بقلم د. محمد الصغير
في دنيا الناس يعرف الأفراد مواطن الاختبار وصنوف الابتلاء التي تحل بهم ولا يخفى ما يقع في الأمم والمجتمعات من الكوارث الطبيعية أو البلاء العام من أوبئة او احتلال.
فهل العسكر هم بلاء مصر والوباء العام الذي حل بها من بعد عام 1952 ولم تتعافى منه حتى الآن؟
ولو أخذنا مثالاً بموضوع مازالت أقواسه مفتوحة حتى الآن لاتضح بالمثال المقال:
أعلن جمال عبد الناصر إغلاق مضيق العقبة أمام مرور السفن الإسرائيلية لأنها مياه مصرية تقع بين مضيق العقبة و مضيق تيران وله خطبةٌ شهيرة في ذلك مما أدى الى نشوب حرب عام 1967 وهزيمة الجيش المصري هزيمة مذلة وتحطيم سلاح الجو وهو على الأرض واحتلال سيناء والضفة والجولان حتى جاءت حرب النصر في عام 1973 التي شارك فيها العرب مشاركة مشرفة على كافة الأصعدة لكن أنور السادات خذل الجميع وقبل بالصلح المنفرد مع المحتل في معاهدة كامب ديفيد الشهيرة في مقابل سيادة منقوصة على سيناء وإحالة ملف طابا الى القضاء وبقاء (أم الرشراش) تحت الاحتلال شأن باقي المناطق العربية المحتلة حتى الآن وفي مقدمتها القدس الشريف.
وفي عهد حسني مبارك الذي كان على نفس خطى السادات حتى وصفه الصهاينة (بالكنز الاستراتيجي) ونظراً لافتقارهِ لأي من مقومات القيادة التي تليق بحجم مصر وتاريخها تقزم دورها وانحسر نفوذها ثم أطبق البلاء بثقله ونأى بكلكله مع انقلاب العساكر
في الثالث من يوليو 2013 والانتقال من مرحله حكم العسكر من وراء ستار الي تولي الجيش السلطة مباشرة والتعامل مع حكم مصر بمنطق إدارة الثكنة او الكتيبة ومعاملة الشعب معاملة الأفراد والمجندين واتخاذ قرارات فردية في قضايا مصيرية نتج عنها جملة من الكوارث
لم تحدث في أي حقبة من حقب الاحتلال التي تعاقبت على (المحروسة) وأصبح ما كنا نعدُه من البلاء والوباء في عهد ناصر والسادات يأتي في عداد المقدمات والبدايات مقارنة بما قام به عبد الفتاح السيسي من كوارث وتنازلات لو عرضت على أي حر شريف أو وطني مخلص لوضعها دون تردد في خانة الخيانة العظمى فبعد أن كان عبد الناصر يتغنى بملكية تيران وصنافير ويغني له المطرب (محرم فؤاد) بذلك، تنازل عنها السيسي في خيانة مزدوجة مع نظام محمد بن سلمان الذي قام بدور التيس المستعار ولعب دور المحلل لتنازل السيسي عن تيران وصنافير لتصبح ممراً عالمياً ومياهاً إقليمية لا سلطان لمصر ولا للسعودية عليها لتسرح فيها سفن إسرائيل وتمرح في أي وقتٍ شاءت.
ثم كانت أم الكوارث التي تَرّفع عنها المحتل البريطاني الذي حافظ على حصة مصر التاريخية في مياه النيل وكتب المعاهدات التي تضمن ذلك مع دول المنبع والتي تُلزم بعدم جواز أي عمل على ضفاف النيل إلا بموافقة دول المصب (مصر والسودان) حتى قام عبد الفتاح السيسي بالتوقيع بالموافقة لإثيوبيا على إنشاء سد النهضة وإضفاء الشرعية عليه في مشهد كان أقرب إلى العروض المسرحية وكان همه الأكبر ان يُعترف به كرئيس وأن يوقع بهذه الصفة حتى لو كان في ذلك عطش المصريين وتدمير الرقعة الزراعية ودخول مصر في الشُح المائي كما أعلنوا ذلك صراحة الآن.
لو كان السيسي من جيل التابعين وجاء باختيار كافة الشعب ورضاه وتمت له البيعة بذلك وفعل واحدة فقط مما سبق لوجب عزله وخلعه ومحاكمته بتهمة الخيانة العظمى.
وليت الأمر توقف عند ذلك وحسب بل بدأ يشعر السيسي ونظامه ببوادر فعلهم الفاضح وجريمتهم النكراء التي كانت على الملأ وفي العراء فبدأوا بالتنصل مما نتج عن العلاقة الآثمة ونسبة ما تولد عنها الى ثورة الخامس والعشرين من يناير أنصع صفحات مصر في عصرنا الحديث ولكن كذبهم يبصره العميان ولا ينطلي على الصبيان
ومع ذلك أعلن آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا جراء هذا التململ أنه لن يوقفه شيء في إتمام مشروع النهضة الذي خطه لبلاده ولو استدعى الأمر حمل السلاح من أجل ذلك فإن مليوناً من الاثيوبيين مستعدين لدخول الحرب!
هكذا عبر المسئول المدني المنتخب الحاصل على جائزة نوبل للسلام وكان رد حكومة مصر التي قوامها اللواءات وقيادتها من الجنرالات أنها "يا حرام" مصدومة من ذلك حسب تصريح وزير الخارجية المصري الذي كنا ننتظر منه أن يتعامل مع قضية السد بنفس الحسم والقوة التي يتعامل بها مع ميكروفون الجزيرة.
أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامةٌ... فَتخاء تنفر من صفير الصافر.
واجب الوقت الآن أن يقف كل محب لمصر وغيور على أرضها ونيلها ومكانتها ومقدراتها صفا واحدا لإزالة سبب العطب ومنبع الكوارث وعودة سيادة مصر على جزرها والحفاظ على حقوقها التاريخية في نيلها وما بعد ذلك فمرده إلى حكم الشعب واختيار الجماهير وإلا سيكون حكم التاريخ قاسياً على الجميع.
أضف تعليقك