• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

يحاول جنرالات الجيش، إضفاء نوع من الشرعية على ما قاموا به من انقلابات عسكرية، مكنتهم من السيطرة على السلطة في مصر، قرابة 67 سنة، بتسمية الانقلابات العسكرية ثورة لخداع الجماهير.

الانقلاب اصطلاحا

وعند قراء تعريف الانقلاب العسكري، تجده يعني إزاحة مفاجئة للحكومة والسلطة الحاكمة عموما بفعل قوة الجيش، وفي المقابل يتم تنصيب سلطة غيرها عسكرية أو مدنية مؤقتة، ويعدّ الانقلاب ناجحا إذا تمكّن الانقلابيون من فرض هيمنتهم على مؤسسات الدولة، خصوصا البيت الرئاسي أو القصر، ومراكز الأحزاب، ووسائل الإعلام كافة.

ورغم الوضوح التام لتعريف الانقلاب العسكري واتساقه مع ما شهدته مصر في 1952 و2013، إلا أن العسكر وأبواقهم الإعلامية يسمونها ثورة خداعا للجماهير المغلوبة على أمرها.

ففي 23 يوليو 1952 تحركت مجموعة من ضباط الجيش لفرض التغيير بالقوة وإجبار الملك فاروق بن فؤاد على التنحي عن الحكم، فيما كان انقلاب 3 يوليو 2013 من قبل وزير الدفاع على الرئيس الشهيد محمد مرسي بدعم الإمارات والسعودية.

انقلاب 23 يوليو سمي في وقته بالحركة المباركة ثم بعدها بعام أطلق عليه ثورة 23 يوليو عقب حل الأحزاب السياسية وإسقاط دستور 1923، فيما سمي انقلاب 3 يوليو بخارطة الطريق في بدايته قبل أن يعلن عن تسميته بثورة 30 يونيو اليوم الذي شهد حشد الجيش والشرطة وقوى الثورة المضادة لأذنابهم تمهيدا للانقلاب على الرئيس المنتخب.

ثورة أم انقلاب

ويقول اللواء محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر العربية وأحد قادة أحداث يوليو في اعتراف هام وخطير، أريد أن أحسم قضية مهمة جدا وهي "هل ما فعلناه في 23 يوليو ثورة أم انقلاب ؟!"

"إن من يؤيد الإدارة العسكرية يقول إنها ثورة، وكأنه يكرمنا ومن يعارض يقول إنه انقلاب وكأنه يحط منا والحقيقة التي أشهد بها للتاريخ هي أن ما قمنا به في 23يوليو 1952 في عرفنا نحن ضباط الجيش كان انقلابا واضحا وكنا نحن الضباط مقتنعين بذلك تماما ونعلم جيدا أنه انقلاب وكنا نتفاوض مع الجميع على أنه انقلاب وكنا نعلن ذلك صراحة لأن هذه كانت الحقيقة".

ولكننا عندما أردنا أن نكسب الشعب في صفنا اضطررنا إلى تغيير كلمة انقلاب إلى حركة الجيش المباركة وهذا بمثابة لفظ ناعم أفضل من لفظ انقلاب، وبعد أن التف حولنا الشعب قررنا تغيير الاسم نهائيا إلى ثورة 23 يوليو.

الضباط الأشرار

وأضاف نجيب:"كنت أنا أول من أطلق لقب الضباط اﻷحرار على مجموعة الضباط الذين خططوا لهذا العمل، وأنا أعتذر  عن هذه التسمية لأنه لم يكن اسما على مسمى، والحقيقة التي أشهد الله عليها أنهم لم يكونوا أحرارا بل كانوا أشرارا وكان أغلبهم مجموعة من المنحرفين أخلاقيا واجتماعيا وأصحاب المصالح الشخصية، ولأنهم كانوا يحتاجون إلى قائد كبير في الرتبة والخلق يتخذونه ستارا وواجهة لتحقيق أهدافهم فكنت أنا للأسف الشديد هذا الضابط، ونظرا لرتبتي ومكانتي العالية  داخل الجيش فقد كنت  لواءً وأنال حب واحترام الجميع وقد تم اختياري لأكون زعيم هذا التنظيم الذي أسسه عبد الناصر ولم أكن أعلم حينها ما الذي يخطط له هؤلاء الضباط بعد الانقلاب على الملك لذلك شاركتهم، وأنا في ظني أنني بذلك أخدم بلدي ووطني، وأنا آسف أشد الأسف لما حدث".

الانقلاب على نجيب

وفي عام 1954 بدأ عبد الناصر يفكر في تنفيذ مآربه الشخصية وبدأ يخطط  للتخلص من محمد نجيب وخاصة أن  نجيب كان يرى ضرورة عودة الجيش إلى ثكناته وتسليم السلطة للمدنيين، وهذا ما رفضه عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، وقاما بالانقلاب على محمد نجيب في فبراير  1954، وتم وضعه تحت الإقامة الجبرية في قصر بالمرج تملكه زينب الوكيل زوجة مصطفي النحاس، وبعد أن تخلص عبد الناصر من محمد نجيب نصّب من نفسه رئيسا على مصر، وقام بمصادرة الحريات ونسب كل ما أنجزه نجيب لنفسه، بل ما كان ينتظره الشعب من هذا الحركة أصبح كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً وتدحرج كل شيء في حجر الجيش وضباطه، بل سخرت مصر بإعلامها المرئي والمسموع  لخدمة عبد الناصر وشرذمته.

التفريط في السودان

وعن تفريط الانقلابيين في السودان، قال الدكتور شريف حافظ، أستاذ العلوم السياسية، في مقال له عام 2010 بموقع اليوم السابع، ارفع رأسك يا أخي، فقد حصل الضباط الأحرار على "مملكة مصر والسودان"، وتنازلوا عن السودان وطارت منهم سينا كمان!!

وأضاف حافظ: "لقد رفض مصطفى النحاس باشا، أن يوقع على تنازل مصر عن السودان، فى سبيل الاستقلال، عن بريطانيا، وكان العرض مطروحا منها، ولكن الزعيم، وبجرة قلم، وقع بمنتهى اليُسر، على منح السودان حق "تقرير المصير". والغريب أن السودانيين، كانوا مرتبطين بمصر أكثر عند وجود محمد نجيب، كون أمه سودانية وكان محبوباً هناك، ولكن الزعيم لم يستطع فى إطار "عشقه" للسلطة، إلا أن يُقصى الرئيس محمد نجيب عنها، ويضع الرجل تحت التحفظ، كأول من ينقلب عليه، حيث انقلب على رفاقه تباعاً، ولتضيع السودان، إلى الأبد فى إطار ما قام به فيما بعد!! فقد أرسل عبد الناصر، رفيقه صلاح سالم، كى يساعد على أن يقرر السودان بقاءه فى وحدته مع مصر، ونُقلت صور لصلاح سالم وهو يرقص مع قبائل سودانية مرتدياً ملابسهم "شبه العارية" بشكل غاية فى الكوميديا السوداء، وكأن "الرقص"، هو ما سيضمن بقاء الوحدة، ولم يرسل عبد الناصر رجال الدبلوماسية المصرية العُتاة، ولكن رجل عسكرى لا يدرك أبعاد الموقف، ليقرر السودانيين فى النهاية الانفصال ويعلنوا الاستقلال فى يناير 1956!!

مواصلة البيع والتفريط

وإذا كان انقلاب 52 فرط في السودان واحتلت سيناء في عهده، فإن انقلاب 2013 فرط في جزيرتي تيران وصنافير ببيعهم للسعودية رغم الرفض العارم من الشعب المصري، وتنازل على حقوق مصر في الغاز بالبحر المتوسط، فضلا عن توقيع اتفاقية عنتيبي التي فرضت في حقوق البلاد في مياه النيل.

وما زالت مصر تعاني حتى يومنا من الانقلابات العسكرية التي جرت في 1952 و1954 و2013 في سيادتها والحريات العامة لمواطنيها والاقتصاد والمعيشة اليومية.

 

 

 

 

أضف تعليقك