بقلم: عز الدين الكومي
هذا مثلٌ عربيٌّ مشهورٌ، يُطلق على من يبالغ في الكذب إلى الدرجة التي لا يمكن لعاقل أن يصدقها. وعرقوب هو رجل من العماليق الذين سكنوا فلسطين قديما، فجاءه أخوه يوما يسأله أن يُعينه، فقال له عرقوب: إذا طلعت هذه النخلة فلك طلعها، فلما ظهر طلعها جاء أخوه ليذكّره بوعده له، فقال له عرقوب: انتظر حتى يصير الطلع بلحًا، فلما صار بلحا، قال له: انتظر حتى يصير رطبا، فلما رطّب قال له: انتظر حتى يصير تمرا، فلما أصبح تمرا قام إليها عرقوب ليلا وجذها (قطعها)، ولما جاء أخوه لم يجد شيئا!.
فصار خلفه للوعد مثلاً على ألسنة الناس، وما أكثر العراقيب اليوم، في ظل نظام انقلابى فاشل، فليس أكذب من “بلحة” إلا إعلامه المأجور، والذى يطلب منه “عرقوب” أن يسحر أعين الناس بفشله و”فناكيشه”، وإذا كان سحرة فرعون سحروا أعين الناس واسترهبوهم، كما أخبرنا القرآن الكريم، فإن الإعلام العكاشى استرهب الناس وأخافهم من مصير كمصير سوريا والعراق، ثم قام بإلهائهم وإشغالهم بقضايا تافهة!!
ولا يزال “عرقوبنا” يكذب ويتحرى الكذب، ويكرر مزاعمه وأباطيله في كل مناسبة، بأنه رجل زاهد، وكان زاهدا في الرئاسة، إلى الحد الذى جعله لم يكن ينتوى الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، في حين أن كل تصرفاته وسلوكياته وسياساته الفاشلة، تؤكد أنه كاذب كذوب.
وقد استغل “عرقوب”، قبل يومين، مناسبة الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، فراح يكذب كعادته، ويقول: “أنا عمري ما كذبت، حتى في السياسة- وكأن الكذب مباح في سياسة الأشرار- وأنه لم يكن يريد الترشح للرئاسة، وأنه طلب من “عدلي منصور” الترشح لمنصب الرئاسة، لكن عدلي منصور الزاهد بطبعه رفض.
مع أن المادة 160 من دستور العسكر 2014، الذى تم تفصيله على عين العراقيب، تجعل من الرئيس المؤقت مجرد “شخشيخة” أو “طرطور” بيد قائد الانقلاب، فقد نصت على أنه “لا يجوز لرئيس الجمهورية المؤقت أن يترشح لهذا المنصب، ولا أن يطلب تعديل الدستور، ولا أن يحل مجلس النواب، ولا أن يقيل الحكومة”.
والواقع يشهد بأن قائد الانقلاب كان عنده شبق للوصول إلى الحكم، لكنه ظل يتمنع وهو راغب، ويؤكد أنه غير طامع بالسلطة، وأنه لن يترشح للرئاسة، وقال فى أكثر من مناسبة: “لن أترشح للرئاسة، ولن أسمح للتاريخ بأن يكتب أن جيش مصر تحرك من أجل مصالح شخصية”.
وأكد أكثر من مرة، أنه ليس مع تعديل الدستور، وأنه لن يبقى دقيقة واحدة، إذا الشعب، طالبه بالرحيل، ومع ذلك أمر بتعديل الدستور ليضمن البقاء حتى عام 2030، وقام باعتقال كل من سولت له نفسه، أن ينافس “عرقوب”- أقصد السيسي- من أمثال سامى عنان والعقيد قنصوة، ومن قبلهما أحمد شفيق.
كما قال أكثر من مرة إنه لن يلغى الدعم “إلا لما يغنى الناس”، وصرح في 2014 عند ترشحه للرئاسة، التى يزهد فيها قال: “مش هشيل الدعم إلا لما أغني الناس الأول (أولا)”.
وكم تحدث “عرقوب” عن حرية الإعلام في مصر، وأن مصر واحة للحرية والديمقراطية، وبلد الأمن والأمان، مع أن مصر تحتل المرتبة 163 من 180 دولة في حرية الصحافة، وتقع بالمنطقة الداكنة على الخريطة العالمية، وضمن عشرين دولة بالقائمة السوداء التي تشير إلى سوء أوضاع الصحافة.
وكم نفى “عرقوب” وجود معتقلين سياسيين في سجون ومعتقلات العسكر، ولكن تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، كل يوم تفضح النظام الانقلابى، وأن هناك عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين بتهم ملفقة. واسألوا أم “ريجينى” عن عرقوب وأكاذيبه، الذى فضحته الصحافة الإيطاليّة!.
فالكذب وإخلاف الوعد وخيانة الأمانة كلها صفات اجتمعت في عرقوب العصر، كما قال الرسول الكريم في الحديث الشريف: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ).
وكشف مقاول الجيش، والفنان ” محمد على” غيضا من فيض أكاذيب عرقوب وعصابته، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، عندما قال: إن عرقوبا كذب في تصريح سابق له، عندما أعلن إتمام مشروع “مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا”، على الرغم من توقُّف العمل في المرحلة الأولى من البناء.
وإذا كان عرقوب لا يكذب كما يزعم– لكن الحقيقة أنه أكذب أهل زمانه- وإلا لمَنْ يبني عشرات القصور والفلل، بمليارات الجنيهات إذا كان زاهدا، وكلها من أموال القروض، التى ستتحملها الأجيال؟ فهل الزاهد في السلطة يبنى القصور ويهيمن على كل سلطات الدولة؟.
وكما يقولون إن لغة الأرقام لا تكذب مثل عرقوب الكذاب المخادع، فقد قال عرقوب في أول عراقيبه، بتاريخ 5 مايو 2014: “اصبروا سنتين نتحسن”، وفى 11 مايو 2014 قال: “سنتين جيوب المصريين هتبقى مليانة”، أما في 19 نوفمبر 2014 فقال: سنتين بس.
وواصل عرقوب وعوده الكاذبة، فقال في 4 يونيو 2015: بعد سنتين ستجدون العجب، بينما قال في 16 سبتمبر 2016: “متهاجروش واصبروا سنتين”، وفي 28 ديسمبر 2016 قال عرقوب: “أعطوني 6 أشهر بس”.
وعلى ما يبدو فإن الحالة النفسية لعرقوب تعكس تصريحاته التى تأتى من فلتات لسانه، كأن يقول لست خائفا وهو مرعوب، أو يقول لا أكذب وهو أكذب مَنْ دَبَّ ودَرَجَ ، أو (عمري ما كدبت)، ويصف نفسه بالصادق الأمين؟ وهو الكاذب المخادع، وهذا دليل دامغ على خوفه وكذبه، كما قال أحد الحكماء: مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلاَّ ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وَصَفَحَاتِ وَجْهِهِ.
أضف تعليقك