بقلم.. عز الدين الكومي
ها نحن قد ودعنا شهر رمضان، شهرالقرآن والتقوى والصبر والجهاد والرحمة والمغفرة والعتق من النار . فهل تحقق معنى التقوى في نفوسنا ؟!
إذا كنا استفدنا من رمضان ، وتحققت فينا صفات المتقين فيجب أن نحذرمن أن نكون كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، فنعود لمقارفة المعاصى والذنوب بعد رمضان. لأن العبادة ليست في شهر رمضان فقط ، ولكن كما قال الله تعالى:{ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}،99 سورة الحجر.
فيجب أن يداوم العبد على طاعة الله , ثابت على شرعه , مستقيم على دينه ,لأن ربّ رمضان هو ربّ بقية الشهور والأيام كما قال تعالى : { فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَك.. } هود 112.
علينا بالإكثار من الاستغفار … فإنه ختام الأعمال الصالحة , ( كالصلاة , والحج , والمجالس ) , وكذلك يُختم الصيامُ بكثرة الأستغفار .
وقد كتب “عمر بن عبد العزيز” إلى الأمصار : يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار والصدقة وقال :
قولوا كما قال أبوكم آدم{ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} الأعراف(23).
وأن تكثر من شكر الله تعالى الذى وفقنا لصيامه , وقيامه.
فإن الله عز وجل قال في آخر آية الصيام { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون } البقرة 185 .
إن الفائزين في رمضان ,هم الذين صاموا نهارهم , وقاموا ليلهم , ما تركوا باباً من أبواب الخير إلا ولجوه , ولكنهم مع ذلك , قلوبهم وجله وخائفة!!
لا يدرون هل قُبلت أعمالهم أم لم تقُبل ؟ وهل كانت خالصة لوجه الله أم لا ؟
فلقد كان السلف رضوان الله عليهم يعملون العمل ويخشون عدم قبوله، كما قال الله تعالى :
{ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ } المؤمنون 60 .
وقال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – : كونوا لقبول العمل أشد أهتماماً من العمل , ألم تسمعوا قول الله عز وجل : { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين} . (المائدة:27) َ
فلقد كان السلف الصالح يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان , ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم
ومن علامات قبول العمل :
الإتيان بالحسنة بعد الحسنة ، فإذا رضى الله عن العبد وفقه إلى عمل الطاعة وترك المعصية، يقول الإمام النووى رحمه الله: الحسنة تنادى أختها.
والتوبة من الذنوب الماضية من أعظم العلامات الدالة على رضى الله تعالى .
والخوف من عدم قبول الأعمال في هذا الشهر الكريم.
أما الخاسر الأكبر المحروم ،الذى قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم عندما صعد المنبر وقال : «آمين ، آمين ، آمين»
قيل : يا رسول الله! إنك صعدت المنبر فقلت : آمين ، آمين ، آمين . فقال : «إن جبريل عليه السلام أتاني فقال : من أدرك شهر رمضان ، فلم يغفر له ، فدخل النار ؛ فأبعده الله ، قل : آمين ، فقلت : آمين ، ومن أدرك أبويه أو أحدهما ، فلم يبرهما ، فمات ، فدخل النار ؛ فأبعده الله ، قل : آمين . فقلت : آمين ، ومن ذكرت عنده ، فلم يصل عليك ، فمات ، فدخل النار ؛ فأبعده الله ، قل : آمين . فقلت : آمين» .
لأن الله تعالى يتقبل من المتقين كما قال سبحانه:{ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}المائدة27.
وفى الحديث عن فضالة بن عبيد قال: “لئن أكون أعلم أن الله قد تقبل مني مثقال حبة من خردل أحب إليّ من الدنيا وما فيها؛ لأن الله يقول: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ، وقال آخر: لو أعلم أن الله تقبل مني ركعتين لا أهتم بعده؛ لأنه يقول إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ.
ويجب أن لا ننسى، أن الاستمرار في الطاعة والعبادة سبب لحسن الخاتمة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله قبل موته) قالوا: يا رسول الله وكيف يستعمله؟ قال: (يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه) .
وأخيراً وليس آخراً، يامن أعتقك الله من النار بصيامك وقيامك وطاعتك، إياك أن تعود إليها بعد أن صرت حراً من رق الذنوب والمعاصى!!
أضف تعليقك