إن بذور التربية مريرة لكن دائمًا تكون ثمارها حلوة، وإن الشجرة الطيبة أصلها ثابت وفروعها زاهية، يرميها الناس بالحجر فترميهم بأطيب الثمر.
ولقد نشأت دعوة الإخوان المسلمين من أجل إحياء المفهوم الشامل للإسلام وتطبيقه تطبيقا عمليا والعمل على تربية الأمة وفق ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه، والعمل على التغيير السلمي لمختلف مناحي الحياة.
وفي دراسة حصرية (للمنتدى الإسلامي العالمي للتربية) للباحث عبده دسوقي بعنوان (العمل الخيري عند الإخوان وآثاره التربوية في المجتمع) يُبرز فيها الدور الخدمي لجماعة الإخوان في مصر، والذي قدمته في مجالات عديدة ولكافة شرائح الشعب، واستشهد في ذلك بالجرائد المصرية المختلفة.
ولذا ربت أجيالا متتالية لحمل هذه الأمانة فضحوا وقدموا الكثير من أعمارهم وجهدهم وأهليهم في سبيل تحقيق الهدف وغرس هذه القيم في نفوس الجميع.
منذ اللحظات الأولى وقد اهتم الإخوان بتربية هذا الشعب بكل الوسائل المتعددة والمتنوعة، كما أنهم استفادوا من جميع فئات المجتمع في نشر هذه الروح التربوية وفي كل الأوساط.
بذور التربية في العمل الخيري
ألفت جماعة الإخوان قسمًا لكل فئة للاهتمام والعناية بها، ووضع الأسس التي تبث الأخلاق فيها، فاستعانوا بالطلاب والمرأة والرجال، ووصل الحال لأن يكتب إحسان عبد القدوس مقالا تحت عنوان (الرجل الذي يتبعه نصف مليون) وصف فيه التربية التي غرسها الإخوان في المجتمع فيقول: "وستمر في طريقك داخل الدار بمخازن الذخيرة التي يمتلكها الإخوان: وهي الشباب، شباب امتلأت بهم حجرات الدار على سعتها، ترى على وجوههم نور التقوى والإيمان، وفي عيونهم حماسة الجهاد، وبين شفاههم ابتسامة تدعو إلى المحبة والإخاء، وفي يد كل منهم مسبحة انحنى عليها بروحه يذكر اسم الله، وهم مع كل ذلك شبان (مودرن)، لا تحس فيهم الجمود الذي امتاز به رجال الدين وأتباعهم، ولا تسمع في أحاديثهم التعاويذ الجوفاء التي اعتدنا أن نسخر منها، بل إنهم واقعيون يحدثونك حديث الحياة لا حديث الموت، قلوبهم في السماء ولكن أقدامهم على الأرض، يسعون بها بين مرافقها، ويناقشون مشاكلها، ويحسون بأفراحها وأحزانها، وقد تسمع فيهم من "ينكِّت" ومن يحدثك في الاقتصاد والقانون، والهندسة، والطب([1])".
بذور التربية الخدمية في المجتمع
ربما يظن البعض أن العمل الخيري والتطوعي في جماعة الإخوان بدأ مع نشأة قسم البر والخدمة الاجتماعية، لكن هذا غير صحيح فالعمل الخدمي والتطوعي سواء داخل الصف أو خارجه بدأ مع نشأة الجماعة؛ حيث نظر البنا فوجد أن البيئة المحيطة به تحتاج للتربية فعمد إلى:
- طرق الأبواب الموصدة بالعمل الدائم والتقرب للناس.
البحث عما تحتاجه البيئة المحيطة به ومحاولة إنجازه؛ مثلما وجد الرغبة الشديدة لدى النساء اللاتي كانوا يعملون في الدعارة للتوبة والعيش في حياة كريمة فعمد لبناء دار التائبات والبحث للصالحات منهن عن أزواج وقدم لهن المساعدة.
تأليف لجنة خدمية للقيام ببناء المسجد ومدرسة للبنين والبنات لتقديم التربية الصالحة عن طريقهم.
ولهذا حرص الإمام البنا على غرس المعاني التربوية في نفوس أتباعه من أجل أن يخرج العمل ويحقق أهدافه فيقول: "يا أخي، لا تقل ما لا تفعل، ولا يغرنك أن يحسبك الناس عاملًا، ولكن همك أن يعلم الله منك صدق ذلك، فإن الناس لن يغنوا عنك من الله شيئًا.. يا أخي، اعتقد أنك تعمل لغايتين؛ أن تنتج، وأن تقوم بالواجب، فإن فاتتك الأولى فلن تفوتك الثانية: ﴿قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الأعراف: 164] ([2])".
ويؤكد الأستاذ البنا دمج العمل التطوعي بالعمل التربوي فيقول: "وتهدف حركة الإخوان إلى هدفين هما:
- إحياء نظام الإسلام الاجتماعي وتطبيقه.
- والمساهمة فى الخدمة الاجتماعية الشعبية
وقد ضربت مؤسسات الإخوان ومنشآتهم فيه بسهم وافر، فكل دار من دور الإخوان مدرسة ليلية، ومنتدى أدبى للثقافة والتربية، وقد أنشأ الإخوان عددًا من المدارس الأولية والابتدائية، وهم فى هذا العام سينشئون مدرسة ثانوية بالإسكندرية، كما أن لهم أكثر من عشرين مستوصفًا خيريا، وفى هذا العام افتتحوا أول مستشفى لهم بالعباسية([3]).
كما كان من العجيب في تلك الفترة أن تهتم هيئة دينية ببناء المصانع لأن العرف المستقر بين الناس في تلك الفترة الفصل بين الدين والأعمال الدنيوية، لكن الإخوان فهموا شمول الدين والدنيا ونتيجة لذلك الفهم عنيت شعب الإخوان بإقامة المصانع كما عنيت بعمارة المساجد ففي شهر يونيو 1933م تم وضع حجر الأساس لمسجد بشبراخيت، ومصنع في حفل أقيم بهذه المناسبة، ترأسه بيومي نصار بك مدير البحيرة، كما احتفلت المحمودية بافتتاح مصنع للنسيج والسجاد تابع لجمعية الإخوان بالمحمودية وحضر الحفل مدير البحيرة([4]).
ومن هذه البذور التي بذرها الإخوان أن قاموا فى مختلف الشعب بجهود مشكورة فى محاربة الفقر، وذلك عن طريق جمع الزكاة والصدقات وتوزيعها على الفقراء، مثلما فعل إخوان شعبة "سنديون غربية" بشراء كمية كبيرة من الذرة وزعت على الفقراء والمساكين، وكان يقدم فى التوزيع النساء الأرامل اللائي فقدن أزواجهن، والرجال العاجزين عن الكسب، والصغار واليتامى([5]).
وبمناسبة الاحتفال بنصف شعبان المعظم تبرعت جمعية الإخوان المسلمين بجرجا بإطعام خمسمائة فقير بدار الجمعية، وقد وزعت على الفقراء اللحوم والأطعمة، وكان يشرف على النظام حضرة السيد محمد الأنصاري (رئيس الجمعية)، والأستاذ رياض الكريمي سكرتيرها، ومحمود أفندي سرور (أمين الصندوق)، والأستاذ عبد العزيز الشربيني (معاون إدارة مركز جرجا)، وأحد أعضاء الجمعية، وباقي أعضاء الجمعية([6]).
ولج الإخوان مجال الصحة فبذروا فيها بذورا أينعت ثمارا في نفوس الشعب حتى أن أحد المجلات رصدت ذلك بقولها: "هذه عيادة الإخوان المسلمين وصيدليتهم تنافس المستشفيات الأميرية بما حازته من ثقة المرضى، وأينما سرت فى الشوارع سمعت على ألسنة العامة من البنات والنساء والأطفال النصيحة للمرضى بالذهاب إلى عيادة الإخوان المسلمين. ولا شك أن هذا نجاح باهر يدل على صدق عقيدة هؤلاء السادة الذين يقومون بهذا الأمر فى هذه الشعبة([7])".
وحينما تعرضت إحدى البواخر وتدعى (الغزالة) إلى حريق أدى إلى وفاة البعض، وإصابة كثيرين في أسوان سارع الإخوان بمد يد العون سواء بالتبرع بالمال أو بتجهيز الأموات ورعاية المصابين في مستوصفاتهم وحضور الجنازات مما كان له تأثير كبير على الناس، من حيث بث روح الأخوة الحقيقية ونجدة المكروب، وعلى إثر ذلك تشكلت جمعية لنكبة المنكوبين تشارك فيها الكثير من الشعب([8]).
كان الإخوان يهدفون من العناية بالفقراء حمايتهم من الحملات التنصيرية، وغرس قيم الحب والتكافل في نفوسهم ورفع الحرج عنهم، وكلها قيم تربوية كان المجتمع يفتقدها.
ثمار التربية المجتمعية
لم يهدف الإخوان من الأعمال الخدمية والتطوعية خدمة الشعب فقط، أو إطعامه من جوع، أو كسوته من عري؛ لكن كان هدفهم أسمى من ذلك وهو أن يدرك الناس حقيقة التكافل فيما بينهم والمسارعة لسد حاجات الفقراء، فقد عاب الإخوان على الأغنياء زيادة أحجامهم من التخمة التي تنتج عن كثرة الطعام، في حين كان الفقراء يموتون جوعا كل يوم، وحثوا الجميع على التكافل وإخراج الزكاة والصدقات، ولقد استجاب لهذه الروح المنطلقة من شريعة الرحمن أناس كثيرون فعمدوا إلى كفالة الفقراء.
وحين اندلعت الحرب العالمية الثانية وأصيبت الإسكندرية من جراء الغارات سارع الإخوان بمناشدة المجتمع بفتح بيوتهم لإيواء أهل الإسكندرية القاريين، ولم يتوقف الأمر على النداء بل قام الإخوان بفتح شعب الإخوان لاستضافة الفارين ونجد ذلك في الشرقية والغربية وكثير من المحافظات([9]).
نماذج فريدة من الخدمة المجتمعية
لقد التزم الإخوان بمنهج القرآن وسنة النبي العدنان غير أنهم أبدعوا في الوسائل التي تحبب الإسلام للناس، وفي سبيل ذلك نجدهم يبدعون في خدمة الناس ولهم تجار كثيرة في العديد من المجالات نختار واحدة منها كنموذج:
ففي قرية ميت خاقان بشبين الكرم منوفية قام الأستاذ فرج النجار بالاتصال بصراف القرية واستعلم على مواليد عام 1937م ثم شكل عددًا من اللجان من طلاب الإخوان وانطلق كل واحد منهم يطرق باب مولود ويسلم على أهله، ويخبرهم أن الإخوان سيهتمون بالمولود في كل شئونه، سواء التطعيم أو الكشف، وقد تم تكليف الشيخ سعد شعيب بتلقي أي أخبار عن مواليد ميت خاقان من الطلاب الذين قاموا بزيارتهم.
ولقد كان لهذه الفكرة دوي كبير وفرح بالغ وسرور؛ من خلالها كان أهل المولود يسألون عن الإخوان المسلمين؛ ويتعرفوا على مبادئهم وغاياتهم، وتبيان اهتمامهم بالإسلام والمسلمين.
وبعد أن نجحت هذه الفكرة أنشئوا قسمًا للترزية كانوا يقومون تبرعًا بحياكة الملابس التى كان يحتاجها المواليد، وبعد فترة صار هؤلاء الأطفال صبيانًا، فأشركهم الإخوان فى ميت خاقان فى الأنشطة الرياضية حسب أعمارهم ودربوهم على أعمال الكشافة، فضلًا عن تحفيظهم القرآن والأناشيد الإسلامية وتعويدهم الصلاة فى المسجد، وقد أثر ذلك الأمر فى ميت خاقان، وخطا الإخوان فيها بفضل ذلك خطوات واسعة فى نشر المفاهيم الصحيحة للإسلام بين عموم أبناء القرية([10]).
أهداف قسم البر والخدمة الاجتماعية
لم يستحسن الإخوان العمل التطوعي القائم على الجهود الفردية أو العشوائية، لكنهم كعادتهم الجماعية المنظمة أنشأوا قسمًا يقوم على شئون الفقراء وتقديم الخدمة للجميع، حيث إن جهودهم لم تقتصر على الفقراء فحسب لكن كانت لهم جهود سواء في النكبة التي حلت بأسوان حينما اجتاحها مرض الملاريا، أو حينما اجتاح مصر مرض الكوليرا عام 1947م كان للإخوان دور خدمي كبير حتى أنهم تلقوا خطاب شكر من الدكتور نجيب إسكندر باشا وزير الصحة، جاء فيه: "ولا يسعنا إزاء هذه الوقفة الكريمة إلا أن نبعث لفضيلتكم بموفور الشكر مقدرين حسن معاونتكم لنا في مقاومة وباء الكوليرا. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام([11])".
كما يقوم قسم البر والخدمة الاجتماعية بالاهتمام بتقديم المطهرات للأسر الفقيرة فى الأحياء الفقيرة كالفنيك والصابون، وترسل المكاتبات للمركز العام باسم رئيس مكتب مكافحة الكوليرا حتى لا تحجز أو تتأخر، ومن الممكن تبليغها بالتليفون للسرعة([12]).
اعتنى الإخوان المسلمون برعاية الفقراء منذ نشأة الجماعة، وأنشؤوا مكتبًا للمساعدات الاجتماعية على أحدث نظم الخدمة الاجتماعية؛ حيث انقسمت هذه الخدمات إلى أربعة أقسام:
1- خدمات مسكنة: كإعطاء مساعدات للمحتاجين وعادة تكون عينية إلا إذا اقتضت الضرورة أن تكون مساعدات مالية وجمع زكاة الفطر، ولحوم الأضاحي وجلودها، لتوزيعها على المستحقين.
2- خدمات شافية: كمساعدة العاطل للحصول على عمل، وذلك بالاتصال بمصلحة العمل، وإقراض رءوس أموال صغيرة بدون فائدة، وكذلك علاج المرض بالمجان أو نظير أجر أسمى.
3- خدمات واقية: مثل بث الدعوة الصحية بين الأسر التي يرعاها المكتب.
4- خدمات إنشائية: للارتقاء بمستوى الحياة العادي من حيث إنشاء ناد للعمال، وصغار أصحاب الأعمال الحرة، وكانت المساعدات المادية تقدم للفئات الآتية:
الأسر الكريمة التي أخنى عليها الدهر.
الأسر التي فقدت عائلها الوحيد وليس لها أي مورد.
الأسر الفقيرة التي اشتهرت بحسن السير والسلوك([13]).
ولقد تكون قسم البر والخدمة الاجتماعية لمقاومة الجهل والمرض والفقر والرعاية عن طريق رفع المستوى الثقافي بين العامة من الشعب، وتنظيم الدروس والمحاضرات الدينية والخلقية التي تمس صميم الحياة، وإحياء الذكريات الإسلامية عن طريق الخطب والمحاضرات التي تتناول تاريخها، وإصدار الرسائل والنشرات لهذه النواحي، وفتح العيادات والمستوصفات، ومحاربة المنكرات وغيرها من الأعمال([14]).
وكان أغراض القسم تقوم على إصلاح حال المسلمين فى فروع حياتهم الاجتماعية والخلقية، ونشر التعاليم الإسلامية، وعلاج الآفات الاجتماعية، وتشجيع أعمال الخير، والدفاع عن الإسلام فى حدود القانون، وذلك عن طريق فتح المدارس، وإلقاء المحاضرات وبذل النصيحة([15]).
ولم تقتصر جهود الإخوان الخدمية على فترة الأستاذ البنا فقد استمر الإخوان في خدمة المجتمع في كل وقت حيث ظل نشاطهم موجودًا وملموسًا حتى تعرضت الجماعة للمحنة عام 2013م.
ففي عام 1954م أنشأ الإخوان مستوصفًا ليشمل كل الحالات الفقيرة في حي إمبابة، وكان من عظيم عملهم الخيري إنشاء الجمعية الطبية الإسلامية عام 1977م، والتي افتتحت ما يزيد عن 22 فرع لها في العديد من المحافظات لخدمة المجتمع([16]).
وبالرغم من التضييق الذي عانى منه الإخوان إلا أنهم لم يتوقفوا عن خدمة الناس وتوصيل الرسائل التربوية التي يحتاجها كل فرد من خلال هذه الأعمال، وكان لدى الإخوان شفافية في عرض تمويلهم لهذه الخدمات لكي يطمئن الناس إلى مصادر ما ينفق عليهم فكانت من تبرعات الإخوان وأصحاب الفضل من الشعب، أو الوقفيات، أو الهيئات أو الوصايا أو إيراد مطبوعات أو الحفلات ولقد أوضحت هذا المصدر صحيفة اللواء الجديد والتي كان يصدرها الحزب الوطني الجديد، حيث جاء فيها: "ترتكز مالية الجماعة في الاشتراكات المنظمة التي يدفعها كل من ينتسب إليها وعلى تبرعاتهم، وقد كانت وزارة الشئون الاجتماعية تدفع بعض الإعانات لنواحي النشاط الاجتماعي ولجان البر في مختلف الشعب([17])".
لم يقتصر نشاط الإخوان الخيري على مصر وشعبها لكن اهتموا بالمسلمين المضطهدين في البلاد الإسلامية، مثل: فلسطين الذين عمدوا إلى جمع التبرعات وإرسالها للمنكوبين هناك؛ حيث قرّر قسم البر والخدمة الاجتماعية أن يؤلف لجنة من بين أعضائه مهمتها جمع الثياب والأغطية والفرش وغيرها في أسبوع يسمى أسبوع المشردين بفلسطين([18]).
وسائل تربوية للعمل التطوعي
استخدم الإخوان وسائل تربوية من خلال العمل التطوعي والخدمي ومنها:
أ- تكوين الأقسام الليلية لمحو الأمية ورفع المستوى الثقافي بين العامة من الشعب.
ب- تنظيم الدروس والمحاضرات الدورية في الموضوعات الدينية والخلقية التي تمس صميم الحياة العامة بطرق سهلة وبأسلوب مقبول، وانتداب الوعاظ المتطوعين أو المعينين لذلك.
ج- إحياء الذكريات الإسلامية بالخطب والمحاضرات التي تتناول تاريخها وموضع العبرة والعظة فيها.
د- وضع القصص أو الرسائل والنشرات الخاصة لهذه النواحي، واستخدام السينما والتمثيل في النواحي التي لا تتعارض مع الآداب والتعاليم الإسلامية.
هـ- فتح العيادات والمستوصفات والمستشفيات ما أمكن ذلك ونشر الدعوة الصحية بين الناس.
و- تنظيم الإحسان والإرشاد إلى وجوه البر المختلفة وتنظيم ناحية الزكاة الشرعية، والانتفاع بروح التعاطف بالصدقات في مواساة المحتاجين وإيجاد عمل للعاطلين والقرض الحسن، وتزويج الفقيرات، وتكفين الموتى، ونشر الصناعات المنزلية وتشجيع التعليم خاصة التعليم العالي وغير ذلك.
ز- إنشاء المؤسسات الاجتماعية والقيام عليها كالمساجد والمدارس ومكاتب تحفيظ القرآن الكريم وإنشاء مدارس الجمعة ونشرها في القرى والمدن ليتيسر لها بث روح التدين والفضيلة بين الأطفال.
ح- محاربة العادات الضارة والمنكرات الفاشية كالخمر والربا والمقامرة والمخدرات والبدع والخرافات.
ط- تأليف اللجان لإصلاح ذات البين بين الأفراد والأسر.
ى- تشجيع الرياضة البدنية بمختلف أنواعها وتكوين فرق الأشبال والجوالة والكشافة في حدود القوانين واللوائح الخاصة لذلك([19]).
أثر جهود الإخوان على المجتمع
الناظر للواقع يدرك جهد الإخوان في المجتمع، وتأثيرهم في الشارع العربي والإسلامي، والمحن التى تعرضوا لها بعدما أوصلتهم الشعوب للحكم إلا لتأثر الأعمال التي كانوا يقومون بها من أجل الشعوب، والاحتكاك العملي والتربوي إلا لهذه المعاملات، كما لم يستطع أي نظام أن يثبت عليهم سرقة أو تصرفات مشينة وكل قضاياهم هي قضايا سياسية في المقام الأول.
وما خرج أكثر من نصف مليون خلف جنازة الأستاذ عمر التلمساني يتقدمهم رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب وممثل الكنيسة والشيخ الشعرواي، والعديد من الوزراء وقيادات الدولة إلا للتأثير الذي تركه الإخوان في المجتمع.
وما تنافس الناس على الدفع بهم للبرلمان وجميع المؤسسات إلا للتأثير الذي تركه الإخوان في نفوس كل فرد في المجتمع.
ولقد كان تأثيرهم الخدمي والمجتمعي واضحًا في أمور عدة ومنها:
أعلوا قيم المواطنة، وضربوا المثل في قدرة الإسلام الصحيح على وأد الفتنة واحتواء العنصر القبطي.
حاربوا الفقر والمرض، وأسهموا في محو الأمية، وقاموا بأعمال البر جميع لإيجاد مجتمع إسلامي متكافل.
حاربوا الإباحية والرذائل والمنكرات، وتصدوا لمَن حاولوا ابتذال الأخلاق.
تصدوا للتيارات الإلحادية والمذاهب الهدامة، ووقفوا في وجه الغزو الثقافي وحملات التغريب.
حاربوا التنصير والمنصرين، وقطعوا دابر الحركة (التبشيرية) في مصر والمنطقة.
نشروا دعوة الخير، وقادوا الناس إلى المساجد، وكسبوهم إلى جانب الفكرة الإسلامية، وضربوا المثل للعامة بطهارة الدعاة ونقاء الدعوة.
نشروا الفكر الإسلامي الوسطي، البعيد عن الغلو والتقصير، ووازنوا بين الثوابت والمتغيرات، وجمعوا بين العلم والتربية.
أنشأ الإخوان المدارس (والأمثلة الحالية: الهدى والنور فى المنصورة، والجيل المسلم فى طنطا والمحلة وسمنود، والرضوان فى مدينة نصر، والجمعية الإسلامية فى بنى سويف.. الخ)، والمصانع (غزل ونسيج ومحاجر وغيرهما)، وشركات (مطبعة، ودار نشر، الخ...)، وجمعيات خيرية (الجمعية الطبية الإسلامية حاليًا، وقبل ذلك الجمعيات الخيرية الإسلامية فى كل المحافظات) وغيرها.
لم يعتمد الإخوان المنهج الخدمي لدعم المحتاجين بما ينقصهم فحسب، لكنهم اعتمدوا ذلك في توصيل قيمهم التربوية، والخلق الحسن الذي نادى به الإسلام حتى نازعهم الكثير في العمل الخيري من شباب الأمة الذين كان كل شغلهم النواصي.
كما نظر الغني لجهدهم فسارع للتنافس معهم في هذا المجال، بل دفعوا الحكومة في كثير من الأحيان للاعتناء بالفقراء بعدما أحرجهم الإخوان بالمسارعة لنكبة المتضررين مثلما حدث في زلزال 1992م والسيول التي حدثت في الصعيد.
أضف تعليقك