بقلم: د. محمد الصغير
أعلن رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد عن عقد قمة إسلامية مصغرة تضم كلا من إندونيسيا أكبر البلاد الإسلامية عددا حيث يبلغ عدد المسلمين فيها أكثر من مائتي مليون نسمة، وباكستان الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك سلاحا نوويا، وتركيا صاحبة أعلى معدلات للنمو الاقتصادي، والأولى أوربيا والسابعة عالميا في الإنتاج الزراعي، كما يصنف جيشها ضمن أقوى عشرة جيوش في العالم، ثم تأتي قطر ممثلة للأمة العربية دون غيرها من الدول التي تتفوق عليها في العدد والمساحة والقدرات العسكرية! فهل ثمة ما جعل قطر تحتل هذه المكانة، وما الذي أخر الدول الأخرى؟
أهمية قطر
جاء في تعريفنا بالدول الأربع الكبار ذكر أهم مصادر قوتها وتفوقها، ويبدو فيها التنوع الواضح، وهنا تكمن أهمية قطر صاحبة أكبر حقل للغاز الطبيعي، وأعلى دخل للفرد على مستوى العالم، كما تحتل المركز الأول عربيا والثاني عالميا في جودة التعليم وبرامجه، بالإضافة إلى الآلة الإعلامية الضخمة، والتجربة الإخبارية الرائدة المتمثلة في شبكة الجزيرة التي تعد من أقوى وسائل القوة الناعمة التي تمتلكها قطر، ولعل هذه الأسباب التي رشحت قطر لتكون خامسة الدول الكبار هي التي دفعت الجيران وحملتهم على الحصار الذي تخطى عامه الثاني، وقطر في تقدم ثابت، وتكسب كل يوما مكسبا جديدا سواء على صعيد السياسة أو الاكتفاء الاقتصادي ذاتيا، مع زيادة التألق الإعلامي.
كما كشفت الأزمة عن معدن الشعب القطري الطيب، والتفافه حول القيادة الواعية التي أدركت ذلك وثمنته غاليا، دون تفرقة بين المواطنين والمقيمين، وفي أثناء ذلك كله لم تنفك القيادة القطرية عن مد يد الصلح والسعي لرأب الصدع بما لا يخالف السيادة الكاملة والمبادئ الراسخة.
على حساب مصر
أما تصدر قطر فقد جاء على حساب مصر الشقيقة الكبرى عربيا التي تقزم دورها، وتأزمت أحوالها في ظل النسخة العسكرية الأخيرة التي جمعت أسوأ ما في عهود السابقين من الخسف والعسف، والتعذيب والتنكيل، والتفريط في الأرض ومياه النيل، والانتقال من مرحلة الفساد المبعثر إلى الفساد المنظم، وإدارته من خلال مؤسسات الدولة!
وكذلك على حساب السعودية الشقيقة الكبرى خليجيا التي تجتهد في الانسلاخ من كل مقوماتها وعوامل قوتها طواعية.
وإذا كانت القمة الإسلامية المصغرة التي أعلنت عنها ماليزيا لتكون نواة لتعاون إسلامي في مجالات عدة، ومحاولة للتصدي للأمواج العاتية التي تتعرض لها الأمة، فهذا بالطبع ستعتبره أبوظبي حملة مُناهضة لسياستها الخارجية التي تقوم على محاربة تطلعات الشعوب العربية، وتعويق النهضة الإسلامية بكل الوسائل الممكنة ماديا كما دعمت الانقلاب العسكري في مصر، أو عسكريا كما تفعل في قصف المدنيين في ليبيا واليمن، أو سياسيا كما حاصرت قطر وسعت إلى عزلها، ونأمل أن يكون محور ماليزيا سببا في اعتدال الكفة أمام محور الانقلابات والاضطرابات، وبداية للسعي في الطرق الصحيح.
أضف تعليقك