بقلم: أشرف دوابة
شهد صباح الجمعة الماضي صدور قرار مجلس الوزراء المصري برفع أسعار الوقود بنسب تتراوح بين 16 و30%، كمرحلة أخيرة من رفع دعم الوقود قبل تحريره نهائيا، وتطبيق آلية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية كافة بداية من الربع الأخير من العام الجاري، من خلال ربط أسعار المواد البترولية بالأسعار العالمية لخام برنت وسعر صرف الدولار، مع مراجعة الأسعار بصورة ربع سنوية على ألا تتجاوز نسبة التغيير في سعر البيع للمستهلك ارتفاعا وانخفاضا عن 10% من السعر الحالي.
وبحسب تصريحات مسؤول بوزارة البترول لوكالة رويترز، فإن الأسعار الجديدة للبنزين في مصر تعادل التكلفة الفعلية حاليا. ولا تزال الحكومة تتحمل دعم اسطوانات البوتاغاز والمواد البترولية المقدمة للمخابز ومحطات الكهرباء.
ارتفاع مستمر للأسعار
وقد ارتفع سعر بنزين 95 إلى 9 جنيهات للتر، مقارنة بـ 7.75 جنيهات العام الماضي، و5.85 جنيهات قبل الإنقلاب بنسبة ارتفاع 54% منذ الإنقلاب، وارتفع بنزين 92 إلى 8 جنيهات للتر، مقارنة بـ 6.75 جنيهات العام الماضي و1.85 جنيها قبل الإنقلاب بنسبة ارتفاع 332% منذ الإنقلاب، وارتفع بنزين 80 إلى 6.75 جنيهات للتر، مقارنة بـ 5.50 جنيهات العام الماضي و90 قرشا قبل الإنقلاب بنسبة ارتفاع 650% منذ الإنقلاب، كما ارتفع سعر السولار إلى 6.75 جنيهات، مقارنة بـ 5.50 جنيهات العام الماضي و1.10 جنيها قبل الإنقلاب بنسبة ارتفاع 514%، منذ الإنقلاب، وارتفع سعر أسطوانات غاز الطهي (البوتاغاز) للاستخدام المنزلي إلى 65 جنيها للإسطوانة مقارنة بـ 50 جنيها في العام الماضي و8 جنيهات قبل الإنقلاب بنسبة ارتفاع 713% منذ الإنقلاب. هذا فضلا عن ارتفاع سعر أسطوانات غاز الطهي (البوتاغاز) للاستخدام التجاري من 100 جنيه إلى 130 جنيها، وارتفاع سعر الكيروسين إلى 6.75 جنيهات، مقارنة بـ 5.50 جنيهات، وارتفاع سعر المازوت لمصانع الطوب والإسمنت من 3500 جنيه للطن إلى 4500 جنيه.
هذا الارتفاع في أسعار الوقود في حقيقته لم يكن الأول ولن يكون الأخير، وتوقيته معروف منذ قرض صندوق النقد الدولي الذي به رهنت مصر سياستها وأمنها واقتصادها ومعاش شعبها من أجل 12 مليار دولار، وهو مبلغ يمثل جزءا يسيرا من المنح السخية التي تعدت 70 مليار دولار وتلقاها السيسي من المحور الخليجي لمحاربة الحريات والإنقلاب على أول رئيس شرعي منتخب، ولم يستفد الشعب المصري منها شيئا يذكر.
لقد شهد شهر آيار/ مايو الماضي توجه صندوق النقد الدولي لصرف الشريحة السادسة والأخيرة من قرض الصندوق بقيمة ملياري دولار شريطة تحريك دعم الوقود. وما هي إلا ساعات من بعد قرارات رفع أسعار الوقود، وذكرت مصادر حكومية مصرية ـ وفقا لجريدة البورصة ـ أن الصندوق يستعد لإدراج مصر ضمن جدول أعمال مجلس الإدارة للتصويت على صرف تلك الشريحة خلال الأسبوع الجاري.
نتائج كارثية
إن ارتفاع أسعار الوقود لاشك له نتائج كارثية على المواطن المصري وحياته المعيشية، وليس كما تروج وسائل الإعلام المأجورة من أن ذلك يصب في مصلحة المواطن بزيادة إنفاق الحكومة عليه، وتغنيهم بأن هذا الارتفاع يمس الأغنياء راكبي السيارات لا المواطن البسيط. وهؤلاء أسوأ من سحرة فرعون ـ قبل أن يؤمنوا ـ بتنفيذهم جميعا في صوت واحد وصورة واحدة نغمة مخابراتية لتبرير تلك الزيادات وكأن مصر بعدها ستنتقل إلى الدول العشر الكبار!!
إنه ببساطة يمكن القول: إن ارتفاع أسعار الوقود يعني ارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات وارتفاع ملحوظ في التضخم، باعتبار الوقود مادة وسيطة تستخدم في كافة احتياجات الناس اليومية من رغيف الخبز والمواد الغذائية والمباني للمواصلات وغيرها.
فعلى سبيل المثال صرح كمال الدسوقي، نائب رئيس غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات بأنه من المرجح أن تشهد أسعار الأسمنت زيادات تتراوح بين 50-70 جنيها للطن نتيجة رفع أسعار الوقود. وكذلك شهدت أسعار المواصلات العامة والخاصة قفزات ملحوظة فمثلا رفعت محافظة القاهرة تسعيرة ركوب التاكسي الأبيض، لتصل إلى 7 جنيهات في بداية فتح العداد، بدلا من 6 جنيهات في التسعيرة القديمة، كما تقرر زيادة الأجرة بقيمة 50 قرشا لكل كيلو متر. وقررت هيئة النقل العام بالقاهرة زيادة كافة تذاكر خطوط الهيئة بقيمة جنيه واحد، وحدث مثل ذلك في باقي المحافظات.
لقد جاءت تلك الزيادات والمواطن لم يفق بعد من الزيادة في أسعار الكهرباء، وبينما هو يتناول الزيادة في المرتبات والمعاشات بيمينه تأتي هذه الزيادات لتحصد أضعافها من شماله فلا يجد سوى المزيد من الفقر والفاقة وارتفاع في الأسعار لا قبل له به. بل العجيب أن وزير التموين والتجارة الداخلية استغل تلك الصدمة لا ليخفف عن المواطنين بل ليزيدهم صدمة فيصرح بالقول: "إنه لا يجوز أن تتحمل الموازنة العامة للدولة دعم 71 مليون مواطن في منظومة الخبز".. فمتى يفيق المصريون ويثورون وينالون حقوقهم من السيسي الذي أغدق على جنوده من العسكر والشرطة والقضاء والإعلام بأموالهم وأدخلهم في نفق الفقر والمرض والقهر وأصابهم بالخرص؟!
أضف تعليقك