الحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحسانًا، و يجزي بالصر نجاة، سبحانك ربَّنا تطاع فتشكر، وتُعصى فتغفر، وتجيب المضطر، وتكشف الضر، وتغفر الذنب، وتقبل التوبة، سبحانك من لطيف ما ألطفك، ورؤوف ما أرأفك، بسطت بالخيرات يدك، وعُرفت الهداية من عندك، فمن التمسك لدين أو دنيا وجدك، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه وخاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد الذي أدبه فأحسن تأديبَه، وزكى أوصافه وأخلاقه ثم اتخذه صفيَّه وحبيبَه، ووفق للاقتداء به من أراد هدايته وتهذيبَه، وعلى آله وأصحابه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.
وبعد؛ فمهما احْلَوْلَكَت الظلمة وغُيِّبت شمس الخير والحق والفضيلة؛ فإنها ستشرق على الدنيا في يوم يراه المكذبون بعيدًا ونراه قريبًا، وسيصفو الجو الذي طالما تكدّر، وسيتبدّد الظلم الذي طغى وتجبر، وستعلو راية الإسلام خَفّاقة، وستسقط زعامات الباطل مغلوبة مدحورة، وسيظهر الحق ويزهق الباطل، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا، ولن ينجح الانقلابيون الظلمة في الاستمرار في هذا الاستبداد، أو في جر هذا الشعب المسلم إلى الابتعاد عن جادة الإسلام، ما دامت هذه الجماهير المسلمة تمتلك تلك الطاقات الهائلة من الإيمان والوطنية وقوة العزيمة والإرادة، التي لا يمكن لأحد إخمادها.
فلا تَحسبـوا أنَّ الهمـومَ مُقِيمـةٌ رُوَيدًا فإنّ اللهَ بالخـلق أَبْصَرُ
ستؤخذ ثـاراتٌ وتُقضَى حوائـجٌ وتبدو إشاراتٌ وتُقْصَمُ أَظهرُ
وتُطْمَس من شأن الأعـادي بَوَارِزٌ ويظهر سـرّ الله والله أكـبرُ
الاستغفار سبيلنا إلى النصر والتمكين
حتى تبقى عزائم الصادقين متوهجة مستمرة في طريقها لبلوغ حريتها وعزتها فإنها في حاجة مستمرة لزاد من الإيمان واليقين، تستمده من صلتها بمصدر القوة والقدرة وهو الله رب العالمين، واليوم نلقي ضوءا على أحد أسباب استمداد تلك القوة، وهو الإكثار والمداومة على الاستغفار، الذي هو اعتراف صريح من العبد بتقصيره وحاجته إلى معونة ربه، وقد ذكر الله لنا حال الربانيين حين تعرضوا للشدة وكيف استنزلوا النصر والفلاح، فقال سبحانه "وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ. وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " آل عمران: 146 – 148. يعني: فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا بِالنَّصْرِ وَالظَّفَرِ بِالْعَدُوِّ، وَالسِّيَادَةِ فِي الْأَرْضِ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالْعِزَّةِ، وَحُسْنِ الْأُحْدُوثَةِ وَشَرَفِ الذِّكْرِ، وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ بِنَيْلِ رِضْوَانِ اللهِ وَقُرْبِهِ، وَالنَّعِيمِ بِدَارِ كَرَامَتِهِ.
وهذه رحلة مختصرة مع الاستغفار في ضوء القرآن والسنة:
– الله واسع المغفرة: "إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ" النجم 32، "هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ" المدثر 56، "وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ" الرعد 6، "مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ" فصلت 43.
– الله يدعو إلى الجنة والمغفرة: "وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ" البقرة 221، "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" آل عمران 133، "سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ" الحديد 21، "إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ" هود11، "مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ" محمد 15.
– الأنبياء عليهم السلام يستغفرون: ومنهم: آدم "قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" الأعراف: 23، ونوح "رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا "نوح 28، وإبراهيم "رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ" إبراهيم 41، وموسى "قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" القصص 16، وداوود :"وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ. فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ" ص 24-25، وسليمان "قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ" ص 35.
– الله يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستغفار "وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا" النساء 105، "فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ" غافر 55.
– الله يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستغفار عند النصر: "فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا" النصر 3.
– والنبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستغفار: عنْ أَبي هُريْرة رضِي اللَّه عنْهُ قَال: سمِعْتُ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ: "واللَّهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّه وأَتُوبُ إِلَيْهِ في الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سبْعِينَ مَرَّةً" رواه البخاري. وعَنِ ابْنِ عُمر رضِي اللَّه عَنْهُما قَال: كُنَّا نَعُدُّ لِرَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في المجلِس الْواحِدِ مائَةَ مرَّةٍ: "ربِّ اغْفِرْ لي، وتُبْ عليَ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوابُ الرَّحِيمُ" رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث صحيح. وعَنْ عَائِشَةَ رَضي اللَّه عنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ قَبْل موْتِهِ: "سُبْحانَ اللَّهِ وبحمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللَّه وأَتُوبُ إِلَيْهِ" متفقٌ عليه. وعن الأَغَرِّ المُزَنيِّ رضِي اللَّه عنْهُ أَنَّ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: "إِنَّهُ لَيُغَانُ على قَلْبي، وَإِني لأَسْتغْفِرُ اللَّه في الْيوْمِ مِئَةَ مرَّةٍ" رواهُ مُسلِم.
والغين: الغيم، والمراد ما يغشاه من السهو الذي لا يسلم منه البشر.
قال القاضي عياض: قيل المراد الفترات والغفلات عن الذكر الذي شأنه الدوام عليه، فإذا افتر عنه أو غفل عد ذلك ذنبا واستغفر منه.
وقال أبو حاتم ابن حبان: وَلِاسْتِغْفَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا بَعَثَهُ مُعَلِّمًا لِخَلْقِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا، فَكَانَ يُعَلِّمُ أُمَّتَهُ الِاسْتِغْفَارَ وَالدَّوَامَ عَلَيْهِ، لِمَا عَلِمَ مِنْ مُقَارَفَتِهَا الْمَآثِمَ فِي الْأَحَايِينِ بِاسْتِعْمَالِ الِاسْتِغْفَارِ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِنَفْسِهِ عَنْ تَقْصِيرِ الطَّاعَاتِ لَا الذُّنُوبِ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا عَصَمَهُ مِنْ بَيْنِ خَلْقِهِ، وَاسْتَجَابَ لَهُ دُعَاءَهُ عَلَى شَيْطَانِهِ حَتَّى أَسْلَمَ، وَذَاكَ أَنَّ مِنْ خُلُقِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَتَى بِطَاعَةٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ دَاوَمَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقْطَعْهَا، فَرُبَّمَا شُغِلَ بِطَاعَةٍ عَنْ طَاعَةٍ حَتَّى فَاتَتْهُ إِحْدَاهُمَا.
– الله يأمر نبيه بالاستغفارللمؤمنين "فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ" محمد 19، "فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ" آل عمران 159، "إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" النور 62، "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" الممتحنة 12.
– الله ينهى نبيه عن الاستغفار للمنافقين: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ. سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" المنافقون 5-6، "اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" التوبة 80.
– الله يصف المتقين بالاستغفار بالأسحار: "لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ. الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ" آل عمران 15-17، "وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" الذاريات 18.
– الله يدعو المخطئين للاستغفار ويعدهم به: "وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا" النساء 110، "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ. أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ" آل عمران 135-136، "وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا" النساء 64، "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" الزمر 53، "إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ" النساء 48 و116، "وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى" طه 82، "إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ" النمل 11، "وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" البقرة 228، "أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" المائدة 74،
وعنْ أَبي هُريْرة رضِي اللَّه عنْهُ قَال: قَال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "والَّذي نَفْسِي بِيدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا، لَذَهَب اللَّه تَعَالى بِكُمْ، ولجاءَ بقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّه تَعالى فَيغْفِرُ لهمْ" رواه مسلم.
وَعَنْ أَنسٍ رضِي اللَّه عنْهُ قالَ: سمِعْتُ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ: "قالَ اللَّه تَعَالى: يا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ ما دَعَوْتَني ورجوْتَني غفرتُ لَكَ على ما كَانَ منْكَ وَلا أُبَالِي، يا ابْنَ آدم لَوْ بلَغَتْ ذُنُوبُك عَنَانَ السَّماءِ ثُم اسْتَغْفَرْتَني غَفرْتُ لَكَ وَلا أُبالي، يا ابْنَ آدم إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَني بِقُرابِ الأَرْضِ خطايَا، ثُمَّ لَقِيتَني لا تُشْرِكُ بي شَيْئًا، لأَتَيْتُكَ بِقُرابِها مَغْفِرَةً" رواه الترمذي وقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
"عنان السَّمَاءِ" بِفَتْحِ العيْنِ: قِيل: هُو السَّحَابُ، وقِيل: هُوَ مَا عنَّ لَكَ مِنْها، أَيْ: ظَهَرَ، و"قُرَابُ الأَرْضِ": هُو ما يُقَاربُ مِلْئَهَا.
فوائد الاستغفار للمستغفرين
– استغفار المؤمنين أمان من نزول العذاب بهم: "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" الأنفال 33، وروى البيهقي في الشعب عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وابْنِ عَبَّاسٍ في تفسير هذه الآية: " كَانَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَمَانَانِ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالِاسْتِغْفَارُ، فَذَهَبَ أَمَانٌ – يَعْنِي – رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَقِيَ أَمَانٌ – يَعْنِي – الِاسْتِغْفَارَ ".
وروى البيهقي في الشعب أيضا عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ قَاصًّا، فِي مَسْجِدِ مِنًى يَقُولُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ثَلَاثُ خِلَالٍ لَا يُعَذِّبُكُمُ اللهُ مَا عَمِلْتُمْ بِهِنَّ: الشُّكْرُ، وَالدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ، ثُمَّ قَالَ: "مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ" النساء: 147 قَالَ: "قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ" الفرقان: 77 وَقَالَ: "وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ" الأنفال: 33 "وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" الأنفال: 33 ".
– الاستغفار سبب للرحمة: "وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ" هود 90، "وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" المزمل 20، "لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" الأعراف 149، "قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" الأعراف 23، "لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" النمل 46.
– الاستغفار بعد العبادة من أسباب القبول: "ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" البقرة 199.
– الاستغفار سبب للقرب من الله وإجابة الدعاء: "يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ" هود 61.
– الاستغفار سبب للرزق والقوة والنجاة من الشدائد: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا" نوح 10- 11، "وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ" هود 3، "وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ" هود 52، وعنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضِي اللَّه عنْهُما قَال: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "منْ لَزِم الاسْتِغْفَار، جعل اللَّه لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مخْرجًا، ومنْ كُلِّ هَمٍّ فَرجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حيْثُ لا يَحْتَسِبُ" رواه أبو داود. قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: عَجِبْتُ لِمَنْ يَهْلِكُ وَالنَّجَاةُ مَعَهُ! قِيلَ لَهُ: مَا هِيَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: الِاسْتِغْفَارُ. رواه ابن قتيبة في المجالسة .
– الاستغفار يضبط اللسان والأخلاق: عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كَانَ فِي لِسَانِي ذَرَبٌ عَلَى أَهْلِي (أي كَانَ حادَّ اللِّسَانِ لَا يُبَالى مَا قَالَ) وَكَانَ لَا يَعْدُوهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: "أَيْنَ أَنْتَ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ؟ تَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ، سَبْعِينَ مَرَّةً" رواه ابن ماجه، وفي رواية عند ابن حبان: "مِئَةَ مَرَّةٍ".
أفضل أوقات الاستغفار
الاستغفار في كل وقت مستحب ومندوب إليه ويكون أكثر استحبابا عقب الطاعات وبخاصة في دبر الصلوات، لكنه أفضل ما يكون في آخر الليل في الأسحار قبل صلاة الفجر، فبهذا أثنى الله على استغفار المؤمنين والمتقين، خصوصا وأن الله تعالى يتنول في ذلك الوقت إلى سماء الدنيا ويبسط يده للمستغفرين والسائلين: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" الذاريات: 18 وَقَالَ: "وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ" آل عمران: 17، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ " (متفق عليه، وفي رواية عند مسلم): " يَنْزِلُ اللهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْمَلِكُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ".
وعَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ ثُمَّ يَقُولُ: يَا نَافِعُ أَأَسْحَرْنَا؟، فَأَقُولُ: لَا فَيُعَاوِدُ الصَّلَاةَ، فَإِذَا قُلْتُ: نَعَمْ، قَعَدَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَدْعُو حَتَّى يُصْبِحَ " .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ كُلَّ سَحَرَةٍ مِنَ السَّمَاءِ: مَنْ سَائِلٌ يُعْطَى؟ مَنْ دَاعٍ يُجَابُ؟ أَوْ مُسْتَغْفِرٌ يُغْفَرُ لَهُ؟ فَيَسْمَعُهُ مَنْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، أَفَلَا تَرَى الدِّيَكَةَ وَأَشْبَاهَهَا مِنَ الدَّوَابِّ تَصِيحُ تِلْكَ السَّاعَةَ" .
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَخْرُجُ مِنْ نَاحِيَةِ دَارِهِ مُسْتَخْفِيًا وَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ دَعَوْتَنِي فَأَجَبْتُكَ، وَأَمَرْتَنِي فَأَطَعْتُكَ، وَهَذَا السَّحَرُ فَاغْفِرْ لِي، فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ قَوْلَكَ: وَهَذَا السَّحَرُ فَاغْفِرْ لِي؟، فَقَالَ: إِنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ سَوَّفَ بَنِيهِ أَخَّرَهُمْ إِلَى السَّحَرِ " .
وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ فِي قَوْلِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَبَيْنَهُ: "سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي" يوسف: 98 قَالَ: "أَخَّرَهُمْ إِلَى السَّحَرِ ".
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: "كُنَّا نُؤْمَرُ إِذَا صَلَّيْنَا مِنَ اللَّيْلِ أَنْ نَسْتَغْفِرَ مِنَ السَّحَرِ سَبْعِينَ مَرَّةً" وَفِي رِوَايَةٍ: أُمِرْنَا أَنْ نَسْتَغْفِرَ اللَّهَ بِالسَّحَرِيَّاتِ سَبْعِينَ مَرَّةً (مختصر قيام الليل لمحمد بن نصر).
صيغ الاستغفار
الاستغفار بأي صيغة مقبول إن شاء الله متى صدق المستغفر فيه وأقر بذنبه واستعتب ربه، لكن هناك صيغا فضلها النبي صلى الله عليه وسلم، لا شك أن الالتزام بها أبلغ في الاستغفار وأدعى للقبول، وهاك أهمها:
– سيد الاستغفار: وعنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي اللَّه عنْهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ: "سيِّدُ الاسْتِغْفار أَنْ يقُول الْعبْدُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدُكَ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْتُ، أَبوءُ (أي أَقِرُّ وَأَعترِفُ) لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ، وأَبُوءُ بذَنْبي فَاغْفِرْ لي، فَإِنَّهُ لا يغْفِرُ الذُّنُوبِ إِلاَّ أَنْتَ. منْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمـاتَ مِنْ يوْمِهِ قَبْل أَنْ يُمْسِيَ، فَهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ، ومَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وهُو مُوقِنٌ بها فَمَاتَ قَبل أَنْ يُصْبِح، فهُو مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ" رواه البخاري.
– أَسْتَغْفِرُ اللَّه الذي لا إِلَهَ إِلاَّ هُو الحيَّ الْقَيُّومَ وأَتُوبُ إِلَيهِ: عنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضِي اللَّه عنْهُ قال: قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "منْ قال: أَسْتَغْفِرُ اللَّه الذي لا إِلَهَ إِلاَّ هُو الحيَّ الْقَيُّومَ وأَتُوبُ إِلَيهِ، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ" رواه أبو داود والترمذي والحاكِمُ، وقال: حدِيثٌ صحيحٌ على شَرْطِ البُخَارِيِّ ومُسلمٍ.
– استَغْفَر اللَّه: وعنْ ثوْبانَ رضِي اللَّه عنْهُ قَال: كَانَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذا انْصرفَ مِنْ صلاتِهِ، استَغْفَر اللَّه ثَلاثًا وقَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ، ومِنْكَ السَّلامُ، تَباركْتَ ياذَا الجلالِ والإِكْرامِ" قيلَ لِلأوزاعِيِّ وهُوَ أَحدُ رُوَاتِهِ: كَيْفَ الاسْتِغْفَارُ ؟ قَال: يقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّه، أَسْتَغْفِرُ اللَّه. رواه مسلم.
– ربِّ اغْفِرْ لي، وتُبْ عليَ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوابُ الرَّحِيمُ: وعَنِ ابْنِ عُمر رضِي اللَّه عَنْهُما قَال: كُنَّا نَعُدُّ لِرَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في المجلِس الْواحِدِ مائَةَ مرَّةٍ: "ربِّ اغْفِرْ لي، وتُبْ عليَ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوابُ الرَّحِيمُ" رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث صحيح.
– سُبْحانَ اللَّهِ وبحمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللَّه وأَتُوبُ إِلَيْهِ: وعَنْ عَائِشَةَ رَضي اللَّه عنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ قَبْل موْتِهِ: "سُبْحانَ اللَّهِ وبحمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللَّه وأَتُوبُ إِلَيْهِ" متفقٌ عليه.
حقيقة الاستغفار المأمور به
سُئِلَ ذُو النُّونِ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ، فَقَالَ: " يَا أَخِي الِاسْتِغْفَارُ اسْمٌ جَامِعٌ لِمَعَانٍ سِتَّةٍ: أَوَّلُهُنَّ: النَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى، وَالثَّانِي: الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الرُّجُوعِ إِلَى الذُّنُوبِ أَبَدًا، وَالثَّالِثُ: إِذَا كَانَ فَرْضٌ ضَيَّعْتَهُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالرَّابِعُ: أَدَاءُ الْمَظَالِمِ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ وَيُصَالِحُهُمْ عَلَيْهَا، وَالْخَامِسُ: إِذَابَةُ كُلِّ لَحْمٍ وَدَمٍ نَبَتَ مِنَ الْحَرَامِ، وَالسَّادِسُ: إِذَاقَةُ الْبَدَنِ أَلَمَ الطَّاعَاتِ كَمَا ذَاقَ حَلَاوَةَ الْمَعْصِيَةِ " (شعب الإيمان)
وكان يَقُولُ: "الِاسْتِغْفَارُ مِنْ غَيْرِ إِقْلَاعٍ تَوْبَةُ الْكَذَّابِينَ".
نداء إلى طلاب النصر والفرج
هلم نجعل لأنفسنا وردا من الاستغفار بالصيغ الفاضلة المذكورة، وليكن مائة من كل صيغة، على مدى اليوم، ولنجعل أكثر ذلك في جوف الليل وفي الأسحار، موقنين بأن الغفور الرحيم سبحانه سيعطينا ما أملنا ويحقق لنا ما رجونا ويعجل لنا الفرج ويكتب لنا النصر.
أضف تعليقك