بقلم: خالد حمدي
عوِّد نفسك معالي الأمور وترك سفاسفها..
لا تسمح لهم أن يستدرجوك إلى قاع الحياة وهلاميات الأخبار..
فما عندنا من عظائم الأمور والله يكفينا..
والحياة إن جرينا وراء حقيرها تعودت نفوسنا التوافه..
وإنما عظم أقوام عند الله لعظم قضاياهم وعلو هممهم ونفوسهم..
ولا يزال الرجل يصغر همه، ويحقر فكره حتى تشغله أمور لو سمعها منه عمر لحطم على رأسه درته.
بعض أهل العراق قديما سألوا ابن عباس في الحج عن دم البعوضة بينما لم يحركهم دم الحسين.
وأحدهم قالوا له: نريدك في حويجة…فقال: ابحثوا لها عن رجيل!!
لأنه ما اعتاد على صغائر الأمور حتى ولو كانت في أبواب الخير!!
ورحم الله الربيع بن خثيم عندما همت زوجته أن تتصدق بنصف رغيف زجرها وقال: لا أحب أن يرى في صحيفتي أقل من الرغيف.
وثوبان مولى النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام الليل يفكر في فراق النبي في الجنة حيث أن الأنبياء في أعلى الدرجات، ثم من يلونهم من الخلق…
فظل ليالي يشغله الأمر حتى نزل القرآن يبشره وأصحابه بشرف الرفقة.
سبحان الله!!
انتهِ من معالي أمور الدنيا إلى معالي أمور الآخرة.
بينما بعضنا يدخل في معارك يومية من أجل موت ممثل، أو مقولة تافهة، أو هزيمة فريق، أو حدث عابر، أو أمر غير ذي بال.
بينما أمتهم مستباحة، وأوطانهم مغتصبة، ودينهم محارَب، وإخوانهم وأخواتهم في منافي الأرض وسجون الظالمين لا يعلم بحالهم إلا الله.
قال رجل لشيخنا الغزالي رحمه الله يلوم عليه حمل مسبحة أهديت إليه: إنك تستهين بالبدع!!
“قال: بل أزدري الاشتغال بالتوافه!
إن الرجل الذي تطن حوله ذبابة فيطلب النجدة لمواجهتها رجل أحمق، ومثل هذا يفرّ إذا هاجمه غراب!!”
اكبروا عن الصغائر يرحمكم الله…
فالذي له حال كحالنا…لا ينبغي له أن يستدرج لمثل هكذا توافه!!
ورحم الله من قال:
فقل للمُرجِّي معالي الأمور*** بغير اجتهاد رجوت المحالا.
ارتفعوا يا قوم… فقد ملت الأرض سفول هممنا رغم شدة اشتياق الدنيا لنا.
أضف تعليقك