أصدر قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي هذا الأسبوع القانون 133 لسنة 2019 بإحالة كل القضايا التي صدرت فيها أحكام ببطلان الخصخصة والبيع في عهد المخلوع حسني مبارك، إلى اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار، أو اللجنة الوزارية لتسوية منازعات عقود الاستثمار، وذلك في إطار محاولات النظام لاجتذاب رؤوس الأموال لشراء الكيانات التي ستُطرح للبيع قريبا ضمن برنامج الطروحات الحكومية في البورصة.
ويهدف ذلك القانون لمنح المستثمرين الأجانب وفي مقدمتهم الخليجيين امتيازا تشريعيا إضافيا يحميهم من المشاكل القانونية المعقّدة ويضمن لهم إمكانية استرداد أموالهم في أي وقت بالاتفاق مع الحكومة بعيدا عن ساحات القضاء، وذلك بالتوازي مع مستجدات هيكلية تضمن إشراف دائرة السيسي مباشرة على هذا الملف وتقليص سلطة العمل الحكومي المدني.
وقال مصدر حكومي إن مدير جهاز المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، أنشأ وحدة جديدة داخل الجهاز للإشراف على عمل لجان فض المنازعات والمتابعة مع المستثمرين الإماراتيين والسعوديين والكويتيين، لإنهاء المشاكل القائمة بينهم وبين الحكومة حول تسوية آثار الأحكام الصادرة ببطلان شرائهم لأراض أو مشاريع، وكذلك إلغاء القرارات السابق صدورها ضد بعضهم بسحب الأراضي أو المشاريع في عهدي المجلس الأعلى للقوات المسلحة والرئيس الشهيد محمد مرسي بين 2011 و2013.
وكشف المصدر، بحسب العربي الجديد، أن هناك اتجاها متنامياً لنقل ملف الاستثمارات الخليجية بالكامل إلى هذه الوحدة الاستخباراتية الجديدة بدلاً من وزارة الاستثمار، بسبب تراكم المشاكل الشخصية بين مدير الجهاز الذي يُعتبر الشخصية الأقوى في نظام السيسي حتى الآن، وبين وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي سحر نصر، التي يعتبرها عباس كامل "موالية لأحد منافسيه السابقين رئيس الرقابة الإدارية السابق محمد عرفان، الذي سبق ونجح كامل في الإطاحة به".
وأشار إلى أن هذه المشاكل التي تعرقل وعود كامل وشخصيات نافذة أخرى للمستثمرين الخليجيين ومجتمعات الأعمال في السعودية والإمارات، تحديداً بتسوية مشاكلهم وتحسين أوضاعهم في مصر، رغماً عن القيود القانونية، هي "من الأسباب الرئيسية التي تدفع المخابرات إلى الترويج لقرب رحيل سحر نصر عن الحكومة في أقرب تعديل وزاري، والبحث عن بديل لها".
وذكر المصدر أن دائرة السيسي تراهن على "سرعة وحسن تطبيق القانون الجديد" ليكون قاطرة لجذب استثمارات خليجية للتعامل في الحصص الإضافية من أسهم الشركات الحكومية المطروحة والمقرر طرحها تباعاً في البورصة، لاسيما أن القانون يضمن اتّباع سياسة التسوية بالنسبة لكل المشاكل، سواء كانت بسبب عدم التوافق بين المستثمر والحكومة، أو عدم وفائه بالتزاماته التعاقدية، أو صدور حكم ببطلان التعاقد من المحكمة الإدارية العليا كما حدث في قضايا صفقات "المراجل البخارية، وعمر أفندي، وطنطا للكتان، وشبين الكوم للغزل والنسيج"، وغيرها من القضايا المرتبطة بكيانات اقتصادية سبقت خصخصتها.
وأشار المصدر إلى أن الوحدة الاستخباراتية الجديدة بدأت بالفعل مهامها بالتواصل مع ممثلي شركة "منا" القابضة الكويتية وباقي شركائها الكويتيين في الشركة المصرية الكويتية لاستصلاح الأراضي، للتنازل عن الدعوى التي أقاموها في سبتمبر الماضي ضد مصر أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار "إكسيد" لإلغاء قرار سحب 26 ألف فدان في منطقة العياط في الجيزة، والصادر عام 2011 من الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية التي بادرت إلى فسخ العقد مع الشركة بعد إقامة دعاوى لبطلان العقد أمام القضاء من مواطنين متضررين، وثبوت أن الشركة لم تستغل الأرض في الأغراض الأصلية للصفقة، وهي الزراعة والإنتاج الحيواني والسمكي، وبيعها 10 آلاف متر بحوالي مليار جنيه لأغراض سكنية.
واتخذت الشركة الكويتية هذه الخطوة بعد صدور حكم محكمة الجنايات ببراءة وزير الري الأسبق محمد نصر علام من تهمة تحويل نشاط استغلال الأرض المملوكة للشركة من الزراعي إلى العمراني.
وتُشكك براءة الوزير في صحة الدافع وراء سحب الأرض من الشركة، وهو ما يحيي آمالها مرة أخرى في تحقيق استفادة مالية من مقاضاة مصر بحجة أنه كان من حقها تغيير نشاط استغلال هذه المساحة الشاسعة من الأرض، وأنها عرضت سابقاً دفع 10 مليارات جنيه للتسوية ورفضت مصر ذلك.
وكانت مصادر أخرى قد قالت في نوفمبر الماضي، إن هذا القانون تم وضعه بتعليمات مباشرة من السيسي على خلفية لقائه بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، في أغسطس 2018، فضلاً عن لقاءات متكررة بين وفود حكومية وأخرى إماراتية وسعودية وكويتية، طالبت بإنهاء المشاكل القائمة بين المستثمرين من تلك الدول والحكومة.
وركز السيسي في محادثاته مع قيادات الإمارات آنذاك على بحث التسهيلات التي ستمنحها مصر للشركات الإماراتية ليس فقط في مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومنطقة غرب الساحل الشمالي، وتمتع الشركات في هاتين المنطقتين بالمميزات ذاتها الممنوحة للشركات الإماراتية في منطقة هضبة الجلالة، بل أيضاً بجذب مزيد من رؤوس الأموال الإماراتية لشراء أسهم الكيانات الحكومية.
أضف تعليقك