• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: د. محمد الصغير

في الدول التي لا تُؤَله الحاكم، وتراه موظفا لدى الشعب الذي منحه السلطة ليستخدمها في خدمته لا في التسلط عليه واستعباده، تملك هذه الشعوب سلطة المساءلة والمطالبة بتقصي الحقائق وكشفها للناس، حتى الوثائق التي لها طابع السرية يُكشف عنها اللثام وتُعرض للعيان بعد سنوات معينة ومواعيد محددة.

أما بلاد القائد الملهم والحاكم الأوحد فغالبا يخلفه حاكم من عائلته أو معسكره أو مقربا منه وشريكا له، فيعمل على طمس الحقيقة وحجب المعلومة.

ولو ضربنا المثال بضباط 23 يوليو الذين كانت حركتهم سنة 1952 لمطالبة الملك فاروق ببعض الإصلاحات، ثم قرروا عزله وإرغامه على التنازل عن العرش لطفله الرضيع، وتعيين مجلس وصاية عليه، بمعنى أنه لا توجد ثورة على الملكية حتى هذه اللحظة!

ثم عزلوا الرضيع وأعلنوا اللواء محمد نجيب رئيسا للجمهورية، ثم عزلوا محمد نجيب وسجنوه في بيته، وظل محاصرا مقهورا حتى مات عام 1984 من دون أن يعفو عنه أنور السادات أو يَرِق له حسني مبارك!

أين وجه الحقيقة وما القوة التي مكنت البكباشي الشاب جمال عبد الناصر من فعل ذلك كله؟ متى تظهر حقيقة تحرك ضباط يوليو ومتى يعرف المصريون هذا التاريخ؟

كيف سيطر الصاغ عبد الحكيم عامر على الجيش بعدما ترقى من رتبة رائد إلى رتبة المشير، ثم استحدث لنفسه وظيفة فريدة وهي القائد العام للقوات المسلحة، وتحته وزارة الدفاع وأشياء أخرى لأنه أكبر من أن يكون وزيرا فقط؟

وهل كانت المسؤولية الكبرى لهزيمة 67 المذلة تقع على عاتقه وحده أم كانت فرصة عبد الناصر للتخلص منه وإزاحته؟

وهل فعلها رفيق دربه، وزميل عمره؟

متى يُكشف اللثام عن حقبة ناصر وعامر وما واكب هذه الفترة من أحداث وأهوال؟

السادات والخيانة
ثم حَكَم أنور السادات بعد عبد الناصر، وخاض حرب العبور، وتحقق النصر المباغت في ست ساعات، حتى حدث الخلاف مع الفريق سعد الشاذلي قائد الجيش ورئيس الأركان ووقعت ثغرة الدفرسوار، وتمكن العدو من امتلاك أوراق ضغط، مع وجود نقاط ضعف تقدم عبرها  على الأرض، ما أذهب زهوة النصر، وتضحيات المخلصين! فهل كان السادات مؤهلا للتدخل في سير المعارك على الأرض، وآخر عهده بالعسكرية رتبة النقيب ثم عمل في كل المهن بعد ذلك، وانقطعت صلته بالعلوم العسكرية والاستراتيجية؟

ثم حزم أمره واتخذ قراره بالصلح المنفرد مع العدو المحتل، الذي أملى عليه شروطا مذلة كعدم تعمير سيناء أو مد خطوط السكة الحديد إليها، والتحكم في عدد قوات الجيش الموجودة فيها، ما دفع وزير خارجية مصر آنذاك محمد إبراهيم كامل لتقديم استقالته، واعتبر الرؤساء العرب فعل السادات تفريطا وخيانة، وتمت مقاطعته من الجميع، ونقلت الجامعة العربية من مصر، ثم دارت الأيام وأصبحوا كلهم "سادات "!

هل كان السادات فعلا هو بطل الحرب والسلام؟ أم ارتكب الخيانة العظمى التي تجنى الأمة شوكها حتى الآن؟

أَفْرِجوا عن الوثائق لتبرئة الرجل وإنصافه، أو لفضح عمالته وخيانته؟

ثم تولى بعده حسنى مبارك الذي اختزل حرب الاستنزاف والعبور في الضربة الجوية الأولى لأنه قائد سلاح الطيران، وكرس الإعلام ذلك طيلة ثلاثين سنة مدة حكمه التي قامت على الفساد والاستبداد.

ولم يَفتْ مبارك أن يعتقل رئيسه المباشر وقائده في الحرب الفريق سعد الشاذلي الذي كان منفيا، وعاد في بداية عهده فطبق عليه الحكم الصادر بأمر السادات ورفض العفو عنه، كما فعل عبد الناصر بمحمد نجيب! ثم أحيا سنتهم عبد الفتاح السيسي النسخة العسكرية الرديئة، والطبعة الأخيرة الذي اعتقل الفريق سامي عنان رئيس الأركان وحذف الضربة الجوية من احتفالات أكتوبر، ما جعل مبارك يخرج عن صمته ليذكر بدوره، وما زلنا نتابع مع السيسي كيف كرس كوارث أسلافه ونظمها في خيط واحد!

 فهل اطلع أحد على كيف تم توقيع اتفاقية سد النهضة، والتفريط في حقوق مصر التاريخية في نهر النيل؟ أو كيف تم التنازل عن تيران وصنافير؟ وهل نحن بصدد خيانات عظمى، وكامب ديفيد جديدة تضمن توصيل مياه النيل إلى المحتلين المغتصبين؟

هذه دولة العساكر التي بدأت مع انقلاب 23 من يوليو/تموز 1952 ثم جددت جلدها بانقلاب 3 من يوليو/تموز 2013 اجعلوا بيننا ولينكم حَكَما عادلا، وبيننا وبينكم الوثائق، أَفْرجوا عنها لنسمع كلمة التاريخ فيكم، وإلى أي مكان ستقودكم أحكامه.

أضف تعليقك