بقلم: محمد عبد القدوس
وأبدأُ في شرح ما أعنيه قائلا: زمان كانت هناك أحزاب معارضة قوية مثل الوفد والتجمع، لكنها حاليا في خبر كان!، وتحولت إلى أحزاب حكومية! بل تراهم ينفون عن أنفسهم تهمة أنهم حزب معارض، إنني بالتأكيد لا أقصدهم! وأعني من كلامي تحديدًا أحزابًا ترفض الاستبداد، وكانت آخر مواقفها القوية رفض التعديلات الدستورية الأخيرة التي تعطي للسيسي الحق في أن يظل في سدة الحكم أطول فترة ممكنة، وتقوم بتوسيع سلطاته بحيث تجعله يهيمن على القضاء، وبذلك لم يعد هناك فصل بين السلطات في بلادنا.
وبدلًا من أن تدعو تلك القوى إلى مقاطعة الاستفتاء على هذه التعديلات كما فعل غيرها من الرافضين، دعت إلى المشاركة والتصويت بالرفض، وهذا ما رأيته يدخل في دنيا العجائب واعتبرته خدمة حلوة قدمها هذا الفصيل الوطني الشريف للاستبداد الذي يحكمنا!.
وإذا قلت حضرتك إن المشاركة والقول “لا” أفضل من المقاطعة التي هي موقف سلبي تمامًا، فإني أعترض على كلامك مع احترامي له لأكثر من سبب: منها أن النتيجة معروفة مقدمًا وهي الفوز بأغلبية كاسحة وليس بنتيجة معقولة، وهذا ما نراه في بلادي منذ عام 1952، فكل الاستفتاءات الخاصة برئيس الجمهورية تجد نتائجها دومًا فوق الـ90%!، وزمان كانت الخمس تسعات الشهيرة، ومع تطور العصر تراجعت قليلا.. 96% أو 95%، ومفيش نزول بالنتائج أكثر من كده!، والاستثناء الوحيد كان عند انتخاب السادات بعد وفاة عبد الناصر، حيث فاز بـ92% وربنا يرحم الجميع.
وعقب ثورة يناير شهدت مصر لأول مرة في تاريخها بعد إعلان الجمهورية انتخابات حقيقية، وكان التنافس على أشده بين المرشحين للرئاسة، وفاز الدكتور محمد مرسي بصعوبة بالغة في جولة الإعادة، وعقب استيلاء الجيش على السلطة في يوليو عام 2013، عادت “ريما لعادتها القديمة”، وفاز الرئيس الحالي باكتساح في كل انتخابات خاضها وبنسبة لا تقل عن 96% من الأصوات!، وأتوقع أن تكون نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية بهذه النسبة أيضا، ويمكن لها بالطبع أن تزيد! فإذا تراجعت فلا يمكن السماح بأقل من 95% يا بلاش!، والدولة حشدت كل إمكانياتها لهذا اليوم!، ولافتات التأييد تملأ الشوارع، وغير معقول أبدا أن يسمح بلافتة تقول “لا” ولو كانت في حارة!، ومن هذا المنطلق فإن الدعوة إلى مقاطعة هذه المهزلة سلاح فعال، وهي تقتضي عملا منظما بين الناس!، فليست بالأمر السلبي أبدا!.
وعندما تكون هناك انتخابات حرة واستفتاءات حقيقية، كما حدث بعد ثورة يناير، يبقى كلنا نشارك!، وأتمنى من ربي أن يكون ذلك قريبًا، ولا أقول مثل غيري أن هذا الأمر لن تراه إلا في المشمش! وعجائب.
أضف تعليقك