بقلم: علي أبو هميلة
ست سنوات كاملة وبضعة أشهر هى تلك الأيام التي عاشها الشعب المصري صابرا متألما يعاني من مراره الهزيمة التي لحقته في يونيو ١٩٦٧ يحاول بكل قوة أن يجد طاقة نور يشق بها ظلام الليل الذي غطى على أرض المحروسة. وطوال السنوات الست لم يهن الشعب ولم يتكاسل؛ كان يبحث عن النصر ويحاول أن يعيش في الوقت ذاته. وها هى السنوات الست وأشهرها المعدودة تتكرر بعد نصف قرن من الزمان علي المصريين الذين صبروا على قهر النظام واستبداده وغلقه لكل المنافذ، ها هم ينتفضون الآن ضد الديكتاتور الذي أغرق مصر كلها في ديونه وظلمه وليله البغيض بعد ست سنوات عجاف من عمر حكمه الديكتاتوري المظلم.
المصريون يتمسكون بالإشارة الأولى للنصر
ما إن بدت للمصريين أولى بشارات الفجر الجديد القادم حتى تمسكوا به، فمع أول ظهور لمحرك الأحداث المقاول الفنان محمد علي تمسك المصريون به، و مع أول فيديو ظهر له يكشف لهم حجم المأساة التي يعيشون فيها حتى التحم الشعب كله حول بشارة الغضب والثورة. لم يفاجئ محمد علي المصريين بما كان خافيا عنهم بل كشفه فالغالبية العظمى من الشعب تدرك أن مقاطع الفيديو التي يبثها لا تقدم جديدا بل تعري الفساد والظلم والطغيان. وأحسن محمد علي حين ذهب في مقاطع الفيديو التالية إلى ألام أخرى نعانى منها، وحين أشار إلى الظلم وسوء الإدارة وسوء التصرف وطالب بالإفراج عن السياسيين المعتقلين فانكشف الغطاء عن ما كان يحاول المصريين غض البصر عنه
ودعا محمد علي للتظاهر
دعا محمد علي للتظاهر ساعة في ليل الجمعة الماضية وحبس الكل أنفاسه في انتظار أن يتخلص الشعب المصري من خوف وكسل وظلم السنوات الست، ولم يظهر على الساحة الداخلية في مصر من يعضد دعوته، عدا البسطاء من المصريين وحاولت كل القوى السياسية أن تجد مبررا لتخاذلها عن دعم هذه الدعوة التي انتظرها الناس طويلا وذهبنا الى فلسفات تخفى وراءها خوف وجبن و مصالح وكأننا نعيد زمن أكتوبر مرة أخرى حين كان الجميع يعلنون للمصريين استحالة عبور القناة وتحطيم خط بارليف فإذا بالشعب المصري على جبهة القناة يبهر العالم كله بالمعركة والانتصار الذى بات قريبا من المصريين، قرب المصريين من نصر أكتوبر.
وانطلق المصريون بعد الكاس
حبس المصريون أنفاسهم وتحسسوا أقدامهم في انتظار نهاية مباراة السوبر المصرية لا انتظارا للنتيجة التي بدا أن الأهلي حسمها بسهولة ولكن في انتظار أول ظهور لأول متظاهر في ميادين مصر تلك الميادين التي صارت اطلالا مند مظاهرات المصريين دفاعا عن تيران وصنافير التي تنازل وباعها السيسي في مقابل حفنة دولارات أضاعها في بناء قصور له وسجون للمصريين.. تلك الميادين التي صارت محطات بكاء في قلوب كل المخلصين للوطن من أبنائه الشباب.. انتظر المصريون اول خطوه في ميدان التحرير وميادين مصر وما أن بدأ عدد قليل من الشباب يخطو نحو ميادين الثورة حتى أمسك المصريون أنفاسهم ترقبا لما يحدث.. ويمر الوقت وتتجه كل الانظار لترى ما يحدث دعوه محمد وهل يستجيب المصريون لها ام تذهب في زحام فوز الاهلي بكاس السوبر المصري
وعادت شمس ميادين مصر الذهبية
ها هى ميادين مصر امتلأت بآلاف المصريين والشباب يذهب إلى أبعد مما ذهب إليه محمد على، الذي حاول أن يخفف الحمل على المصريين، فدعاهم للوقوف أمام منازلهم تجنبا لقبضة امنيه مستبدة طالت كل من حاول أن يعبر عن رأيه، طوال سنوات الهزيمة المرة والنكسات التي تحملها المصريين بصبر وجلد، عسى أن يأتي النصر، فاستيقظوا على كابوس فساد واستبداد طغيان لم يمر على مصر فى عصرها الحديث. وقد جاء اليوم الذي لم يعد فيه المصريون قادرين على التحمل والصبر، ولا الوقوف فقط أمام منازلهم وذهب المصريون إلى حيث اعتادوا وذهبوا إلى أقصى أمانينا. انطلقت الحناجر هاتفه بأعظم مطلب للمصريين ودوى شعار ارحل في قلوب وعقول وآذان المصريين ليتراقص كل المظلومين في السجون.
ارحل.. يسقط.. يسقط حكم السيسي
ياه يا الميدان كنت فين من زمان، ها هم المصريون ينتفضون ويعودون بذكريات يناير العظيم. ها هى أغنيات الميدان تتناقل بينهم عبر وسائل التواصل، ها هو شباب مصر ينفض عنه ليل الأيام والسنوات العجاف. ها هم وكما كانوا دائما يتخطون النخبة والساسة والمنظرين والخبراء الاستراتيجيين وكما فعلوها في يناير يعودون مره اخرى ليعيدوا الكره في سبتمبر لم يقف المصريون أمام منازلهم ذهبوا إلى الميادين لتنطلق مظاهرات الغضب في تسع ميادين في القاهرة والإسكندرية والمنصورة والمحلة ودمياط وكفر الزيات والعياط مصر تنتفض وتنفض عنها آثار الهزيمة وتنفض عن المصريين آثار القهر والمذلة وانكسارات السنوات السبع العجاف. وتتردد الأسئلة داخلنا جميعا: هل حدث؟ هل يحدث؟ هل عاد المصريون للميادين؟ لا شك في أنها لحظه نادرة وتعود الأمور إلى ما كانت عليه. أو ربما حلم عابر في ليله سبتمبرية خريفية مقمرة وتأكدت الحقائق وصار ما بعد التاسع عشر من سبتمبر/أيلول ليس كما كان قبله في حياة المصريين. انكسر حاجز الخوف انكسرت كل المخاوف لدى الجميع وطالت الأحلام مرة أخرى عنان السماء مع عودة المصريين إلى الميادين والهتاف. ارحل يا سيسي.. يسقط.. يسقط حكم العسكر.. يسقط.. يسقط حكم السيسي.. ما أجملها من شعارات عشنا سنوات نحلم أن تتردد في أرجاء المحروسة، وسيتواصل الهتاف حتى يسقط هذا الكابوس عن المصريين.
السويس مره أخرى تهزم الهزيمة
انتظر المصريون بشوق كبير اليوم التالي للتظاهر، وذهب الثوار فرادى يتحسسون ميدان التحرير وميادين الثورة، وظهرت الدعوات لاستمرار التظاهر والاعتصام ولكن كان يوم السبت هادئا طوال النهار، وفى مساء اليوم كانت مصر على موعد مره اخرى مع مدينتا الباسلة السويس التي قدمت اول شهيد في يناير ها هى السويس تعود لتتصدر المشهد الثورة عشيه يوم السبت وتنفجر في وجهه الهزيمة السويس التي وقفت في وجه شارون ودباباته فى 1973 وتنتصر. وها هى تقف في وجه السيسي وطغيانه في سبتمبر ٢٠١٩ لتستكمل الثورة وتستعيد للمصريين حلم استمرار الثورة، ها هى السويس تهزم المتخاذلين والسياسيين والأحزاب والنخبة والمكتئبين وتؤكد أن دورها الطبيعي والعظيم في أكتوبر النصر لم ولن يتوقف وستقود السويس مره أخرى مصر إلى النصر على كل من يحاول أن يقف امام مستقبل المصريين من كل الطغاة والمستبدين، وليذهب كل المتخاذلين إلى ظلام التاريخ. الكلمة الآن للشعب المصري لتسترد مصر الاسم والعناوين.
أضف تعليقك