• الصلاة القادمة

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: العلامة د. يوسف القرضاوي

السؤال: في كل سنة، وعند بدء تحديد شهر رمضان، نقع في اختلاف شديد، فمنا من يؤيد وحدة المطالع، ومنا من يؤيد اختلافها. فاجتمع رأي العديد من المساجد تتزعمها منظمة إسنا (المجتمع الإسلامي لشمال أمريكا) على اختلاف المطالع، فيحدد بدء شهر رمضان في رؤية الهلال في كل قارة أمريكا.

وفي معظم الأحيان ننتظر إلى الساعة الحادية عشرة ليلا ليتم الإعلان عن بدء أو عدم بدء شهر رمضان، ونحن ملتزمون بذلك، لأن هذا رأي الأغلبية. لكن هناك شيخ جليل نحترمه يريد إتباع رأي اتحاد المطالع، ويعلن عن بدء شهر رمضان مع الدول الإسلامية في الشرق الأوسط. فتناقشنا نحن وإياه في هذا الأمر من خلال فتوى قرأناها لك عبر موقع إسلام أون لاين.نت، وهي: أن الاتحاد في البلد الواحد أمر مطلوب، فاقتنع هذا الشيخ والحمد لله نظرا لاحترامه لك ولرأيك، لكنه سألني سؤالا لم أستطع الإجابة عنه، إذ قال لي: نجتمع مع إسنا في تحديد بدء شهر رمضان، وتحديد يوم العيد، لكن ماذا عن عيد الأضحى؟ إذ إن إسنا في السنوات الماضية عيدت عيد الأضحى بعد يوم من تحديده في السعودية، حجتهم في ذلك أن السعودية تخطئ عمدا أو عن غير قصد في تحديد يوم العيد. ففي تحديد عيد الأضحى الأولى إتباع إسنا أم إتباع السعودية؟

مسلمون من مونتريال (2008)

جواب فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فمنذ فترة طويلة وأنا حريص كل الحرص على الوجود الإسلامي في الغرب؛ شريطة أن يحافظوا على جوهر شخصيتهم الإسلامية المميزة، وكم ناديت إخواننا هناك بالبعد عن الخلافات التي تدعو إلى التفرق والتشرذم، فهذه الخلافات وإن ظهرت في ديار الإسلام فينبغي أن تغيب عن الأقليات المسلمة لأنهم في حاجة إلى ما يوحدهم؛ ولهذا فكم أحب أن يتفق المسلمون في صومهم وفطرهم، وأن يتفقوا كذلك في أعيادهم (الفطر والأضحى).

ويرجع سبب الاختلاف في مثل هذه القضية إلى أمرين:

الأول: في طريقة إثبات الشهر: هل يثبت بشاهد واحد، أو بشاهدين، كما هو رأي الشافعية والحنابلة، أو لابد من جمع غفير كما هو رأي الحنفية وغيرهم. وهل يمكن أن يكون للحساب الفلكي مدخل في الإثبات أو لا؟ والحق: أن المذاهب الثلاثة (الحنفي والمالكي والشافعي) فيها أقوال ترى الأخذ بالحساب الفلكي، وإن رفض الحنابلة ذلك.

الثاني: هو إذا ثبت الهلال في بلد ما هل يلزم البلاد الأخرى؟ أو أن لكل بلد رؤيته الخاصة؟

وأحب أن أكد للإخوة أنني أفتيت منذ فترة الإخوة في مؤسسة (إسنا) في أمريكا، أن يأخذوا بالحساب الفلكي القطعي وجوبا في النفي لا في الإثبات، بمعنى: أن الحساب الفلكي إذا نفى إمكان الرؤية لم يؤخذ بشهادة الشهود ونحوها، وقد التزم الإخوة في (إسنا) بذلك.

والذي أحب أن أنبه عليه أننا إذا كنا لم نصل إلى وحدة المسلمين في العالم حول هذه الشعائر، فالواجب أن نحرص على وحدة المسلمين في كل بلد بحيث يصومون معا ويفطرون معا، بمعنى أن يتبعوا سلطتهم الشرعية، فإن مما يدمي القلب أسى وحسرة أن المسلمين في كل قطر أو بلد يفطر بعضه ويصوم بعضهم، أو يعيّد بعضهم ولا يعيّد آخرون.

ولهذا فإنني أرى أن يلتزم الإخوة في (مونتريال) بما يراه الإخوة في (إسنا) سواء في صوم رمضان ابتداء وانتهاء، وسواء في عيد الفطر أو عيد الأضحى، وليس هناك ضرورة لارتباط المسلمين في (مونتريال) أو غيرها بالسعودية بعيد الأضحى، لأن العيد فيها إنما يلزم أهلها والحجاج على أرضها، ولا يلزم هذا البلاد الأخرى التي يختلف تقويمها عن تقويم السعودية.. فقد يكون هناك خطأ أدى إلى الوقوف بعرفة في غير اليوم التاسع.

وقد نص الفقهاء من قديم على أن: الحجيج لو وقفوا عرفة في الثامن أو العاشر من ذي الحجة خطأ فحجهم صحيح إن شاء الله .

 

أضف تعليقك