• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم عامر شماخ 

خطوات حثيثة من جانب الصهاينة ووكلائهم العرب لتفريغ غزة من أهلها، وإتمام (صفقة القرن)، وقد هُيئت الساحة للسير قُدمًا لتكرار ما جرى في حلب. فهل ينجحون في ذلك؟ أم ستكون البداية لانفضاض الاجتماع الشيطاني (العربى/الصهيونى) وانحدار الكيان الغاصب وعودة الصهاينة إلى بلدان مولدهم؟

الواقع أن التنفيذ ليس سهلًا، وغزة ليست “حلب” أو الموصل، والصهاينة يعلمون ذلك، وتجاربهم السابقة مع المقاومة تمثل ذكريات مؤلمة. من أجل ذلك فإنهم يستعينون بالعملاء؛ وهؤلاء على أتم استعداد لبقر بطون المسلمين مقابل إبقائهم على عروشهم. من ثم فإن المجاهدين في غزة يحاربون على جبهتين اثنتين؛ أخطرهما جبهة العملاء الذين سخروا إعلامهم القذر لتشويه المقاومة، كما لا تتوقف رحلاتهم المكوكية لإتمام المهمة التى كُلفوا بها، ولا أبالغ إذا قلت: إنه لو قُدر -لا سمح الله- ودخل الصهاينة غزة لساندتهم جيوش عربية، ولكانت دعمًا للعدو على إخوانهم المسلمين.

إن القصف الذى تعرض له القطاع مؤخرًا بشكل مكثف وعلى فترات متقاربة يشير إلى أن صبر القردة قد نفد، وأن جهود وكلائهم في حصار القطاع والضغط على مواطنيه وتأليبهم على حماس والمقاومة لم تأت بنتيجة، فانطلقت طائراتهم الحربية تدمر مواقع عسكرية وحيوية، وربما كان ذلك مقدمة للاعتداء على أحياء سكنية. والصهاينة لا يترددون في فعل أى محرَّم، دينيًّا أو إنسانيًّا، ما دام يصبُّ في مصلحتهم، لكنهم -مؤخرًا- باتوا يحسبونها، وهم أجبن من يدب على الأرض؛ إذ صار القصف يقابله قصف، والإيلام يعقبه إيلام مثله، ودم الغزاوى صاحب الأرض لم يعد أرخص من دم الصهيونى القادم من روسيا أو بولندا، فلا تزال الأمور على هذه الحال من الإقدام والإدبار، والهجوم والتراجع حتى ينفد صبرهم ويتولوا مهزومين.

العملاء العرب يراهنون بشدة على فكرة الحصار، بخنق القطاع معيشيًّا، وتجويعه، وتعطيل الحياة فيه، وهناك بالفعل أزمات طاحنة، وضيق وعوز يعانيه نحو مليونى غزاوى أغلقت عليهم المنافذ إلى الخارج، وأخيرًا قال لهم العملاء وبدون حياء: (فك الحصار في مقابل تفكيك السلاح)، يقصدون سلاح المقاومة. ولأن أهل غزة عركتهم التجارب وأضنتهم الحروب، وعلموا ألا عز إلا بهذه المقاومة، وأن الجوع أهون عليهم من العيش بدون رادع يكف عنهم أذى الصهاينة فلم يقبلوا بهذا العرض المزرى، كما أن في قرارتهم أن تلك خدع صادفتهم كثيرًا وقد اكتووا بنارها فهى لا تنطلى عليهم، ولن يُلدغوا من ذلك الجحر الذى لُدغ منه آباؤهم وأجدادهم.

 

وإذا كانت المهمة صعبة على الجميع؛ فإن الجديد فيها والذى ربما يسرّع وتيرة الأحداث ويقلب الموازين؛ هو ما يمكن أن نسميه (توازن الرعب)؛ فالمقاومة عودتنا مع كل أزمة استعراض جديد في مجال الردع والتسليح، وفى أحداث اليومين الماضيين أخرجوا لنا الصاروخ الذى سقط في (تل أبيب) ملقيًّا الرعب في صدور الملاعين؛ فلم تمنعه قبتهم الحديدية من المرور، ليصل إلى مدى غير متوقع، وهذا ما يفتُّ في عضد العدو الذى تلاشى أمنه، وتبدد حلم مواطنيه في العيش مطمئنين في (أرض الميعاد).

لا أحد يتمنى الحرب، لكن ماذا تفعل وقد فُرضت عليك والبادئ مجرم ظالم، سلب أرضك، واغتصب مقدساتك، وجاء اليوم ليخرج ما تبقى من أبناء بلدك ليلقى بهم في أرض التيه، يعاونه على ذلك الإجرام أبناء عمومتك؟ ومن كان عنده قدر من الرجولة تهن عليه الحياة إزاء هذه الاعتداءات. ونشهد أن شبابنا المقاوم في غزة لديهم العقيدة الراسخة التى تحتم عليهم الدفاع عن أنفسهم ومقدساتهم، ومقابلة العدوان بالعدوان، ولن يقر لهم قرار حتى يعود أبناء القردة من حيث أتوا، وهم أحرص على الموت حرص أهل الدنيا على الحياة؛ ولو كانت الحرب وجهًا لوجه فهم أسود الميدان، أحفاد خالد وأبى عبيدة وسعد، وإن كانت الهدنة سعوا إلى التحضير والتطوير، وإن كان العدو ورفاقه يعتمدون على المؤامرة وعامل الزمن فأبناء القسام وإخوانهم في المقاومة يعتمدون على الله، متسلحين بالإيمان والصبر، واثقين بوعد الله للمؤمنين، فهم في رباط دائم، مستبشرين بنصر من الله وفضل.

قد ينام أحدنا هذه الأيام ويصحو على تطورات في غزة، هكذا أُريد لأهلها، لكننا مطمئنون أن العاقبة ستكون لهم؛ فالله ناصر هذا الشعب الأبى الذى يتولى الآن الدفاع -منفردًا- نيابة عن الأمة التى ابتليت بحكام فراعين، ظالمين مستبدين، موالين للأعداء، محاربين للأولياء.. والله لا يخلف وعده، ولا ينقض عهده، ولا حول ولا قوة إلا به.

 

أضف تعليقك