بعد 6 سنوات مرت على الانقلاب العسكري على الشرعية والرئيس والإرادة الشعبية، وكانت تلك السنوات الأسوأ والأخطر في تاريخ الشعب المصري، كما كانت البداية الحقيقية للخراب الذي بدأ ولا يدري أحد متى يتوقف.
وبعد تلك السنوات أدرك المصريون أن ما حدث كان انقلابا على إرادتهم واستهانة برأيهم ووأدا لحريتهم التي اقتنصوها من بين أيدي نظام المخلوع حسني مبارك عقب 30 عاما من القهر.
واللافت أن الشعب المصري يعيش غضبة شعبية غير مسبوقة بسبب الارتفاع المستمر في الأسعار والانخفاض المتواصل لكرامة الشعب المصري، ويشعر بملامح الخراب الذي أصاب مصر في تلك السنوات العجاف، وخاصة بعد الزيادة الخامسة لأسعار الوقود وليست الأخيرة كما قال خبراء.
ولا يزال الرئيس الشهيد محمد مرسي يتربع على قلوب المصريين ولسان حالهم "ولا يوم من أيامك يامرسي"، كأول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد الرئيس محمد مرسي، والذي أعقب الانقلاب عليه تردي أوضاع العمال وتشريد الآلآف منهم وسن قوانين تهضم حقوقهم وتسمح باعتقالهم حال مطالبتهم بتحسين أوضاعهم، كنموذج من طوائف الشعب.
ففي خلال كلمته، في عيد العمال عام 2013، قال الرئيس مرسي: "انتهى عصر بيع القطاع العام.. انتهي عصر تسريح أحد من عمال مصر.. ننهض معا بسواعد كل عمال مصر.. انتم الشركاء لعمل تنمية حقيقية في مصر.. عايزين نمتلك إرادتنا بالانتاج.. لازم ننتج غذاءنا ودواءنا وسلاحنا، ولن نستطع إنتاج كل هذا بدون العامل المصري وفي المقدمة مصنع الحديد والصلب.. أؤكد أن الارادة السياسية معاكم”، وشهدت رواتب ومعاشات المصريين طفرة كبيرة عقب ثورة يناير وخلال حكم الرئيس مرسي.
إلا أن الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 جاء وانقلب علي مكتسبات عمال مصر؛ الامر الذي تجلي في زيادة معاناة عمال مصر ووصول نسبة إحتجاجاتهم إلى 70% مقارنة بالفئات الاخري، حيث بلغ عدد الاحتجاجات العمالية خلال الفترة من 2014 وحتي 2017 حوالي 4378 احتجاجا، وتنوعت مواجهة سلطات الانقلاب لهم بين تعديل القوانين، والمواجهة الأمنية، واستخدام القضاء لتصفية احتجاجاتهم، والموجهة العسكرية بالاقتحام والمحاكمات.
وقد بلغ عدد المصانع المغلقة عام 2014 نحو 8222 مصنعا وتضاعف الرقم بعد ذلك بسبب قيود الاستيراد وتضاعف أسعار المواد الخام، وزاد عدد الاحتجاجات من 1400 احتجاج عام 2011 إلى 1655 بحسب تقرير الاحتجاجات العمالية لعام 2014، كان أبرزها اعتصام عمال شركة الحديد والصلب، وإضراب عمال شركات قطاع الغزل والنسيج ، وإضراب عمال هيئة النقل العام بالقاهرة الكبرى ، وإضراب عمال هيئة البريد ، وإضراب العاملين بمكاتب الشهر العقاري، واعتصام عمال الشركات المخصخصة (عمال طنطا للكتان وغزل شبين والمراجل البخارية)، والمتوقفة (عمال وبريات سمنود والنصر للسيارات) ، بالاضافة الي إضراب عمال هيئة النقل العام بالإسكندرية واعتصام عمال مجمع الألمونيوم.
كما بلغت الاحتجاجات نحو 744 احتجاجا في عام واحد، وكان أعنف التعامل معها ما حدث مع اعتصام عمال الترسانة البحرية بالأسكندرية 2016، للمطالبة بصرف الأرباح المتأخرة وتطبيق الحد الأدنى للأجور، وإقالة رئيس الشركة، وزيادة إجراءات الأمن، وتشغيل الورش التي توقفت بسبب عدم توافر خامات إنتاج له، حيث تمت المحاكمة العسكرية لـ 26 منهم ومساومتهم على الاستقالة لإسقاط التهم الموجهة إليهم، وأسفر تعامل سلطات الانقلاب مع باقي الاحتجاجات في تلك الفترة عن اعتقال 186عاملا ومحاكمتهم، وفصل 2691 عاملا.
وفي المجال الاقتصادي والمعيشي، شهدت فترة حكم الرئيس محمد مرسي، استقرار أسعار الوقود والسلع الأساسية، ولم ترتفع أسعار الوقود، حيث ظلت أسعار المواد البترولية كما كانت في عهد المخلوع مبارك، وكان سعر ”بنزين 95″ بـ275 قرشا، و“بنزين 92” بـ185 قرشا، و“بنزين 90 – أوكتين” بـ175 قرشا، والسولار بـ105 قروش.
لكن الوضع تغير تماما عقب الانقلاب العسكري الدموي في 3 يوليو 2013، وجاءت أول زيادة في أسعار المواد البترولية عقب استيلاء المنقلب عبد الفتاح السيسي على كرسي الرئاسة في 5 يوليو عام 2014، وجاء الارتفاع بنسب تصل إلى 78%، حيث ارتفع سعر الغاز الطبيعي للسيارات إلى 1.10 جنيه للمتر من 0.40 جنيه، أي بزيادة نسبتها 175%، وأصبح حينها سعر البنزين “92أوكتين” 2.60 جنيه للتر بزيادة 40% عن السعر السابق 1.85 جنيه، وسعر البنزين “80 أوكتين” إلى 1.60 جنيه للتر، بزيادة 78% عن السعر السابق 0.90 جنيه، وعن السولار زاد إلى 1.80 جنيه للتر، بدلا من 1.10 جنيه، أي بزيادة 63 %.
وظل سيناريو الزيادات في أسعار الوقود مستمرا مع عصابة الانقلاب، حتى الإعلان عن آخر زيادة يوم السبت 16 يونيو 2018، حيث زاد سعر لتر بنزين 92 ليبلغ 6.75 جنيهات، بدلا من 5، وارتفع سعر لتر بنزين 80 ليصل إلى 5.5 جنيهات للتر بدلا من 3.65، وسعر لتر السولار ليبلغ 5.5 جنيهات بدلا من 3.65، وارتفع سعر متر الغاز المكعب للسيارات من 2.75 جنيه بدلا من جنيهين، كما ارتفع سعر بنزين 95 إلى 7.75 جنيهات للتر بدلا من 6.6 جنيهات، وارتفع سعر أسطوانة البوتاجاز إلى 50 جنيها بدلا من 30 جنيها، فيما ارتفع سعر أسطوانة البوتاجاز التجارية لتصل إلى 100 جنيه بدلا من 60 جنيها.
وشملت القرارات الكارثية لعصابة الانقلاب أيضا تعويم سعر الجنيه، والذي كان أحد أسباب الارتفاع الجنوني في أسعار كافة السلع والخدمات بالسوق المحلية؛ الأمر الذي تسبب في زيادة معدلات الفقر والبطالة، كما شملت الإجراءات الانقلابية زيادة أسعار السلع التموينية مصحوبة بسوء المنتجات؛ وذلك بخلاف ما كان خلال عهد وزير التموين باسم عودة.
أضف تعليقك