اشتكى معتقلي "العقرب" من حرمانهم من الشمس والتواصل مع العالم الخارجي، وذلك في رسالة مسربة من داخل زنازين سجن العقرب.
وقالت الرسالة، التي حملت عنوان "الحرمان من الشمس والهواء"، إن "الشمس والهواء المتاحان المباحان لكل إنسان لم نرهما، لأنه تحكم فيهما مخلوق؛ فالشمس النعمة التي لا غنى لنا عنها، والهواء الذي لا غنى لنا عنه حرام علينا في مقبرة العقرب".
وأضافت:" في الغرف الانفرادية للعقرب يسكن اثنان وثلاثة وأربعة وأكثر من ذلك، وهي سيئة التهوية وضيقة جدا جدا، وكان المتنفس الوحيد في اليوم هو التريض، وهو فتح أبواب المقابر للتهوية نصف ساعة يوميا، نصف ساعة فقط لأهل المقابر، وساعة لأهل الأمراض وكبار السن أحيانا في الحال الأفضل للمعيشة، وبلا أمل أبدا في رؤية الشمس".
وأشارت إلى أن "مقابر العقرب تفتح (أثناء التريض) ويخرج المعتقلون إلى طرق مسقوفة بالخرسانة لا منفذ فيها إلى شمس أو هواء، وعرضها لا يزيد عن مترين فقط بطول العنبر"، مؤكدة أن التريض يفُتح ويُغلق حسب الأوضاع السياسية والأمنية للبلاد.
وتابعت: "مع كل حدث سياسي أو أمني يُغلق التريض بالأسابيع، حتى صار الفتح والغلق لعبة نفسية يلاعبوننا بها، فإذا لم يفتح التريض يوما ونحن فى المقابر نظل مترقبين فى عزلتنا التامة ما يمكن أن يكون قد حدث ولا نعرف إلا بعد أسابيع ما يمكن أن يكون سببا في الغلق، وقد نعرف أو لا نعرف، حيث لا يتذكر معتقلو السجون الأخرى في الجلسات ما يمكن أن يكون قد حدث في يوم معين منذ أسابيع".
وأردفت: "بعد معركة البطون الخاوية التي خاضها معتقلو مقبرة العقرب في 2016 تم فتح تريض الشمس في ساحة مربعة بين العنابر محاطة بقفص حديدي لمدة أشهر تحسنت فيها صحة المعتقلين ورفعت عنهم المرض ثم تم إغلاقة من جديد في 4 أبريل 2017 بدون أدنى سبب أو مبرر ومن يومها وحالات الربو والجرب والسل تنتشر بلا رحمة بيننا، ومن منا لا يمر عليه يوم دون أزمات تنفسية أو قلبية متكررة".
وقال المعتقلون في رسالتهم: "هواء المقابر العفن يقتلنا ببطء وعذاب، ولا نتصور كيف يحيا ثلاثة أو أربعة من البشر في هذه المقابر المغلقة كالصناديق الضيقة كل الضيق، وكأن الانقلاب يجثم على الأنفاس، وهواء المقابر العطن يقتل فينا الحياة والإحساس".
وأكدوا أنه "منذ 17 سبتمبر 2019، وبعد فيديوهات المقاول محمد على التي فضح فيها فساد الانقلاب بدأت مصلحة السجون وإدارة مقبرة العقرب في الانتقام منا، بل ينتقم النظام الهش المجرم منا بذنب ليس لنا يد فيه، وإن شعرنا بالسعادة والأمل حين ظهر للكافة كذب الانقلابيين وخداعهم للشعب فأعادت الإدارة الكرة وأغلقت التريض لتحبس فينا الأمل وتقتل مشاعر التفاؤل بالهواء النتن من منطلق الانتقام من فرحتنا ومبدأ أضرب المربوط .. لنحيا من يومها في الضيق والألم".
واستدرك المعتقلون بقولهم: "لكن الرؤوس له (النظام) لن تنحنى مهما طال بنا هذا الحال ودوامه بإذن الله من المحال، ولمن أراد التأكيد من غلق التريض فلديه كاميرات مراقبة السجن التي تسجل كل فتح وغلق وكل حركة داخل العنابر ليرى بنفسه هل خرج واحد من مقبرته سوى الخروج لجلسات المحاكمة".
وتساءل المعتقلون في رسالتهم: "لماذا نحرم من هذه النافذة على الحياة، هل كما قال لنا الضابط محمد عبدالجواد في عام 2015: (احنا وراكم لغاية لما ينسوكم خالص؟)، وهل كما كان يدخل مفتش المباحث أحمد أبو الوفا إلى كبائن الزيارة ويهين المعتقل أمام أهله لكي يطلب المعتقلون من ذويهم عدم المجيء ليتجنبوا الإهانة لهم؟".
وأكملوا: "تكررت الوعود من ضابط الأمن الوطني أحمد سيف، وبعده الضابط أحمد أمين (أسماء مستعارة) بفتح الزيارة، ولكن لأشخاص مُعينين ممن يوقعون على مبادرات وتنازلات، كما حدث في السجون الأخرى، لكن حتى هذا لم يحدث، ولم تفتح الزيارة منذ مارس 2018 وحتى يومنا هذا حتى قرارات المحاكم بتمكين الأهالي من زيارتهم ضُرب بها عرض الحائط ولم تُنفذ ومُزقت أمام أعين الأهالي".
وأشاروا إلى إهمال وتجاهل الحكم القضائي الذي حصل عليه نائب رئيس حزب الوسط، والمُعتقل بسجن العقرب، عصام سلطان، من تمكينه من الزيارة، مضيفين: "لا رقيب ولا قانون ولا حقوق لكل من بداخل المقبرة، وكروت الزيارة لا تزال موجودة لمن أراد مراجعتها، وكذلك قرارات النيابة التي لم تُنفذ، وشكاوى أهالينا وذوينا إلى النيابات".
وتابعوا: "أحلام كل واحد منّا أن ينظر إلى ولده أو ابنته أو يرى أمه أو أباه قبل أن يفارقه إلى غير لقاء، كما حدث مع العشرات منّا، كما حدث مع من أُعدموا في قضية النائب العام دون أن يروا أهاليهم لسنوات، ومنّا من يفقد أهله ولا يعلم إلا بعدها بشهور خلال جلسات المحاكمة. حتى المحامين لا يستطيعون زيارتنا مع أنهم يحملون تصاريح النيابة لا لشيء إلا لأننا صامدون".
أضف تعليقك