• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

أصدر السفاح عبد الفتاح السيسي قرارا بضم ممثل للمخابرات وآخر عن الرقابة الإدارية إلى اللجنة المشكلة منذ 2017 لمتابعة ودراسة المشاريع الحكومية المتعثر إنهاؤها، والمرغوب حالياً في إعادة استثمارها وتسويقها، بالتعاون مع الأجهزة السيادية، كالجيش والمخابرات والرقابة.

ومن شأن هذه الخطوة إزاحة الأجهزة الحكومية عن اختصاصها الأصلي في مباشرة المشاريع ذات الصفة القومية، والتعاقد بشأنها مع القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب، وغيرها من الجهات داخل وخارج مصر، وإسناد هذه الملفات إلى دائرة السيسي الخاصة، المكونة من المخابرات العامة والرقابة الإدارية.

ويدير جهاز المخابرات صديق السيسي ومدير مكتبه السابق عباس كامل ويشارك في إدارته حالياً نجله الضابط محمود، فيما يدير الرقابة الإدارية الضابط في الجيش شريف سيف الدين، ويشارك في إدارتها نجل السيسي الآخر الضابط مصطفى.

وكانت هذه اللجنة قد شكلت برئاسة رئيس وزراء الانقلاب الأسبق إبراهيم محلب، باعتباره مساعدا للسيسي لشئون المشاريع القومية والإستراتيجية، وباشرت مهام عملها لفترة وجيزة ثم جُمدت عملياً بسبب سوء حالته الصحية، حسب ما كشف مصدر مطلع على أعمال اللجنة، فضلاً عن اختلاف الهدف المراد منها في نظر السيسي ودائرته عما كان يتصور محلب أنه مكلف بتفعيله.

فمحلب الذي كان قبل دخوله الحكومة عقب انقلاب 3 يوليو 2013 رئيساً لأكبر شركة مقاولات حكومية "المقاولون العرب"، كان يتصور أن الهدف من هذه اللجنة هو إحياء المشاريع القومية الحكومية، وتحسين أدائها، وتطويرها بالتعاون مع الجيش، الذي كان ممثلاً في اللجنة بكل من رئيس المكتب الاستشاري بالكلية الفنية العسكرية، ومساعد وزير الدفاع للشئون القانونية للأراضي والمشاريع. والأخير منصب جديد تم استحداثه في 2016 في الجيش ليصبح مفوضا من الوزير وهيئات الجيش المختلفة في التعامل القانوني مع الحكومة، لمجاراة الزيادة الضخمة في عدد المشاريع والأراضي التي انتقلت ملكيتها من الحكومة والقطاع العام إلى الجيش بقرارات السيسي المتتابعة، بشأن نقل تبعية الأراضي الصحراوية والمحيطة بالطرق والكباري واستثمارها بواسطة جهاز الخدمة الوطنية التابع للجيش.

وتبين، بمرور الوقت، بحسب مصدر حكومي تحدث لصحيفة العربي الجديد، أن الهدف من تشكيل اللجنة هو منح الجيش والأجهزة السيادية، التي دخلت على خط الاستثمارات والمشاريع الهادفة للربح، كالمخابرات العامة والرقابة الإدارية ووزارة الداخلية، أفضلية على حساب الوزارات المعنية بالمشاريع القومية، للسيطرة عليها، وإعادة التعاقد بشأنها وإعادة هيكلتها بما يتماشى مع الاتجاه الجديد للنظام، لإضعاف الأداء الحكومي المدني وتقييد سلطات الوزراء وفرض رقابة من أجهزة مختلفة عليهم، وتعظيم الاعتماد على تلك الأجهزة ذات الطابع النظامي.

وأضاف المصدر أن هذه الرؤية تجلت في أنه مقابل ضم ممثلي المخابرات والرقابة الإدارية إلى هذه اللجنة، فقد تم تخفيض عدد ممثلي الجهات الحكومية المدنية إلى شخصين اثنين فقط، هما ممثل لوزارة التخطيط وآخر عن الوزارة أو المحافظة التي يدخل المشروع، محل الدراسة أو إعادة الهيكلة، في نطاق عملها. واستبعد القرار الأخير ممثلي أجهزة الدولة المتعاقدة والمسئولة عن تنفيذ تلك المشاريع، ما يعني ضمنياً وواقعياً إسناد التعاقدات والتنفيذ إلى الجيش أو المخابرات أو الرقابة.

وتضم هذه اللجنة، إلى جانب الممثلين المباشرين للجهات النظامية الثلاث، كلاً من رئيس وزراء الانقلاب السابق شريف إسماعيل، الذي حل بدلاً من محلب في كل اللجان الرئاسية، ومستشار السيسي لشئون مكافحة الفساد اللواء محمد عمر هيبة، ومستشار السيسي لشئون التخطيط العمراني اللواء أمير سيد أحمد، وممثلين لرئاسة الانقلاب.

وذكر المصدر أن السبب المباشر وراء إعادة تشكيل اللجنة الآن هو استغلال الأفضلية التي منحها السيسي للجيش والمخابرات والرقابة الإدارية في قانون التعاقدات الحكومية، الذي صدر في أكتوبر 2018، ودخل حيز التنفيذ في نوفمبر من العام نفسه، والذي يسمح لكل من وزارات الدفاع والإنتاج الحربي والداخلية، وأجهزتها جميعاً، في "حالات الضرورة التي يقتضيها الأمن القومي" التعاقد بطريقة المناقصة المحدودة، أو المناقصة على مرحلتين، أو الممارسة المحدودة أو الاتفاق المباشر. ويعتبر هذا النص تكريساً وتقنيناً لوضع غير دستوري قائم على التمييز الإيجابي لتلك الوزارات وأجهزتها على باقي الوزارات والشركات، وخصوصاً أن تعبير "الأمن القومي" يبلغ من الاتساع ما يُمكن كل وزارة من تفسيره كما تشاء، وما يضمن لها أن تُدرج تحته كل تعاقداتها. علماً أن المشروع يضمن "سرية استثنائية" لخطط البيع والشراء المندرجة تحت اعتبار "الأمن القومي" بعدم نشر أي معلومات عنها على بوابة الخدمات الحكومية الإلكترونية.

وأوضح المصدر أنه بسبب تضمن القانون مواد تسمح للمرة الأولى بتعاقد جميع الهيئات والإدارات الحكومية مع بعضها البعض، بالأمر المباشر، دون إتباع المناقصات أو المزايدات، أو حتى الممارسات المحدودة، فإن هذا يتيح أفضلية استثنائية لأجهزة الجيش والمخابرات والرقابة التي تمارس أنشطة هندسية وتجارية، للسيطرة على المشاريع الحكومية المختلفة، من دون منافسة من رجال الأعمال والشركات المحلية والأجنبية. وكشف المصدر عن اتجاه النظام إلى "عقد شراكات جديدة بين الأجهزة التابعة لتلك الجهات النظامية، وصندوق مصر السيادي، الذي صدر قانون بإنشائه في أغسطس 2018، لاستثمار الأصول غير المستغلة، ونقلها من مجال المال العام إلى مجال المال الخاص بالدولة القابل للاستثمار بالبيع أو التأجير"، والذي لم ينجح حتى الآن في عقد اتفاقات طويلة الأجل مع مستثمرين عرب أو غربيين. وأشار إلى أن "المشاريع القومية المتعثرة، أو المهملة، أو حتى الناجحة، يمكن نقل مسؤوليتها إلى هذه الشراكات الجديدة، من خلال عمل اللجنة نفسها، والاستفادة من المادة 19 من قانون الصندوق السيادي التي تنص على إعفاء المعاملات البينية للصندوق والكيانات المملوكة له من الضرائب والرسوم، باستثناء توزيعات الأرباح".

 

أضف تعليقك