• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

حالة من القلق ترتاب نظام الانقلاب في مصر، بعد هجوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على السفاح المنقلب عبد الفتاح السيسي، عقب وفاة الرئيس الشهيد محمد مرسي.

وقال أردوغان إن الرئيس محمد مرسي، الذي توفي الإثنين الماضي خلال إحدى جلسات محاكمته، لم يمت بشكل طبيعي لكنه قُتل، مع مطالبته بمحاكمة نظام الانقلاب أمام المحاكم الدولية، من دون أن يكشف عن خارطة الطريق التي من الممكن أن تتبعها أنقرة أو تقود فيها جهود الحقوقيين المهتمين بهذا الملف.

وأمس الخميس، شن أردوغان، هجوما جديدا على نظام الانقلاب، وقال إن "المدعو السيسي ظالم وليس ديمقراطياً، ولم يصل إلى الحكم بالطرق الديمقراطية".

وأضاف "لن نسكت إزاء وفاة رئيس انتخبه الشعب المصري بنسبة 52 % من الأصوات، حتى وإن لزم الصمت أولئك الذين يعملون على تلقيننا دروساً في الحق والقانون والحرية".

وأردف أن "التصريحات الصادرة عن الانقلابيين في مصر بخصوص وفاة محمد مرسي، لم تطمئن الشعب المصري ووجدان الرأي العام".

وحول التقرير الأممي بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، قال أردوغان إن "الأمم المتحدة وجدت أن الموقف التركي حيال جريمة قتل خاشقجي على حق، وآمل أن تتناول وفاة مرسي المشبوهة".

وأضاف "لم نرض بنسيان جريمة قتل المرحوم جمال خاشقجي، وكذلك سنفعل حيال مأساة محمد مرسي"، موضحا "لن نظل صامتين حيال وفاة مرسي في محكمة انقلابية، كما يصمت أولئك الذين يدعون الحق والقانون والحرية، وسنسعى بكامل طاقتنا لكشف ملابسات وفاة مرسي".

ورأى أن "تضييق النظام الانقلابي في مصر على وسائل الإعلام، زاد من الشكوك حول أسباب وكيفية وفاة مرسي".

وقبل أن يصدر عن أردوغان هذا التصريح، وجهت مخابرات الانقلاب المتحكمة في وسائل الإعلام والأحزاب السياسية تعليماتها لإدارات تلك الكيانات لتشديد الهجوم الإعلامي على تركيا.

وحاول كل كيان التبرع بمزيد من الهجوم على طريقته الخاصة، فدعت بعض الأحزاب الموالية للنظام، مثل "المصريين الأحرار"، إلى مقاطعة البضائع التركية، فيما اكتفى حزب "مستقبل وطن"، المدعوم من السلطة والذي تولى الدور الأساسي في الترويج للتعديلات الدستورية الأخيرة، بشجب تصريحات أردوغان ووصفه بـ"الديكتاتور وقاتل معارضيه".

ومن جهته، أكد مصدر دبلوماسي في ديوان الخارجية، أن انزعاج سلطات الانقلاب الواضح من تصريحات أردوغان الأخيرة سببه التخوف من أن يأخذ الرئيس التركي على عاتقه مهمة الحشد السياسي والأممي لإنشاء لجنة تحقيق مستقلة، تابعة للأمم المتحدة، في ظروف وفاة مرسي، لإثبات أنه تعرض لظروف قاسية، ولم يحصل على الرعاية الصحية الملائمة أو التواصل مع أسرته وأطبائه ومحاميه خلال فترة حبسه.

وأضاف المصدر أن الدعوة إلى تشكيل لجنة تحقيق تبدو خافتة حتى الآن، لكن أردوغان قادر على الحشد لها من خلال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أو مجلس حقوق الإنسان الأممي الذي تشغل عضويته حالياً دول يمكن الرهان عليها لتكوين رأي عام مؤيد لفكرة التحقيق المستقل، علماً أن مصر تشغل حالياً عضوية هذا المجلس، الذي يضم كذلك الولايات المتحدة.

كما أن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان كان قد سبق وطالب بندب لجنة تحقيق مستقلة لهذا الغرض على غرار ما حدث في قضية مقتل خاشقجي، الأمر الذي يخشى نظام السيسي من أن يؤدي بدء التحقيق فيه، وبغض النظر عن نتائجه، لإحراج مضاعف للنظام أمام شركائه الدوليين بما في ذلك واشنطن والعواصم الأوروبية.

وأوضح المصدر أنه من شبه المستحيل اتخاذ إجراءات محاكمة دولية للمتسببين في وفاة مرسي إلا إذا استطاعت الدول المناهضة لنظام الانقلاب والمنظمات الحقوقية الكبرى، وعلى رأسها "العفو الدولية"، حشد تأييد دولي لندب لجنة تحقيق مستقلة أولاً، وخصوصاً أن حادث الوفاة لا يمكن أن يكون سبباً لاستصدار قرار استثنائي من مجلس الأمن بإنشاء محكمة خاصة على غرار حادث اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، أو حتى إحالة الواقعة للمحكمة الجنائية الدولية نظراً لعدم توافر شروط الاختصاص في هذه الواقعة.

وفي السياق، قال مصدر قانوني مصري، سبق وعمل في بعض القضايا الدولية التي كانت الحكومة المصرية طرفاً فيها، إن سلوك الطرق الأممية للتحقيق في وقائع لا تحمل في ظاهرها إمارات الجرائم، يشترط أمرين اثنين: الأول حشد سياسي كبير ومحاولة للضغط والاتصال بدوائر سياسية وحقوقية عديدة في الدول الغربية الكبرى، والأمر الثاني جمع عدد كبير من الأدلة والقرائن، التي حتى وإن فشلت في إثبات الجريمة فإنها من الممكن أن تؤدي لصدور تقارير حادة ومحرجة للدول المتورطة أو الأنظمة المشتبه في تورطها.

وأضاف المصدر أن نظام الأمم المتحدة، الذي أتاح تكوين لجنة تحقيق مستقلة في واقعة قتل خاشقجي، يمكن أن يُنتج بمزيد من العمل لجنة للتحقيق في وفاة مرسي وفي الظروف الصحية والإنسانية الصعبة في السجون المصرية، لكنه أيضاً يغل يد الأمين العام للأمم المتحدة، فلا يجعله قادراً على نحو منفرد بإحالة التحقيق إلى المحاكمة العاجلة، بل يجب أن يحصل أولاً على تفويض من هيئة أممية، كمجلس الأمن أو الجمعية العامة.

وأكد المصدر القانوني أنه في مثل حالة وفاة مرسي فإن العمل الأكثر إيجابية وإفادة هو ضرورة العمل على صدور تقارير، واضحة ومدعمة بالأدلة والصور والشهادات من المجموعات الحقوقية المستقلة التي لها علاقات وطيدة بالأمم المتحدة، والأفضل لو كانت صادرة عن تجمع من تلك المجموعات والمنظمات، بحيث تكون هناك إدانة واضحة للممارسات التي أدت لوفاة مرسي وفضح للتصرفات الحكومية المصرية وإحراج للنظام، وقد تؤدي لضغوط لتغيير واقع السجون المصرية، من دون الدخول في طرق شبه مسدودة للمساءلة الرسمية.

ورصدت منظمات حقوقية عديدة، مهتمة بأوضاع السجون المصرية، زيادة ضخمة في أعداد المحتجزين الذين توفوا في السجون منذ انقلاب يوليو 2013، ليبلغ عددهم 825 حالة، وفقاً لإحصاء أعلنته منظمة "من أجل العدالة" التي يديرها المحامي المصري أحمد مفرح، في مارس الماضي.

أضف تعليقك