• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: مصطفى عبدالسلام 

على مدى نحو 2200 يوم، هي فترة سجنه في قضايا ملفقة وظالمة وواهية وكيدية، راح خصوم الدكتور محمد مرسي يفتشون في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بحياته منذ نعومة أظافره لعلهم يجدون ما يدينه ماليا وأخلاقيا ففشلوا فشلا ذريعا.

راحوا يقلبون في أوراق فترة حكمه القصيرة التي دامت 365 يوما فقط وانتهت على يد انقلاب دموي في يوليو 2013 فلم يجدوا إلا صفحة نظيفة ناصعة البياض.

صفحة تقول إن مرسي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، ما سرق، وما نهب، وما فرط في أرض البلاد، أو أصل من أصول الدولة، ولا تنازل عن تيران وصنافير للسعودية، ولا اعتدى على عرض، ولا سحق الفقراء بالغاء الدعم وزيادات قياسية في أسعار الكهرباء والمياة والوقود.

وما ارتكب جرائم مالية وعمليات نهب للمال العام كما فعل الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي أدانته محكمة النقض في قضية فساد مالي شهيرة هي قضية القصور الرئاسية، ولا تزال محاكم الجنايات المصرية تحاكم نجليه علاء وجمال مبارك في قضية البورصة الشهيرة.

حاولوا منذ يوليو/تموز 2013 إيجاد أي ثغرة أو حتى شبهة لمحاكمة محمد مرسى على قضايا فساد مالي واعتداء على المال العام وفشلوا رغم أنهم يغضون الطرف عن محاسبة مبارك على جرائم مالية عدة منها تهريب مئات الملايين من الدولارات، وما يعادل 700 مليون فرنك، إلى حسابات سرية في البنوك السويسرية خلال فترة حكمه التي دامت 30 عاما.

ولم تتم محاسبة مبارك كذلك عن الملايين الأخرى التي هرّبها للخارج لشراء عقارات في لندن وباريس وبرلين وغيرها من العواصم الأوروبية، أو محاكمته عن تأسيس نجليه شركات أوف شور في جزر البهاماز والمحيط الهادئ وغيرها من الملاذات الضريبية الآمنة "للبزنسة" في ديون مصر الخارجية، وبيع شركات قطاع الأعمال العام التابعة للدولة، ومساعدة رجال أعمال فسدة على إنجاز أعمالهم غير المشروعة.

ولم تفتح السلطات المصرية الحالية تحقيقا في الجرائم المالية التي ارتكبت في عهد مبارك والتي سردت "أوراق بنما" الشهيرة جانبا منها، وكشفت عن أن بريطانيا وفرت حماية لثروة عائلة الرئيس المخلوع مبارك بعد تنحيه عن الرئاسة في فبراير/شباط 2011، أي فى أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني مباشرة، وأن السلطات السويسرية جمدت أصول 12 فردا من عائلة مبارك بعد إعلان التنحي إضافة إلى رجال النظام وزوجاتهم.

وخلال محاكمات متتالية وظالمة امتدت لنحو 6 سنوات، لم يستطع أحد من قاتلي الدكتور مرسي أن يثبت أن الرجل سرق جنيها واحدا من المال العام خلال فترة حكمه القصيرة؛ أو أنه تلقى عمولة قيمتها ملايين الدولارات عن صفقة أسلحة وطيران تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.

لم يزعم أشد خصومه أنه ساعد عصابات دولية في إدخال قمح وذرة وزيوت ولحوم فاسدة وأغذية منتهية الصلاحية للبلاد لتصيب أكباد ومعدات وأجساد المصريين بأمراض السرطان وغيرها؛ علما بأن هذه العمولات ضخمة إذ إن مصر تعد أكبر مستورد للقمح والغذاء في العالم.

لم يستطع أحد من قاتليه حتى أن يزعم أن مرسي قام بتهريب دولار واحد من أموال الدولة أو أمواله، إن كان لديه مال، للخارج، في الوقت الذي تتغاضى فيه الحكومة حاليا عن متابعة ملف الأموال المصرية المهربة إلى الخارج خلال فترة مبارك وملاحقة مليارات الدولارات التي تم تهريبها من قبل رموز نظام مبارك واعترفت بنوك سويسرا بوجودها وطلبت من السلطات المصرية تقديم دليل إدانة لهؤلاء حتى يصار إلى إعادة هذه الأموال لمصر.

محاكمات متتالية وظالمة لمدة 6 سنوات ولم يستطع أحد من قاتلي د. محمد مرسي إثبات أن للرجل حسابا سريا في البنوك السويسرية، أو أن له حسابا في البنوك المصرية متخما بملايين الجنيهات، كيف ذلك والرجل تنازل عن راتبه الرئاسي وكان يسكن هو وأسرته في بيت صغير بالإيجار في القاهرة الجديدة ورفض الإقامة في القصور الرئاسية وما أكثرها.

لم يستطيعوا الحصول على دليل واحد أو حتى مراسلة بأنه يمتلك عقارا في أوروبا أو جزر البهاماز كما يمتلك مبارك ورموز نظامه؛ أو أنه تلقى هدايا ثمينة من رجال أعمال ومليارديرات فسدة؛ أو أنه ربح ملايين الدولارات من العمولات والسمسرة في ديون وشركات وأراضي مصر التي كان يتم توزيعها بملايين الأمتار على المستثمرين المقربين.

لم يستطع أحد من ألد خصومه أن يثبت، أو حتى يدعي، تلقي مرسي منحة من حاكم عربي أو خليجي حاول شراء مواقف مصر الخارجية أو التأثير على قرارات مصر المصيرية وشراء جزء من أراضيها، أو أنه تلقى هبة سخية دخلت حسابه المصرفي في الخارج مباشرة دون المرور على البنوك المصرية؛ أو أنه أعطى تعليمات لمدير بنك حكومي بمنح قروض بمليارات الجنيهات لأحد معارفه وبطانته بلا ضمانات كافية أو حتى بلا ضمانات من الأصل، أو أنه أعطى تعليمات لرئيس جهاز إحدى المدن العمرانية الجديدة بمنح قطعة أرض لأحد أقاربه، أو أنه طلب من وزير تعيين أحد أبنائه في منصب اقتصادي مهم.

محاكمات متتالية وظالمة لمدة 6 سنوات ولم يستطع أحد من قاتلي د. محمد مرسى أن يثبت، أو حتى يزعم، أن الرجل أرتشى أو أعطى تعليمات ببيع إحدى شركات قطاع الأعمال العام لأحد ممولي حملته الانتخابية، أو باع بنكا تابعا للدولة بالأمر المباشر، أو رخص مشروعا بالمخالفة للقانون.

دكتور محمد مرسي، ما سرقت، ولا نهبت، وما خنت الأمانة، ولا فرّطت في شبر من تراب الوطن وأرض مصر الغالية، ولا تنازلت عن حقول غاز مصر في المياه الإقليمية لأعداء البلاد، ولا ارتشيت، ولا طبّعت اقتصاديا مع الكيان الصهيوني، لم يثبت أحد من خصومك السياسيين أنك قتلت مصريا أو سجنت سياسيا أو صحافيا أو صاحب رأي. لم تفرط في أرض، ولم تتنازل عن شبر من تراب الوطن، أو تعتد على عرض.

جريمتك من وجهة نظر أعدائك وخصومك السياسيين هي أنك حاولت أن يكون لمصر استقلالها الاقتصادي والمالي والغذائي وقبلها استقلالها السياسي، وأن تنتج مصر غذاءها ودواءها وأسلحتها، أن يعود لمصر مكانتها الدولية وألا تخضع البلاد لإملاءات كبار الدائنين وابتزاز صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات المالية التي باتت تتحكم في القرار الاقتصادي للدول.

لكن كان للثورة المضادة ورجال الأعمال الفسدة والأنظمة القمعية العربية رأي آخر، فراحوا يمولون انقلابا عسكريا ضدك ليطيحوا بأحلام المصريين في العيش في حرية وكرامة وعدالة اجتماعية، وهي نفس الشعارات التي رفعتها ثورة 25 يناير.

أضف تعليقك