أورد موقع الشارع السياسي تحليلاً رصد فيه حالة من الخوف والفزع تسود الأوساط المصرية في أعقاب الإعلان عن أول إصابة مؤكدة بفيروس “كورونا” المميت، بحسب بيان مشترك بين وزارة الصحة والسكان بحكومة الانقلاب ومنظمة الصحة العالمية، وذلك يوم الجمعة 14 فبراير2020م؛ وبحسب البيان فإن الإصابة لشخص لشاب صيني في الثلاثينات من العمر، وأن الوزارة اتخذت إجراءات وقائية مشددة حيال المخالطين للحالة من خلال إجراء التحاليل اللازمة والتي جاءت سلبية للفيروس، كما تم عزلهم ذاتيًا في أماكن إقامتهم كإجراء احترازي لمدة 14 يومًا «فترة حضانة المرض»، لافتًا إلى متابعتهم دوريًا كل 8 ساعات وإعطائهم الإرشادات الصحية الواجب اتباعها، كما تم تعقيم المبنى الذي كانت تقيم به الحالة والمخالطون لها.
وذكر التحليل أن أزمة تفشي فيروس “كورونا” في الصين أفضت إلى خسائر كبيرة وذلك بعد أن تم وقف الكثير من النشاط الاقتصادي وغلق آلاف المصانع والحد الواسع من حركة الشحن البري والبحري والجوي، بخلاف الحجر الصحي الذي وضعته السلطات الصينية على مناطق بأكملها تحولت إلى مدن أشباح، وانعدمت فيها الحركة بعد أن كانت تموج بملايين البشر. وقدرت وكالة بلومبرج الأمريكية المتخصصة في الاقتصاد خسائر الصين بحوالي 140 مليار دولار؛ لكن مع تزايد عدد الضحايا بشكل مخيف وعدم قدرة السلطات الصينية على احتواء الفيروس حتى اليوم؛ دفع خبراء عالميين في الاقتصاد إلى توقعات أكثر قتامة لاقتصاد الصين خلال المرحلة المقبلة. هذه الأوضاع المخيفة انعكست على الاقتصاد العالمي كله ومنه الاقتصاد المصري، ذلك أن حجم الاستثمار الصيني في مصر تجاوز الـ 7 مليارات دولار أمريكي.
وأضافت: وفي يوم الثلاثاء 11 فبراير2020م، تقدم النائب حسن عمر حسنين، ببيان عاجل إلى حكومة الانقلاب بشأن المخاطر المتوقعة على الاقتصاد، من استمرار انتشار فيروس كورونا في الصين، ووقف الاستيراد منها. حيث أكد أن “كورونا” سوف يتخطى تأثيره من الصحة إلى الاقتصاد، حيث سيؤدي إلى خفض التجارة العالمية وهو ما سيؤثر على حركة السفن في قناة السويس، وحركة السياحة خاصة أن مصر أصبحت مقصدا سياحيا للصينين. وأوضح أن مصر تستورد من الصين عدة منتجات، مما ينذر بحدوث حالة من ارتفاع الأسعار لندرة المنتجات المستوردة من الصين، مما ينتج عنه أزمة كبيرة داخل السوق المصرى.
وتابعت: سجلت الصين حتى كتابة هذه السطور حوالي 1400 حالة وفاة ونحو 65 ألف حالة إصابة لفيروس “كورونا” المميت الذي تفشى في البلاد بدءا من 12 ديسمبر 2019م؛ والذي وضعت له الصحة العالمية اسما علميا جديدا «كوفيد-19 (COVID-19) وهو اختصار لـ Corona Virus Disease أي مرض فيروس كورونا ورقم 19 نسبة لعام 2019 حيث ظهرخلاله، وذلك خلال مؤتمر صحفي على هامش اجتماع في جنيف حول الفيروس الجديد ضم نحو 400 خبير. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فقد تجاوز عدد ضحايا “كورونا” ضحايا وباء “سارس” الذي تفشى في الصين أيضا بين عامي 2002 و2003م والذي أدى إلى وفاة “774” شخصا حتى تم احتواؤه. بخلاف الصين، تفشى الفيروس القاتل في حوالي 30 دولة وأدى إلى حالتي وفاة ونحو 400 إصابة. أما المصريون الذين تم ترحيلهم من ووهان الصينية مصدر الوباء وعددهم حوالي “300” ، فقد تم وضعهم في مستشفي مخصص لذلك وسط أنباء تؤكد أنهم وضعوا في حجر صحي تابع لقاعدة محمد نجيب العسكرية بمحافظة مرسي مطروح في الشمال الغربي من البلاد.
وعند رصد مضامين التناول الإعلامي ومفرداته في منظومة الإعلام التابعة لنظام الانقلاب في مصر لأزمة تفشي فيروس “كورونا” المميت في الصين، رأت الدراسة أنه يمكن الجزم بأن التوجيهات صدرت من المخابرات العامة وأجهزة السيسي الأمنية المشرفة بشكل مباشر على جميع وسائل الإعلام بعدم تناول الموضوع بشكل سلبي يمكن أن يتسبب في حالة من الخوف والفزع، بل على العكس، فإن الصحف والفضائيات والمواقع التابعة للنظام شنت حملة هادئة للحد من هذه المخاوف والتقليل من حجم التداعيات الكارثية للفيروس القاتل على الصين. بخلاف الجزم بعدم تناول أي تقارير سلبية حول تأثيرات الفيروس الضارة على الصين والتي تنعكس بشكل مباشر على الوضع الصحي والاقتصادي في مصر سواء ما يتعلق بالسياحة أو الاستيراد أو حالة الارتباك الملاحي في قناة السويس؛ بعد أن تم وقف عمليات الشحن البحري في الموانئ الصينية؛ بما يؤدي حتما إلى تراجع إيرادات قناة السويس. ورغم هذه التشديدات لكن تقارير قليلة تم رصدها في إعلام النظام تناولت بعض هذه الأضرار مع تحفظ شديد في الصياغة بما لا يغضب أصحاب النسور اللامعة في دهاليز المخابرات.
مخاطر انتقال الفيروس
ورأت الدراسة التحليلية أن الخطر الأكبر من هذه الأزمة هو انتقال الفيروس إلى مصر؛ في ظل الإعلان عن أول حالة إصابة يوم الجمعة 14 فبراير2020 لشخص صيني، في ظل خطورته الشديدة والذي جعل العالم كله يقف عاجزا أمام قدرته السريعة على الانتشار والتحور مع عدم الوصول إلى دواء فعال يمكن أن يسهم في احتوائه حتى اليوم. وأسباب هذه المخاوف عديدة منها:
أولاً: أن منظمة الصحة العالمية عندما أعلنت حالة الطوارئ الدولية في 30 يناير2020م، كان الهدف الأكثر خطورة هو منع انتشار الفيروس إلى دول لا تتمتع برعاية صحية متطورة ومتقدمة؛ وقال «تيدروس أدهانوم غيبريسوس»، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: “أكبر مخاوفنا هو احتمالية انتشار الفيروس إلى الدول التي تعاني من ضعف الأنظمة الصحية والتي ليست جاهزة للتعامل مع مثل هذه الحالات”. وبالطبع فإن مصر من هذه الدول التي لا تحظى بقدر كاف من الرعاية الصحية مثل الصين التي تقع في المركز 51 من بين 195 دولة من حيث مستوى الجاهزية لتفشي الأمراض، وفقاً لمؤشر الأمن الصحي العالمي. أما مصر فتحتل المرتبة “87” عالميا ويحذر المؤشر العالمي من أن النتائج تشير إلى أن “الجاهزية” الدولية لمكافحة تفشى الأوبئة “ضعيفة”، ولا توجد دولة في العالم “مستعدة كليا” لها وكل الدول لديها “فجوات يجب أن تعالجها”. كذلك وجود “ضعف كبير” في قدرة الدول على منع واكتشاف الأمراض وقدرتها على الاستجابة للطوارئ الصحية وهناك “فجوات عميقة” في نظامها الصحي وهي “معرضة لمخاطر بيئية واجتماعية واقتصادية وسياسية قد تؤثر سلبا على استعدادها لمواجهة تفشي الأوبئة والاستجابة لها. ويكشف التقرير أن 75 في المئة من دول العالم حققت درجات منخفضة في مؤشرات القدرة على مواجهة تهديدات بيولوجية.
ثانيًا: اكتشاف أول حالة في مصر يسهم في مزيد من المخاوف والفزع، وكان تقرير لصحيفة “لوموند” الفرنسية نشرته الاثنين 11 فبراير2020م، أشارت إلى دراسة أعدها فريق دولي من جامعات هارفارد والسوربون وبروكسل، تؤكد أن “مجموعة من ثلاث دول تقع في المراكز الثلاثة الأولى في إفريقيا من بين الدول الأكثر تهديداً بوصول الفيروس، وهي مصر والجزائر وجنوب افريقيا. وتليهم مجموعة ثانية مكونة من نيجيريا وإثيوبيا “. وأظهرت الدراسة البحثية أن هذه الدول هي الأكثر عرضة لتفشي فيروس “كورونا”، وذلك بناءً على علاقات هذه الدول بالصين وضعف استعداداتها الطبية. واعتمدت الدراسة على معايير إطار المراقبة والتقييم الخاص باللوائح الصحية الدولية لمنظمة الصحة العالمية في تحديد مؤشرين لمدى جاهزية الدول لمواجهة الأوبئة وعرضتها لها. كما ركزت الدراسة على مؤشرات اقتصادية واجتماعية وصحية وتحليل للمرور الجوي بين الصين وأفريقيا. ووفقاً للمعايير التي اعتمدت في الدراسة، تعد حركة النقل الجوي أحد أهم العوامل التي يمكن أن تسرع من تفشي الفيروس.
ثالثًا: يزيد من المخاوف أن تقديرات بعض العلماء تذهب إلى التحذير من كارثة مروعة حال تحول الفيروس إلى وباء عالمي، حيث توقع الدكتور جابرييل ليونج، رئيس طب الصحة العامة بجامعة هونج كونج، لصحيفة “الجارديان” البريطانية أثناء سفره للمشاركة في مؤتمر عالمي بشأن التعاون العالمي لمواجهة “كورونا” أن الفيروس يمكن أن يصيب 60% من سكان العالم إذا لم يتم احتواؤه. يعزز من هذه المخاوف أن الحكومات المستبدة (مثل الصين ومصر) عادة ما تسعى لإخفاء الحقائق ولا تتمتع بمصداقية وافية في مسألة الشفافية؛ وهو ما فعلته الصين في بدايات انتشار الفيروس فلم تكشف عنه إلا متأخرا بعد أن تفاقم وانتشر وبات احتواؤه عصيا على قدرات السلطات، بل إن الأجهزة الأمنية الصينية هددت الطبيب الذي حذَّر مبكرا من الفيروس واتهمته بنشر شائعات مغرضة رغم أنه مات بعد ذلك تأثرا بإصابته بالفيروس وسط غضب واسع من الصينيين. هذا الموقف دفع صحيفة “التايمز” البريطانية إلى اتهامات السلطات الصينية بعدم الشفافية حول انتشار الفيروس واعتبرت ذلك تقويضا للثقة وتهديدا مباشرا يسهم في زيادة انتشار الفيروس.
الاقتصاد المصري.. تهديد ثلاثي الأبعاد
التأثيرات السلبية لانتشار فيروس كورونا تتخطى القطاع الصحي لتمتد نحو الاقتصاد المصري، الذي يواجه تهديدات ثلاثية الأبعاد تتعلق بالتأثيرات الضارة والسلبية على قطاعات السياحة والملاحة البحرية في قناة السويس والتبادل التجاري مع الصين الذي ينعكس سلبا على الصناعة المصرية التي تعتمد على كثير من المنتجات الوسيطة في عمليات التصنيع، وهي القطاعات التي تأثرت بشكل سلبي مباشر بعد الإعلان عن انتشار الفيروس.
أولاً: ضربة للسياحة المصرية
على مستوى التداعيات الضارة على الاقتصاد المصري، فقد تحول الموسم السياحي الحالي إلى أزمة جديدة لـ 24 شركة سياحة مصرية تستجلب السياح من الصين بعد منع الحكومة الصينية مواطنيها من السفر خارج البلاد للسيطرة على فيروس كورونا الذي تسبب في خسائر عاجلة بحوالى 15 مليون دولار لشركات السياحة المصرية. وحذر مجلس السياحة والسفر العالمي من أن انتشار فيروس كورونا الجديد في الصين يمكن أن يترك تأثيرا اقتصاديا طويل الأمد على السياحة العالمية في حال تم السماح بانتشار الفيروس. وبحسب الدكتور سعيد البطوطى المستشار بمنظمة السياحة العالمية فإن خطورة انتشار الفيروس على حركة السياحة الدولية ستكون كبيرة؛ لأن السوق الصينية كبيرة جدا ويصدر 178,4 مليون سائح لمختلف دول العالم وينفقون حوالى 277,3 مليار دولار سنويا، حيث تعد الجنسية الصينية من أعلى الجنسيات إنفاقا في قطاع السياحة.
وبحسب أيمن أبو زيد، رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والثقافية، فإن فيروس كورونا أضر ضررا كبيرا بالأعداد الوافدة من الصين للأقصر وأسوان، مؤكدا أنه كان من المنتظر أن يصل عدد السياح الصينيين الوافدين للبلاد خلال الموسم السياحي الجاري إلى 250 ألف سائح، بزيادة 50 ألف سائح عن الموسم الماضي، وذلك بعد أن جرى زيادة المطاعم الصينية، والمرشدين السياحيين الناطقين باللغة الصينية، بجانب نشر لافتات إرشادية باللغة الصينية في الميادين والشوارع داخل كافة مقاصد السياحة الثقافية بمختلف المناطق، واتخذت حكومة الانقلاب عدة إجراءات وقائية على المستوى الصحي انعكست سلبيا بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي منها:
1-: قررت "مصر للطيران" تعليق رحلاتها من وإلى الصين في 30 يناير2020م، وذلك بعد يوم واحد فقط من تعليق الخطوط الجوية البريطانية رحلاتها من وإلى الصين، وتسير مصر للطيران 12 رحلة أسبوعية إلى 3 مدن صينية، موزعة بين 6 رحلات إلى مدينة جوانزو، و3 – 4 إلى العاصمة بكين، إضافة إلى 3 رحلات لمدينة هانزو. وبحسب بيان رسمي صادر عن الشركة فقد قررت تعليق رحلات مدينة هانزو الصينية اعتبارًا من أول فبراير وعلى التوالي بكين وجوانزو اعتبارا من يوم ٤ فبراير.
وقالت الشركة: إن تعليق الرحلات سيكون لحين إشعار آخر، لمواجهة انتشار الفيروس، مؤكدة أن قراراها يأتي حفاظاً على سلامة وصحة عملائها من المسافرين على متن هذه الرحلات. وأشارت إلى أن قرار تعليق الرحلات في هذا التوقيت في ضوء التزامها بعودة المجموعات السياحية المتواجدة حاليًّا بمصر؛ حيث غادر أخر فوج سياحي صيني متواجد يوم ٤ فبراير القادم.
2- وجه انشار الفيروس القاتل في الصين ضربة موجعة للسياحة المصرية، وبحسب تقارير حكومية فقد ارتفعت السياحة الصينية إلى مصر خلال السنوات الثلاث الماضية بنسبة 30% وفقا لقنصل عام جمهورية الصين الشعبية بالإسكندرية جياولي ينج. وفي أعقاب تفشي الفيروس أوقفت الشركات السياحية الصينية جميع الفعاليات والأنشطة السياحية، وطالبت السائحين الصينيين الالتزام بتعليمات الحجر الصحي في الدول المتواجدين فيها، والتعاون مع السلطات المحلية في الدول التي يسافرون إليها.
3- أدت المخاوف من انتشار الفيروس إلى إعلان سفير الصين بالقاهرة لياو ليتشياتغ بأن بلاده سوف ترحل جميع السياح الصينيين بمصر خلال 5 أيام فقط، وهو ما تم تنفيذه بالفعل، نافيا وجود حالات إصابة بفيروس كورونا بين الصينيين في مصر كما تردد بشأن الاشتباه بحالات إصابة بالفيروس لدى 4 سائحين صينيين في مدينة الغردقة وحالتين بالأقصر.
4- وكانت وزارة السياحة بحكومة الانقلاب قد أعلنت الأحد 26 يناير2020م، وقف جميع الرحلات السياحية القادمة من الصين إلى كافة المطارات والمدن، كإجراء احترازي لتفادي دخول وباء كورونا القاتل إلى البلاد. وقد تم إلغاء جميع الحجوزات القادمة من شركات السياحة الصينية إلى أجل غير مسمي، بحسب بيان صادر عن الوزارة، أكدت فيه أنه تم إلغاء الرحلات التي تم حجزها مسبقا بجميع المدن السياحية ومنها الغردقة وشرم الشيخ والأقصر وأسوان.
وأكدت الوزارة أن فيروس كورونا وما يتبعه من إجراءات لتفادي دخوله البلاد، سيؤثر بالسلب على حركة السياحة في مصر، لاسيما أن السياحة الصينية الوافدة إلى مصر تمثل أكثر من 10% من السياحة المصرية. في ظل الخوف والقلق من انتشار الفيروس جراء تواجد الصينيين الحاملين له، أكدت منال حمادة، مديرة قسم السياحة الصينية بشركة جلاكسيا، إلغاء 99% من المجاميع السياحية الصينية المتعاقدة لزيارة مصر خلال الأسبوعين القادمين، إثر الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات الصينية للحد من انتشار كورونا الجديد. وقد زار مصر خلال عام 2019 نحو 290 ألف سائح صيني، مقارنة بـ 240 ألف في عام 2018، وفقا لمديرة قسم السياحة الصينية بشركة جلاكسيا.
ثانيًا: توقعات بتراجع إيرادات القناة
انعكاسات تفشي فيروس “كورونا” الضارة على الاقتصاد المصري تمتد أيضا إلى قطاع الملاحة البحرية بقناة السويس؛ فقد توقعت مصادر ملاحية لوكالة رويترز للأنباء أن تتراجع إيرادات قناة السويس هذا العام تأثرا بتراجع قطاع شحن الحاويات عالميا والذي أصيب بحالة من الإرباك. فالصين نقطة اتصال حيوية بالنسبة لقطاع الحاويات، حيث يجري نقل كل شيء بدءا من الأطعمة الطازجة وحتى الهواتف والملابس الفاخرة وكذلك المكونات الصناعية. ووفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن هيئة قناة السويس، يعبر القناة حوالي 24 في المائة من إجمالي تجارة الحاويات العالمية، فيما تستوعب القناة نسبة 100 في المائة من تجارة الحاويات المارة بين آسيا وأوروبا.
وتؤكد رويترز أن "فيروس كورونا سيتسبب حتماً في تراجع حركة شحن البضائع بين آسيا وأوروبا، وهو ما سيلقي بظلال سلبية على حركة عبور السفن لقناة السويس، لكن ليس من المعلوم حتى الآن حجم التأثيرات المتوقعة والتي ستتوقف على مدى مواجهة الفيروس واستقرار الاقتصاد الصيني واستمرار عمليات التبادل التجاري بين الأسواق الكبرى".
توقعات تقرير رويترز تعتمد على مصادر في قطاع الشحن، تؤكد أن الفيروس الصيني سريع الانتشار، أصاب قطاع شحن الحاويات عالمياً بحالة من الارتباك، إذ تغير شركات نقل حاويات مسار شحنات ويتقلص الطلب على الموانئ الصينية، وهو ما يشي بأن شهوراً من تأخر التسليمات قادمة.
السبب الثاني بحسب رويترز أن تفشي الفيروس تسبب في إغلاق الكثير من المدن والمصانع في الصين وفي اضطراب حركة السفر الجوي العالمية. وفاقم قرار الصين مد فترة عطلتها بمناسبة العام القمري الجديد حتى العاشر من فبراير التعقيدات اللوجستية، رغم أن موانئها لا تزال مفتوحة. وبالفعل وبدأت العديد من الشركات العالمية تكشف عن حجم الأضرار التي تتعرض لها جراء حالة الشلل التي يعانيها الاقتصاد الصيني، حيث توقفت خطوط إنتاج في شركات كبرى منها السيارات، جراء توقف توريد المكونات المصنعة في الصين.
يعزز من هذه التوقعات أيضا أن وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال العالمية للتصنيفات الائتمانية، خفضت توقعاتها للنمو الصيني في 2020 إلى 5 في المائة من 5.7 في المائة، قائلة إن أثر تفشي الفيروس التاجي قد يكون وخيما في الأجل القصير.وقال شون روش، كبير اقتصاديي آسيا والمحيط الهادئ في الوكالة، أمس الجمعة: إن “معظم الأثر الاقتصادي للفيروس التاجي سيكون محسوسا في الربع الأول، وسط توقعات أن يكون التعافي الصيني بحلول الربع الثالث من هذا العام وهو أمر مرهون بمدى قدرة الصين على احتواء الفيروس والحيلولة دون تفشيه.
بالطبع أصدرت هيئة قناة السويس التابعة لحكومة الانقلاب بيانا تنفي فيه تراجع معدلات الملاحة خلال شهر يناير، رغم أن أحد لم يقل إن الأضرار حدثت في يناير الذي أعلنت سلطات الصين في منتصفه عن الفيروس، بل إن التقارير التي نشرتها رويترز تتحدث عن توقعات مستقبلية حول تراجع معدلات الملاحة وهو ما سينعكس على معدلات إيرادات القناة وعلى الأرجح هي توقعات ستبدأ من إيرادات شهر فبراير الجاري “2020”.
ثالثًا: الصناعة والاستيراد
تستورد مصر كثيرا من المواد الخام والسلع والمنتجات، أبرزها المواد الخام والسلع الوسطية لواردات الصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية والكهربائية؛ الأمر الذي يتطلب ايجاد مصدر بديل لها قرابة 6 أشهر على الأقل حتى يتم التأكد من احتواء فيروس “كورونا” القاتل. وتتفاقم الأزمة إذا علمنا أن واردات مصر من الصين سجلت ارتفاعًا إلى 9.582 مليار دولار خلال 10 أشهر الأولى من 2019، مقابل 9.464 مليار دولار خلال الفترة نفسها من 2018، بنسبة زيادة قدرها %1.2، وفقًا لأحدث تقرير صدر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. ووفقا لبيان من فتحي الطحاوي، عضو الشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، فإن أهم واردات مصر من المنتجات الصينية ليس بينها سلع غذائية، وإنما تتركز في أجهزة كهربائية بقيمة 2.6 مليار دولار، يليها آلات وأجزاؤها بقيمة 1.3 مليار دولار، ثم «شعيرات تركيبية» أو «اصطناعية» بقيمة 613.1 مليون دولار، ومصنوعات الحديد بقيمة 492.1 مليون دولار، ومنتجات بلاستيكية بقيمة 421.1 مليون دولار.
أولا: يرى أحمد شيحة، رئيس شركة العالمية للتجارة، والرئيس السابق لشعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن التأثير الأكبر على الصناعة المصرية هو اعتماد السوق على استيراد سلع وسيطة، وخامات هندسية، ومستلزمات إنتاج وإلكترونيات، ولا يوجد واردات غذائية. وأوضح أن مصر تستورد من الصين حوالي 85% من السلع سواء كانت منتجات أو مستلزمات إنتاج وغيرها. فالصين تعد في المركز الأول بالنسبة للدول المصدرة إلى مصر، ويصل حجم الواردات المصرية من الصين يصل إلى 16 مليار دولار سنويا. وأضاف شيحة أن مصر تستورد كافة السلع من الصين وتشمل أجهزة كهربائية وإلكترونية، إلى جانب المبيدات الخاصة بالزراعة، والبذور والسماد، لافتا إلى أن هناك سلع تستوردها مصر من الصين وليس لها بديل آخر، مثل الأحذية وبعض الملابس، فضلا عن المواد الخام والتي تعتمد عليها كل المصانع الموجودة داخل مصر. وأكد شيحة، أن تفشي هذا الفيروس سيعمل على توقف حركة الاستيراد لفترة طويلة، وبالتالي قد تتوقف بعض المصانع داخل مصر عن الإنتاج نظرا لعدم توافر المواد الخامة اللازمة للصناعة.([10])
ثانيا: يفاقم الأزمة بحسب يسري قطب، رئيس مجلس إدارة شركة يونيفرسال للصناعات الهندسية، عدم وجود بديل سريع للخامات الصناعية والسلع الوسيطة ليحل محل التي تستورد من الصين، لافتًا إلى أن إيجاد البديل يتطلب فترة لن تقل عن 6 أشهر؛ وهو بالطبع ما سوف يؤدي إلى وقف المصانع المصرية التي تعتمد في إنتاجها على سلع وسيطة للتصنيع تستورد من الصين.
ثالثا: بحسب أشرف هلال، عضو الشعبة العامة للمستوردين ورئيس شعبة الأدوات المنزلية، فإن المستوردين يراقبون الوضع ولن يغامر أحد بالاستيراد في الوقت الراهن، وربما تتعطل خطوط الإنتاج المصرية في الكثير من السلع التي تنتجها، ويمكن التغلب عليها بإتمام الصفقات عبر الإيميلات والسكايب.
خلاصة الأمر، يمثل انتشار فيروس “كورونا” في الصين تهديدا مباشرا للعالم كله، خصوصا وأن معدلات القتلى والإصابات بلغ مستويات قياسية وسط عدم قدرة السلطات الصينية على احتواء الفيروس القاتل، والخوف الأكبر هو انتقال الفيروس إلى دول لا تتمتع بالرعاية الصحية الكافية ولا تملك مناعة ضد انتشار الفيروسات والأوبئة ومنها مصر، التي أعلنت عن اكتشاف أول حالة إصابة مؤكدة؛ ويعاني قطاع الصحة بها من إهمال جسيم وقدرات ضعيفة. إضافة إلى ذلك فإن التأثيرات السلبية لكورونا على الاقتصاد المصري حتمية، خصوصا على قطاعات السياحة والملاحة البحرية في قناة السويس والتبادل التجاري وعمليات التصنيع التي تعتمد في كثير منها على استيراد منتجات وسيطة من الصين. وسوف تتفاقم هذه الأضرار إذا استمر الوضع الراهن عدة شهور ولم تتمكن الصين والدول التي انتقل إليها الوباء من احتواء الفيروس القاتل وهو سيفضي إلى مزيد من القتلى والضحايا على المستوى الصحي وارتفاع كبيرة في أسعار كثير من السلع خصوصا الإلكترونية منها ما لم يتم إيجاد أسواق بديلة على المستوى الاقتصادي.
أضف تعليقك