يمر اليوم الجمعة 16 أغسطس، 6 سنوات على مذبحة رمسيس الثانية التي وقعت في محيط مسجد الفتح، وراح ضحيتها أكثر من مائة مواطن، بعد يومين من مذبحة فض اعتصامي رابعة والنهضة.
وشهد ميدان رمسيس في ذلك اليوم مظاهرة ضمن فعاليات "جمعة الغضب" التي دعا لها "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" للتنديد بسقوط شهداء بمذبحة الفض.
توافد المتظاهرين
وتوافد آلاف المتظاهرين منذ الصباح في ظل غياب واضح لقوات الأمن، في حين قامت مدرعات الجيش بإغلاق الطريق المؤدي إلى ميدان التحرير، وأدى المتظاهرون صلاة الجمعة بمسجد الفتح الواقع في قلب الميدان، وأمهم فيها الدكتور صلاح سلطان.
وفي خطبة الجمعة، ندد سلطان بما تعرض له "رافضي الانقلاب" من مجازر، وقال إن سلطة الانقلاب لم تكتف بقتل المعتصمين وإنما أشعلت النار في جثثهم وعطلت دفنهم، لكنه أكد في الوقت نفسه على الطابع السلمي للمظاهرة التي سرعان ما تضخمت عقب صلاة الجمعة بانضمام مسيرات قادمة من عدة مساجد وسط أجواء حماسية واضحة.
البلطجية
وانخرط المتظاهرون في ترديد هتافات طالت السلطة الانقلابية ووزارة الداخلية، لكن الموقف سرعان ما اشتعل بشكل مفاجئ عندما اقترب المتظاهرون من قسم شرطة الأزبكية المتاخم للميدان والذي بدا خاليا من قوات الشرطة قبل أن يفاجأ المتظاهرون بوابل من طلقات الخرطوش والقنابل المسيلة للدموع ألقتها مجموعات ممن يوصفون بـ"البلطجية" ليرد عليهم المتظاهرون بالحجارة.
وبدأ إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين من عدة جهات، مما دفع بعض المتظاهرين للاعتقاد بأن بعض الرصاص يأتي من مروحيات عسكرية كانت تحلق فوق الميدان.
وقابل المعتصمون الطائرات برفع الأحذية، مع هتافات رافضة لعبد الفتاح السيسي وتطالب بالقصاص منه.
واعتلى بعض المتظاهرين كوبري أكتوبر الذي يمر فوق الميدان، وبدأوا في قذف الحجارة على مطلقي النار، لتبدأ مدرعات الشرطة بمهاجمتهم ويضطر بعضهم إلى القفز من فوق الكوبري مفضلين التعرض للكسور بدلا من الموت بالرصاص.
رصاصات مميتة
وسقط بعد ذلك عشرات الشهداء معظمهم تلقى رصاصات مميتة في الرأس أو الصدر ولم يعد المستشفى الميداني الذي أقيم على عجل داخل مسجد الفتح قادرا على إسعاف كل المصابين لتصل حصيلة الضحايا وفق ما أعلن أطباء بالمستشفى الميداني إلى نحو مائة شهيد فضلا عن مئات الجرحى.
ومع حلول المساء كانت النيران قد اشتعلت في بعض المباني المجاورة جراء إلقاء الزجاجات الحارقة وإطلاق الرصاص، في حين أعلن الدكتور صلاح سلطان نيابة عن التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب عن انتهاء الفعاليات بعد صلاة المغرب ومع حلول موعد بدء حظر التجول مفسرا ذلك بأن المتظاهرين قد أوصلوا رسالتهم بشكل سلمي رغم سقوط الشهداء.
حصار المسجد
ومع أخبار عن اقتراب مدرعات تابعة للجيش والشرطة غادر كثير من المتظاهرين، في حين قامت شرطة الانقلاب باعتقال بعضهم.
ولم يسدل الستار على أحداث الميدان مع استمرار محاصرة المئات من المعتصمين في مسجد الفتح، إضافة لحصار آخر في مسجد التوحيد.
ودنس الجنود، مسجد الفتح، بعد اقتحامه بالأحذية دون خجل أو حياء من بيت الله، وجرى اعتقال العشرات من المسجد بعدما احتموا داخله من قوات الانقلاب.
شهادة شريف منصور
وفي الذكرى الأولى للمذبحة، قال الإعلامي شريف منصور، أحد شهود العيان على مذبحة رمسيس الثانية: كنت موجودا في مظاهرات الجمعة 16 أغسطس 2013 بصفتي الصحفية، حيث خرجت التظاهرات من كل من المساجد بمحافظة القاهرة وذهبت تحديدا لمنطقة رمسيس وشاهدت قوات الانقلاب تحاصر المنطقة بالمدرعات، كما اعتلى قناصة الجيش والداخلية أسطح المباني المطلة على الميدان وقسم الأزبكية ومبنى الجمهورية ومبنى البريد، وكان هناك إطلاق نار على المتظاهرين، ما دفع المتظاهرين للهروب داخل مسجد الفتح للاحتماء به.
وأضاف في اتصال هاتفي للجزيرة مباشر مصر، أن سلطات الانقلاب كانت تنوي قتل المتظاهرين عمدا من أجل تفريق هذه التظاهرات ومن يبقى منهم إما أن يقتل أو يعتقل، لافتا إلى أنه دخل مسجد الفتح ووجد ما يزيد عن 105 جثث وكل الإصابات بطلق ناري في الرأس والصدر والبطن.
الاحتماء بالمسجد
وأشار إلى أن قوات الانقلاب حاصرت المسجد بالكامل بحلول المغرب ولم نستطع الخروج، وأغلقنا كل أبواب المسجد وسمحنا لعربات الإسعاف والطواقم الطبية بالدخول لانتشال الجثث، وكنا متمترسين خلف الأبواب خوفا من اقتحام القوات للمسجد.
وتابع: كانت هناك ما بين 5 أو 6 محاولات لاقتحام المسجد بدأت في العاشرة والنصف مساء وتصدى لها الشباب الموجودون، وكان من بين الموجودين بالمسجد نساء ورجال وشباب وأطفال وشيوخ ولم يكن مع أي منهم قطعة خشب للدفاع عن أنفسهم، وكانت إحدى هذه المحاولات والتي كانت قرب صلاة الفجر حيث حاولت قوات الشرطة بالاقتحام من جانب شارع الفجالة ناحية قاعة المناسبات بمسجد الفتح وكسروا الباب الخارجي ودخلوا قاعة المناسبات وأطلقوا القنابل المسيلة للدموع، وأدت هذه القنابل إلى استشهاد هبة أحمد عبد الفتاح نتيجة الاختناق بسبب استنشاق الغاز.
اقتحام المسجد
وأكد أن قوات الأمن أخرجت المحتجزين بالقوة بعد احتجاز 19 ساعة تقريبا، حيث قامت قوات الأمن والجيش والبلطجية باقتحام مسجد الفتح وأطلقوا الخرطوش والرصاص الحي والغاز على كل من واجههم وكسروا الأبواب ودنسوا المسجد، واعتدوا عليّ بالضرب وتم تهديدي بالقتل، كما اعتدى البلطجية علينا عقب الخروج من المسجد، حيث نقلونا بسيارات الترحيلات للسجن.
أضف تعليقك