين؛ لأنه فخ لا يقربه العقلاء، مهما كانت الضغوط، إلا إذا كنت متورطًا فى أمر لا نعلمه يا (……)، أما غير ذلك فإنه حمق وغباء. وبعيدًا عن الإخوان والشأن السياسى يا (……)؛ أين دينك وقد كنت أجد فيك التزامًا؟ أين ما كنت تنصح به الناس؟ أو لا تذكر يا (……) أن المجالس بالأمانات؟ أو لا تذكر عقاب الذى إذا ائتُمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا خاصم فجر؟ ألا تذكر كل هذا يا (……)؟
إذًا أنت ميت يا (……)، نعم أنت من موتى الأحياء،؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون، ماتت فيك الروح، ومات فيك الضمير، وماتت فيك المروءة، وماتت فيك أخلاق وأعراف القرية التى ولدت ونشأت على ترابها. لو بقيتْ فيك ذرة من حياة يا (……) ما صافحتَ أحدًا ممن يعرفونك وأنت تعلم أنك غششتهم. لو بقيت فيك ذرة من عقل يا (……) لأخذت العظة من المساكين الذين سبقوك إلى هذا المستنقع وماذا فعل الله بهم بعد تماديهم فى الكذب والتدليس حتى اتخذهم الناس شعارًا للنفاق والرخص. إنك لم تنظر إلى كل هذا؛ دليلاً على أنك مريض مرضًا نفسيًا عضالاً أصابك باللامبالاة، وأوكلك إلى وساوس قهرية تلح عليك بأمور غريبة، مجافية للعقل، مفضية إلى هلاكك يا (……).
يا (……) ادخل على مواقع التواصل الاجتماعى، وعلى مواقع القنوات والجرائد التى استضافتك وانظر إلى حجم الإساءة إليك. إنهم لم يسموك باسمك، وإنما سموك «المنشق» وما فى هذا الاسم من نفور واشمئزاز.
سوف تلقى الكثيرين من الموالين للعسكر يمدحونك يا (……)، منهم من يقول لك يا بطل، يا قاهر الخرفان، ومنهم من يقول لك استمر يا حبيبنا نحن معك، وسوف تأتيك الدعوات والقنوات والدولارات والسفريات والشهرة.. لا تصدقهم يا (……)؛ فهؤلاء يستخدمونك، وهذا يؤلمنى والله؛ أنك تصل إلى هذا المستوى من الضياع، وقد كنت وكنت؛ غير أنك أبيت إلا أن تكون مطية لأراذل الخلق. مع العلم يا (……) أنهم لن يتركوك حتى يستغلوك لآخر رمق وحتى لا تمثل لهم شيئًا، ولن تستطيع فى يوم أن تمتنع؛ وفى النهاية سيلقونك كما أُلقى نفرٌ قبلك، وكما تُلقى قشرة الليمونة بعد عصرها فى سلة المهملات.
يسوؤنى يا (……) أن أقول لك إنك سقطت سقطة لا قيام منها؛ فإنك جمعت الخيبات كلها، وجاهرت بأركان النفاق جميعًا، وكل حالة لها مخرج إلا حالتك؛ إلا أن تتوب إلى الله توبة نصوحًا ثم تلزم بيتك مبتهلاً مستغفرًا، معتزلاً ما كنت عليه من الحمق والضلال… ونسأل الله الثبات.
أضف تعليقك