الفساد في عهد الجنرال السيسي هو الأكبر في تاريخ مصر الحديث، بحسب توصيف وكالة رويترز للأنباء في تقرير سابق، وطال الفساد العديد من وزراء حكومة الانقلاب فضلا عن قيادات بالجيش، نحاول أن نرصد في التقرير التالي.
فساد التموين
فبالأمس، أحال عادل السعيد مساعد وزير العدل للكسب غير المشروع، وليد هنيدى مدير مكتب وزير التموين السابق بمحكومة الانقلاب، إلى المحاكمة الجنائية العاجلة، لاتهامه بتحقيق كسب غير المشروع يقدر بسبعة ملايين ونصف المليون.
وكشفت تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع، أنه في غضون الفترة من 2004 حتى 2015 حصل المتهم لنفسه وذويه دون وجه حق على كسب غير مشروع مقداره سبعة ملايين ونصف المليون، بسبب استغلاله لصفته الوظيفية، واستغل صفته الوظيفية كصفته مدير مكتب وزير التموين السابق فى التدخل لدى بعض المسئولين لإنهاء الأوراق المعروضة عليهم وتحقيقه تضخم في ثروته، بشكل لا يتناسب مع موارده المالية، وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها، فضلا عن سبق ضبطه واتهامه بتقاضى مبالغ مالية على سبيل الرشوة والإخلال بمقتضيات وظيفته.
وأفادت التحريات الرقابية بتضخم ثروة المتهم وليد عبد المحسن مدير مكتب وزير التموين والتجارة الداخلية السابق نتيجة استغلال سلطات وظيفته التى طوعت له تحقيق الزيادة غير المشروعة، حيث قام باستغلال وظيفته ونفوذه لتحقيق الزيادة غير المشروعة بالتدخل لدى بعض المسئولين ببعض الشركات المنتجة للحديد لتخصيص حصص من حديد التسليح لبعض الشركات.
فساد وزير الزراعة
ومن أشهر قضايا الفساد في أروقة حكومة الانقلاب العسكري، قضية "رشوة وزارة الزراعة" المتهم فيها صلاح هلال وزير الزراعة في حكومة إبراهيم محلب الانقلابية.
وألقى القبض على صلاح هلال في 7 سبتمبر 2015، بعد يوم واحد فقط من تصريحه: "اللي مش هيشتغل هشيله، ولن أسكت على فساد أو أتراجع عن مواجهته ..وسأكشف عن قضية فساد كبرى في أحد قطاعات الوزارة".
وتتمثل وقائع القضية في أخذ مسئولي الوزارة، رشاوى عينية، وطلب عقارات مقابل تقنين مساحة أرض 2500 فدان في وادي النطرون، وجاءت الهدايا عبارة عن عضوية عاملة في النادي الأهلي، بـ 140 ألف جنيه لأحد المتهمين، وهاتفي محمول بـ 11 ألف جنيه، وإفطار في أحد الفنادق في شهر رمضان بكلفة 14 ألفًا و500 جنيه، وطلب سفر لأسر المتهمين وعددهم 16 فردا لأداء الحج بتكلفة 70 ألف ريال للفرد، وطلب وحدة سكنية بأكتوبر بـ 8 مليون و250 ألف جنيه.
وصدر في أبريل 2016 الحكم بمعاقبة وزير الزراعة السابق ومساعده، بالسجن المشدد 10 سنوات وعزلهما من وظيفتهما، كما قضت المحكمة أيضًا بإعفاء رجل الأعمال أيمن محمد رفعت الجميل رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات كايرو ثري ايه، ومحمد محمد فودة من العقوبة.
وزير الأوقاف متورط
واتهم المحامي فريد الديب، محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بحكومة الانقلاب، بالتورط في قضايا رشوة المتهم فيها صلاح هلال، وزير الزراعة الأسبق المحكوم عليه بالسجن عشر سنوات، الأمر الذي نفاه جمعة باعتباره حظي بالتجديد الوزاري للمرة الثالثة.
وترجع أصول القضية ليوم 27 أبريل 2014، حينما أقرت هيئة الأوقاف أن رجل الأعمال محمد الجميل تقدم بدراسة جدوى لإنشاء مصنع بتكلفة استثمارية 4 مليارات جنيه، ويحتاج لموقع بمساحة 100 فدان بمحافظة دمياط.
ومن جانبها، قامت هيئة الأوقاف بعرض مساحة 283 فدانًا بوقف "مصطفى عبد المنان"، وتم الاتفاق المبدئي مع مسئولي المحافظة بإقامة مشروع سياحي على جزء من قطعة الأرض، والمساحة الثانية تم الاتفاق المبدئي على إقامة مصنعين فيها، على أن تدخل الهيئة في هذه المشاريع كشريك بالأرض بعد تقدير قيمتها السوقية.
واتضح من خلال مذكرة مدير إدارة مكافحة جرائم الاختلاس والإضرار بالمال العام أن الأراضي مازالت تحت حيازة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي التابعة لوزارة الزراعة، والتخصيص عن طريق هيئة الأوقاف يعد مخالفًا للقانون، كما أن القيمة السعرية المحددة لسعر المتر تقل عن السعر السوقي في الأراضي المجاورة لهذه الأرض بشكل كبير جدًا عن السعر المحدد، وهو ما أدى إلى خسارة الهيئة مليارات الجنيهات، حيث إن قيمة الأراضي الفعلية لا تقل عن 18 مليار جنيه.
وفي سياق متصل، كشفت قيادات في وزارة البترول عن تعيين ابنة مختار جمعة في الوزارة، على الرغم من صدور قرار داخلي في شركات البترول بوقف التعيينات، في وقت أكد فيه رئيس الهيئة العامة للبترول، أنه غير مسئول عن تعيين ابنة وزير الأوقاف، وأن تعيينها جاء بقرار مباشر من وزير البترول طارق الملا.
وفي 23 أغسطس 2015 كشف تقرير الإدارة المركزية للتفتيش المالي التابع لوزارة المالية أن مختار جمعة قام بإرسال زوجته ونجله لأداء مناسك الحج على نفقة الوزارة الخاصة في مخالفة للقانون.
فساد الكهرباء
وفي سبتمبر من العام الماضي، جرى الكشف عن واقعة فساد بـ1.1 مليار جنيه في وزارة الكهرباء.
وأكدت النيابة الإدارية أن القضية تضم أربعة مختصين بشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء يشغلون وظائف مراجع الحسابات بإدارة المصادقات التابعة لقطاع كبار المشتركين بشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء (سابقاً)، ومدير إدارة المصادقات بقطاع كبار المشتركين بشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء، ومدير إدارة تحصيل الحكومة بقطاع كبار المشتركين بشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء رئيس قطاع كبار المشتركين بشركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء (سابقاً).
وأضاف البيان أن الوقائع جاءت على خلفية تزوير واصطناع مستندات منسوبة لإحدى الوزارات والإهمال، والتقصير فى تحصيل قيمة استهلاك وحداتها من الكهرباء، بإجمالى مبلغ ما يقارب من (مليار ونصف جنيه)، وفى أعقاب اكتشاف الواقعة وبمناسبة تحقيقات النيابة الإدارية، تم إنهاء التصادق على معظم المبالغ المستحقة لصالح شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء وبما يزيد عن (المليار ومائة مليون جنيه) مع السير فى إجراءات تسوية بقية المبالغ وفقاً للقانون.
فساد الجيش المصري حرج
ومن جهة الفساد في المؤسسة العسكرية، أكد تقرير لمنظمة "الشفافية الدولية" عام 2013، أن جيوش الجزائر ومصر وليبيا وسوريا واليمن، في مستوى الفساد وصفته المنظمة بأنه "حرج"، وهو المرادف لحرف «إف» آخر الحروف في المقياس.
وقالت منظمة الشفافية الدولية في تقريرها «في هذه الدول يرى المواطنون أن مؤسسات الدفاع فاسدة أو لا تعبأ بالفساد، ويعتبرون أنها تنقصها الإرادة السياسية لمحاربة الفساد».
ورغم التحفظ الشديد على ملفات الفساد في الجيش، إلا أنه عند الاختلاف مع أي من الجنرالات تبرز ملفات الفساد، كما في حالة أحمد وصفي وسامي عنان.
فساد بالجيش الثاني والثالث
ففي مايو 2018، كشفت مصادر مطلعة النقابَ عن تحقيقات موسعة تجريها دوائر داخل القوات المسلحة مع القائد الأسبق للجيش الثاني الميداني، اللواء أحمد وصفي، بتهم فساد مالي، تعود لفترة وجوده على رأس قيادة الجيش الثاني، الذي يعدّ أكبر تشكيل تعبوي في الشرق الأوسط.
ولعبت كلمات وصفي، التي حاول خلالها نفْي التهمة عن تحركات الجيش في الثلاثين من يونيو، والثالث من يوليو 2013 على أنها انقلاب عسكري، دوراً كبيراً في التعجيل بالإطاحة به خارج القوات المسلحة، إذ قال أمام جمْع من جنوده "لو ترشّح السيسي للرئاسة... قولوا على 3 يوليو انقلاب"، لتتم الإطاحة به في 2014 من منصبه، وتعيينه رئيساً لهيئة تدريب القوات المسلحة، ليتبع ذلك قرار آخر في مايو 2017 أطاح به من الهيئة، قبل أن يتم تكليفه بمنصب شرفي كمساعد لوزير الدفاع.
وأوضحت المصادر، أن التحقيقات مع وصفي تأتي في إطار تحقيقات موسعة متعلّقة بالاستيلاء على مليارات الجنيهات خلال إدارة عدد من المشاريع والأنشطة الاقتصادية للجيشين الثاني والثالث الميدانين.
وتشمل هذه التحقيقات إلى جانب وصفي، قائد الجيش الثالث الميداني، الفريق أسامة عسكر، الذي كلفه السيسي في وقت سابق بالإشراف على العمليات العسكرية في سيناء، قبل أن يختفي تماماً من المشهد.
وأشارت المصادر إلى أن التحقيقات تجري بمعرفة قيادات بارزة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بعد مراجعة ميزانيات العديد من المشاريع التابعة للجيش الثاني، في وقت جاءت الحصة الأكبر من اتهامات الفساد والاستيلاء على أموال القوات المسلحة، الموجهة لعسكر، بشأن مشروع حفر "تفريعة قناة السويس الجديدة"، والتي كان جزء كبير من أعمالها يقع داخل نطاق مهام وتواجد الجيش الثالث.
وأوضحت المصادر أنه تم تسجيل مبالغ ضخمة باعتبارها مصاريف تم دفعها لشركات مقاولات محلية نظير العمل بالمشروع، إضافة إلى مواد بناء تم توريدها، ليتبيّن أنها كانت في صورة تبرعات ومساهمة تطوعية.
فساد رئاسة الأركان
وبعد اعتقال سامي عنان، رئيس أركان حرب الجيش لمجرد ترشحه أمام السفاح عبد الفتاح السيسي في مسرحية انتخابات رئاسة الانقلاب، كشف عن قضية خاصة بتحقيق ربح غير مشروع خلال فترة رئاسته للأركان. جاء ذلك بعد انتهاء مصلحة الخبراء التابعة لوزارة العدل من إعداد تقارير محاسبية مفصلة عن عمليات إنشاء بعض دور واستراحات الدفاع الجوي التابعة للجيش، ارتباطاً باتهامات يواجهها عنان ونجله سمير في قضية الكسب غير المشروع القائمة على عشرات البلاغات التي كانت مجمّدة منذ عام 2012 في وقائع تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ والتربّح من تجارة أراضٍ حصل عليها عنان بحكم وظيفته العسكرية.
بلاغات بفساد طنطاوي وبدين
وعنان هو القائد العسكري الوحيد الذي حركت ضده القوات المسلحة اتهامات الفساد، من بين مئات البلاغات التي قدّمها متضررون ونشطاء إلى النيابة العامة بعد ثورة يناير 2011 ضد قيادات في الجيش تتهمهم بالفساد المالي والتربح والسمسرة في الأراضي، كانت تشمل أيضاً القائد العام للجيش سابقا المشير حسين طنطاوي، وقائد الشرطة العسكرية سابقاً اللواء حمدي بدين.
الأكثر فسادا
وفي يناير 2018، أكدت وكالة رويترز أن عهد السيسي هو الأكثر فسادًا في التاريخ الحديث لمصر حيث ارتفعت فيه المعدلات بصورة مخيفة، مشيرة إلى أن وجود وزراء ومسئولين في حكومة الانقلاب متورطين في أعمال فساد يعد خير دليل على ذلك.
وقالت الوكالة البريطانية إن مصر تحت الحكم العسكري تعاني من الفساد في الجهاز الإداري للدولة وتراجع ترتيبها في مؤشر الفساد الخاص بمنظمة الشفافية الدولية لعام 2016 لتحتل المركز 108 من بين 176 دولة بعدما كانت تحتل المركز 88 في عام 2015، كما تراجع تصنيف مصر على مؤشر مدركات الفساد الذي يقيس مستويات النزاهة سنويا، في عام 2016 بمقدار درجتين، وسجلت مصر 34 نقطة، مقابل 36 في عام 2015.
وجاء تقرير وكالة رويترز تعليقا على إعلان هيئة الرقابة الإدارية أنها ألقت القبض على محافظ المنوفية ورجلي أعمال لتورطهم في وقائع فساد.
أضف تعليقك