أكدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن الاختلافات السياسية في السودان بدأت تبرز ليس فقط بين المحتجين والمجلس العسكري، بل داخل المجلس العسكري نفسه والمحتجين أنفسهم لتعطي انطباعا بنهاية شعر العسل الذي عاشته الثورة السودانية بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير.
ولفتت الصحيفة إلى إعلان قوى الحرية والتغيير إضرابا عاما يومي الثلاثاء والأربعاء القادمين عقب انهيار المفاوضات بينها والمجلس العسكري.
كما أشارت إلى الخلاف بين قوى التغيير والمجلس العسكري على تشكيل المجلس السيادي الانتقالي، قائلة إن أيا من الطرفين لا يريد التنازل عن أغلبية له بهذا المجلس أو رئاسته.
وذكر التقرير أن المخاطر المحدقة بالسودان لم تكن عالية المستوى كما هي الآن، وإن كثيرين يخشون انزلاقه إلى مصير ليبيا وسوريا واليمن بعد المحاولات الشعبية لتحدي الأنظمة الدكتاتورية، خاصة أن السودان بلد غير مستقر بشكل مزمن ويعاني بالفعل من حروب في دارفور وعلى طول حدوده مع جنوب السودان.
ونسب للباحث السابق في القرن الإفريقي بمجموعة الأزمات الدولية رشيد عبدي قوله "إن الوضع في السودان خطير للغاية وقد يتحول إلى صراع عنيف، ليس فقط داخل الأقاليم السودانية، ولكن داخل الجيش نفسه".
كما نسبت لقادة وخبراء في الثورة قولهم إن توقيت الهجوم على المعتصمين أمام القيادة العامة للقوات المسلحة يوم 13 مايو الجاري يشير إلى وجود معارضة داخل المجلس العسكري الانتقالي للاتفاق الذي توصل إليه المجلس مع المحتجين حول السلطات التشريعية والتنفيذية الانتقالية، وأشاروا إلى قوات الدعم السريع وجهات أخرى بتنفيذ الهجوم.
وتابع التقرير أن إطلاق النار على المحتجين وقع بعد التوصل لذلك الاتفاق بيومين وقبل ساعات فقط من إعلان الصفقة النهائية التي ألغيت لاحقا.
وقالت الصحيفة إن نائب رئيس المجلس العسكري قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو ادعى أن قواته اعتقلت الجناة، مضيفة أن دقلو حوّل قوات الدعم السريع من مليشيا لمكافحة التمرد ضد حكومة البشير إلى قوة تنافس الجيش نفسه، مما منحه نفوذا وسلطة تمكنانه من إملاء شروطه أو عرقلة التقدم في أي مفاوضات.
وقال الباحث بمعهد ريفت فالي في نيروبي مجدي الجزولي إن الدعم السريع أصبح جيشا ثانيا وإن حل الانقسام بين الجيش وهذه القوات غير ممكن حاليا دون حرب.
ونبهت الصحيفة إلى ما أسمته بالتشققات التي بدأت تظهر في صف المحتجين وقوى الحرية والتغيير مثل انحسار وجود النساء الذي كان طاغيا، قائلة إن غالبية المعتصمين حاليا من الرجال وكذلك جميع أعضاء فريق التفاوض، كما أن بعض الأقليات والشخصيات من المناطق المهمشة مثل دارفور، بدؤوا يشكون من التهميش وسط قوى الثورة.
ونقلت ما قاله الأكاديمي الدارفوري في جامعة جورج ماسون الأميركية لتحليل النزاعات وحلها أديب يوسف أنه كان يعتقد أن بداية هذه الثورة هي نهاية الاختلافات الطبقية والنخبوية السياسية، "لكن الحقيقة هي أن سكان دارفور غير ممثلين في المفاوضات، الأمر الذي يجعلني أعتقد أن هذا الحوار يجري بين الخرطوم والخرطوم لاتخاذ قرار يسري على بقية السودان".
ومع ذلك، يقول التقرير إن أهم تمزق هو الموجود وسط المحتجين بين الشباب "المتطرف" الذي يحث على اتخاذ إجراء مباشر للضغط على النظام لتسليم السلطة وزعماء الاحتجاج الأكثر حذرا.
أضف تعليقك