تحل اليوم الأربعاء الذكرى السنوية الـ50، لحريق المسجد الأقصى الذي أتى في عام 1969، على أجزاء واسعة من المصلى القِبلي المسقوف في المسجد الأقصى.

ففي 21 أغسطس 1969، أقدم مايكل دنيس روهان، أسترالي الجنسية، على إحراق المسجد الأقصى، ما تسبب بخسائر مادية كبيرة فيه.

وكانت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، قد نجحت خلال السنوات الماضية، في ترميم ما تسبب به الحريق في المصلى القبلي المسقوف، ومن ذلك بناء منبر جديد بذات مواصفات منبر نور الدين بن زنكي، الذي جلبه القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي إلى المسجد الأقصى، بعد تحريره لبيت المقدس.

فيما شهدت السنوات الماضية، اعتداءات صهيونية متواصلة، بما في ذلك تصاعد الاقتحامات للمسجد بدءا من عام 2003، وملاحقة المصلين وحراس الأقصى وموظفي دائرة الأوقاف الإسلامية بالاعتقال والإبعاد عن المسجد.

كما تعالت الدعوات العلنية الصهيونية لبناء الهيكل على أنقاض الأقصى، وتغيير الوضع التاريخي في المسجد، والذي ساد منذ الفترة العثمانية حتى انتهكه الكيان الصهيوني منذ احتلاله للقدس عام 1967.

وقالت الهيئة الإسلامية العليا في القدس: "لا تزال الجماهير الإسلامية في العالم كله، تستذكر حريق الأقصى المشئوم الذي وقع صباح الخميس في 21 أغسطس 1969، وذلك على يد المجرم (مايكل دنيس روهان) وعلى يد مجرمين آخرين لم يتم الكشف عنهم".

وأشارت الهيئة الإسلامية العليا إلى أنها "وجهت حينئذ الاتهام بشكل مباشر لسلطات الاحتلال، وحملتها المسئولية عن الجريمة النكراء".

وأضافت: "لكن لا تزال الحرائق متلاحقة ومستمرة بحق الأقصى المبارك وبصور متعددة: من اقتحامات عنصرية غوغائية من الجماعات والأحزاب اليهودية المتطرفة، بدعم مباشر من الحكومة اليمينية، ومن الجيش (الصهيوني) بملابسه العسكرية أيضاً، ومن الحفريات التي تهدد أساسات المسجد القبلي الأمامي من الأقصى المبارك".

كما نددت الهيئة الإسلامية بالتصريحات "المحمومة في هذه الأيام من مسئولين في الحكومة اليمينية المتطرفة ومن أعضاء الكنيست المتهورين، والتي تمس حرمة الأقصى المبارك، وتكشف عن أطماع اليهود فيه".

بدورها، قالت دائرة الأوقاف الإسلامية: "بعد مرور خمسين عاماً على الحريق المشئوم تزداد المخاطر التي تتهدد الأقصى بنيانًا وإنشاءً، فالحفريات (الصهيونية) في محيط المسجد الأقصى المبارك، وتحت جدرانه تهدده، والأنفاق التي تحفرها السلطات (الصهيونية) في البلدة القديمة من مدينة القدس هددت وتهدد المدارس الأثرية التاريخية الإسلامية وتهدد سلوان ومسجد سلوان والبيوت الإسلامية في سلوان".

وأضافت في تصريح لها: "البؤر الاستيطانية التي تزرعها سلطات الاحتلال في مختلف أرجاء المدينة المقدسة تهدد الوجود العربي الإسلامي في القدس، إنهم يستعملون كل الوسائل الإجرامية في سبيل إخراج أهل القدس من مدينتهم؛ فتزوير الوثائق يتم في أروقة المحاكم ومكاتب المحامين بدعم من سلطات الاحتلال، وأعمال البلطجة تتم في وضح النهار وتستهدف المجاورين للحرم القدسي قبل غيرهم".

ويخشى الفلسطينيون من أن يكون تزايد الاقتحامات للمسجد مقدمة لتقسيمه زمانيا ومكانيا، وهو ما لا تخفيه جماعات يمينية صهيونية وأيضا مسئولون ومشرعون يهود.

وفي هذا الصدد، أكدت الهيئة الإسلامية العليا أن مساحة الأقصى، هي 144 دونما (الدونم الواحد ألف متر مربع) تشمل المسجد القِبلي الأمامي، ومسجد قبة الصخرة المشرفة، والمصلى المرواني، ومصلى باب الرحمة، وكذلك المساطب واللواوين والأروقة والممرات والآبار والبوابات الخارجية وكل ما يحيط بالأقصى من الأسوار والجدران الخارجية بما في ذلك حائط البراق.

وقالت إن هذا المسجد هو "للمسلمين وحدهم بقرار رباني إلهي من الله عزّ وجل، وهو يمثل جزءاً من إيمان ما يقارب ملياري مسلم في العالم".

وأضافت: "لا علاقة لغير المسلمين بهذا المسجد لا سابقاً ولا لاحقاً، كما لا نقر ولا نعترف بأي حق لليهود فيه، ونستنكر ونرفض الاعتداءات التي يقوم بها اليهود من اقتحامات متوالية لرحاب الأقصى التي هي جزء منه".

وثمنت القرارات التي أصدرتها منظمة "يونسكو" مؤخراً، ومنها أن المسجد الأقصى "خاص للمسلمين وحدهم، ولا علاقة لليهود به، وأن مدينة القدس مدينة محتلة، وأن إجراءات سلطات الاحتلال بحق المدينة هي إجراءات باطلة وغير قانونية، مع الإشارة إلى أن مدينة القدس تم وضعها على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر في ظل الاحتلال منذ عام 1981".

ووجهت الدعوات إلى الدول العربية والإسلامية لـ "تحمل مسئولياتها تجاه المسجد"، وإلى المسلمين لـ "شد الرحال إلى المسجد".

وأضافت: "يتوجب على الحكومات في العالم العربي والإسلامي أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه القدس والأقصى المبارك، وأن يتداركوا الموقف قبل فوات الأوان، ولات ساعة مندم، والله عزّ وجل سيحاسب كل من يقصر بحق القدس والأقصى".