بقلم: عز الدين الكومي
كثيرا ما نسمع أن هناك مؤامرة كونية على الوطن تقودها تركيا وإيران وقطر والإخوان، هكذا يروج الإعلام الفاشل المأجور للتغطية على فشل النظام الانقلابي وعلى جرائمه بحق الشعب المغلوب على أمره.
نعم أنا أُقر وأعترف– والإقرار سيد الأدلة- أن هناك مؤامرة كونية حقيقية على الوطن والمواطن والوطنية. والمؤامرة موجودة بالفعل، وليست دربًا من الخيال كما يظن البعض.
أطراف المؤامرة كل فاشل فاسد مستبد من الذين فرطوا في تراب الوطن وباعوه في أسواق النخاسة، والذين باعوا مقدراته بأبخس الأثمان، وقتلوا واعتقلوا وهجروا شبابه ليموت غرقا وحرقًا، الذين زيفوا وعى المواطن، وخدعوه وباعوا له وهم الاستقرار والأمن والأمان، ومحاربة الإرهاب، والوقوف في وجه المؤامرة التي لا تبقى ولا تذر، والذين يستخدمون الشماعات البالية لإثبات نظرية المؤامرة.
والطريف أن نظرية المؤامرة تبدأ في بلدي عندما يستولى العسكر على السلطة ويتشبثون بها، ويملئون الدنيا بالشعارات الجوفاء، كالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، فيصدق المواطن المخدوع هذه الشعارات الجوفاء، فيطالب بحقه في الحياة الكريمة وأن يعيش كإنسان، وكأن الفساد هو الذى يبنى الأوطان ويقويها!
وكما يقول الشاعر العراقي معروف الرصافى:
لا يَخدعنَّك هتافُ القومِ بالوطنِ… فالقوم بالسرّ غيرُ القومِ بالعلنِ.
والطريف أن قريشًا لم تتصد لدعوة النبى- صلى الله عليه وسلم– في البداية؛ لأنها كانت تنظر للنبى- صلى الله عليه وسلم- في بداية دعوته على أنه أحد الصالحين، لكن عندما بدأ يخوض غمار الإصلاح ضاقت قريش به ذرعًا.
فكم من حكام ومسئولين يلبسون لباس الوطنية وهم أبعد ما يكونون عن الوطنية، فلا مانع لديهم أن يتآمروا على أوطانهم لصالح أعدائها.
ولقد ضاق حكام العرب ذرعا بالرئيس مرسى لأنه كان يمثل الوطنية الحقيقية، ولم يتورط في خيانة ضد الوطن، ولم تلوث يده بدماء الأبرياء. وهو القائل: “يجب أن تعلموا ويعلم الناس أني ما خنت الله فيكم أبدا، وأني فعلت ما بوسعي حتى أجنب هذا الشعب الدماء والأهوال، وما فعلت ما فعلته إلا عذرا إلى الله تعالى، حتى إذا لقيته لا ألاقيه ويدي ملوثة بدم مصري واحد، وإذا سألني فيما حملني من مسئولية الناس، أعذر إليه أني ما ألقيت الراية من يدي حتى ولو دفعت حياتي الثمن”.
وهذا الموقف يوضحه الصهيوني “إيدى كوهين”، من خلال موقف الحكام العرب المتباين فيما يتعلق بموت بيريز مقارنة بموت مرسي؛ لماذا؟ لأن الرئيس مرسى- ببساطة شديدة- لم يتآمر على شعبه وبلده مع أعداء الأمة.
لو أكمل الرئيس الشرعي المدني والمنتخب من لدن الشعب، محمد مرسي، عهدته الرئاسية بالابتعاد عن “حركات إرهابية” مثل حماس، ولم يزر إيران خامنئي، ولم يفتح خطا مع العدالة والتنمية “إخوان مسلمين” في تركيا، وسار على النهج الأمريكي مثل السادات ومبارك لكان أرجع مصر أُمًّا للدنيا.
فقد سخر الصحفي الصهيوني إيدي كوهين، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، من التعامل العربي الرسمي بين وفاة الرئيس الصهيوني السابق شمعون بيريز، ووفاة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي.
وقال كوهين: إن الحكام العرب ذهبوا للعزاء فيمن أسماه بطل الحرب والسلام شمعون بيريز، وبكوا عليه داخل “إسرائيل”، فيما منعوا العزاء في الرئيس المصري الراحل محمد مرسي.
كما سخر الصحفي الصهيوني من الشعوب العربية التي وصفها بأنها لا تزال تصدق أن الصهاينة والحكام العرب أعداء.
والحقيقة أن هناك رابطا كبيرا بين نظرية المؤامرة ونظرية جوبلز في تزييف الوعى، الذى يقول: “لا تقوموا بترديد ما نريد من الجمهور أن يؤمن به، ولكن قدموا له الأدلة والبراهين على ما نريده أن يؤمن به، اختاروا الأدلة والبراهين التي تخدم ما نريد، واحجبوا عنه أي شيء قد يضر بها، وإذا عجزتم عن إيجاد مثل هذه الأدلة فزيفوها، ومهدوا الطريق للجمهور حتى يستنتج من خلال ما نقدم له ما نريده أن يؤمن به، عندئذ سوف يعتقد الجمهور أنه بذكائه قد استنتج المؤامرة على الوطن، سوف تصبح الفكرة من صنعه ليس من صنعنا، وفي أي لحظة لاحقة، إذا توفرت له براهين جديدة على زيف ما يؤمن به، فإن غطرسته والكبر الفطريين في الإنسان، سوف يدفعانه دفعًا للتمسك بما أوحينا إليه والدفاع عنه، لأنه بذلك يدافع عما صنعه وآمن به”.
فكل من ينادى بالإصلاح متآمر، ومن يطالب بالحرية وحقوق الإنسان أيضاً متأمر، وكل من يفضح المؤامرة الحقيقية مؤامرة الحكام على شعوبهم بلا شك سيكون متآمرا.
واليوم يروج إعلام الانقلاب الفاشل أن “كورنا” التى هزت العالم أجمع، ويرصد لها العالم تريليونات الدولارات لمواجهتها، عندما فشل النظام في السيطرة على الوضع المتدهور.
ومع هلاك عدد من جنرالات العسكر، والتكتم على أعداد المصابين والوفيات، التى فضحتها تقارير دولية وصحف غربية، قامت نيابة الانقلاب بالتهديد والوعيد للشعب، بأنها ستتصدى لنشر الشائعات والبيانات والأخبار الكاذبة؛ إعمالًا لنصوص قانون العقوبات، التي تعاقب مُخالِفَها بالحبس وبغرامة تصل إلى عشرين ألف جنيه. فقل لى بربك من المتآمر إذاً؟!.
أضف تعليقك