خلال 6 سنوات من سيطرة العسكر على الحكم في مصر، استهدفت فيها العصابة غير المدنية المنظومة التعليمية، حتى خرجت مصر من التصنيف الدولي في التعليم.
ومنذ انقلاب عبد الفتاح السيسي وعصابة العسكر على الرئيس محمد مرسي، يؤكد المراقبون أن الخط الأساسي لسلطة العسكر على مدار سبع سنوات، هو تدمير التعليم فضلا عن توظيف الدين، والأمن والإعلام والقضاء، كأدوات تمكنه من إحكام قبضته على البلاد والعباد.
وبات التعليم في مصر عبارة عن مصائب لا تتوقف، ومناهج عقيمة، ودروس خصوصية تستنزف ما تبقى في جيوب المواطنين، فضلا عن عسكرة التعليم بإشراف متواصل من المخابرات.
فالتعيينات الجديدة أشرفت عليها المخابرات على اختيار 2300 معلم قبل التعيين، فالاختبارات النفسية للمرحلة الأولى من المتقدمين لوظائف المدارس الحكومية والخاصة بوزارة التربية والتعليم، تمت تحت إشراف جهاز الطب النفسي التابع للقوات المسلحة.
مصر الأسوأ في التعليم
وقالت صحيفة “دي تسايت” الألمانية، في تقرير حديث، إن مدارس مصر الحكومية من بين الأسوأ في العالم، ويتقاضى المعلمون رواتب زهيدة للغاية، ولذلك يكملون دخلهم من خلال الدروس الخصوصية.
وجاء تقرير الصحيفة الألمانية ضمن إشادة بالعقليات في مصر إذا ما توفر لها الرعاية الجيدة أو حتى رعاية أقل مما هو موجود في ألمانيا، حيث كشفت الصحيفة عن أن المدارس الألمانية في مصر أفضل في مستوى التعليم من المدارس المتواجدة في أوروبا، وخاصة مدارس ألمانيا التي تعاني اليوم من الفوضى وتراجع واضح في الأداء.
واستدلت الصحيفة بتفوق الطالبة المصرية “شادن علي”، البالغة من العمر 18 عاما، والتي التحقت في سن الخامسة بالمدرسة الأوروبية في القاهرة، وهي واحدة من أربع مدارس ألمانية في مصر تمنح درجة البكالوريوس الدولية.
وترشح المدرسة الأوروبية المتواجدة بالقاهرة الجديدة؛ 100 طالب وطالبة من أصل 500 مرشحا، لمتابعة دراستهم في الجامعات الألمانية.
ارتباك الوزير
تصريحات وزير التربية والتعليم بحكومة الانقلاب خلال أزمة كورونا، كشفت عن فشل الوزارة في مسألة التعليم الإلكتروني عن بعد، بحسب مراقبين.
ولطالما افتخر طارق شوقي بالخطوة عبر منصات الإعلام والفضائيات، لكنه عندما وُضع أمام اختبار جاد وحقيقي ثبت أن كلامه للاستهلاك الإعلامي ولا حقيقة له على أرض الواقع، وهو ما يهدد مستقبل الطلاب ويهدر ركائز لا يمكن أن تمر دون استيعابها مجددا، ضمن مناهج لاحقة تتخطى الأزمة.
وقال معلقون، إن دولا أخرى راعت هذه الأبعاد ووضعت لها السيناريوهات المحتملة لضمان سلامة الطلاب من جهة، وضمان عدم إهدار جهودهم خلال عام كامل من جهة ثانية، ولعل أقرب الأمثلة لذلك قطر والإمارات.
فشل المنظومة
ورأى مراقبون أن تجربة التعليم عن بُعد لبعض المؤسسات الحكومية، فضحت حكومة السيسي وشعاراتها البراقة في حملات التطبيل للسيسي، من عينة التكنولوجيا والتطور، والإنترنت فائق السرعة، والتطور والتكنولوجيا، وتوفير التابلت.
وأصدر مجلس وزراء الانقلاب، في عام 2019، دراسة ذكرت أن تجربة العمل عن بُعد في مصر، ستجد صعوبة في تطبيق نظام العمل من المنزل، نظرًا لأن بيروقراطية الدولة تقتضي أن يتواجد الموظف في مكتبه ساعات محددة غالبًا بغض النظر عن حجم الإنتاجية.
وساقت أسبابًا يمكن أن تنسحب ليس فقط على العمل بل على التعليم أيضا، مرشحة أن تجد التجربة صعوبة في التطبيق لأسباب فنية تتعلق مثلًا بضعف خدمة الإنترنت، وربما عدم استقرار التيار الكهربائي وعدم كفاءة الاتصالات الهاتفية، الأمر الذي يصعب من مهمة التواصل بين أفراد فريق العمل في أي مؤسسة أو دائرة.
المدارس والأخلاق
فبعد أن كانت المدارس الحصن المنيع للدفاع عن القيم والأخلاق في نفوس ملايين الشباب، باتت أخبار الرقص في الطوابير ومشاهدة أغاني المهرجانات والرقصات الماجنة على الشاشات الذكية خبرا عاديا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وجسّد المنقلب السيسي، خلال سنوات الانقلاب من التعليم في مصر، مقولته الشهيرة “يعمل إيه التعليم في وطن ضائع”. فاستبدلت إحدى مدارس البنات بالإسكندرية تحية العلم بأغنية “بنت الجيران” خلال طابور الصباح لمطربي المهرجانات.
وفي مدرسة “الفاروق عمر” الثانوية بنين بمدينة السادات بالمنوفية، انتشر فيديو للطلاب خلال رقصهم على إحدى أغاني محمد رمضان، خلال مشاهدتهم “كليب” راقصًا على “السبورة الذكية” التي يدفع الفقراء ثمنها؛ أملاً في أن يتعلم أبناؤهم بشكل أكثر رقيًّا، وما خفي أعظم.
كتاب دين موحد
رضا حجازى، نائب وزير التربية والتعليم في حكومة الانقلاب، قال في مارس الفائت: إنه تنفيذا لتوجهات السيسي، سيتم تطبيق نظام جديد بتدريس كتاب موحد عن القيم السماوية الموحدة في الأديان، بزعم غرس قيم المواطنة للطلاب وقبول الآخر، وسيتم تدريسه بشكل موحد ويدخل في المجموع.
وتردد هذا الادعاء في لقاء نظمه قطاع المكتبات بمكتبة الإسكندرية بعنوان “أسبوع التعليم بمكتبة الإسكندرية”، وذلك في الفترة من 2 إلى 5 مارس 2020، ويرى مراقبون أن السفيه السيسي يهدف من وراء ذلك المنهج، بمزج العقائد وغيرها، إلى تأسيس مبادئ الماسونية، وهى حركة معروفة بأجندتها وولائها للصهيونية العالمية.
حظر ارتداء النقاب
وحظرت سلطات الانقلاب ارتداء النقاب في الجامعات وفي المدارس في مصر، ضمن مساعي “مساواة” الذكر بالأنثى. ويبدو أن قائد الانقلاب أراد أن يرسخ تلك المقولة التي أطلقها قبل سنوات عبر السماح بالتسيب والانحلال والرقص وأغاني المهرجانات في طوابير وفصول المدارس، وخاصة الثانوي، بشكل أصبح يشكل خطرًا كبيرًا على أخلاق الطلاب في عهد الانقلاب العسكري.
تعليم ضائع
مقولة السيسي الخاصة بالتعليم والوطن الضائع علق عليها الدكتور حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، واعتبرها تحمل معنى واحدا هو “أن التعليم الوحيد الذي يستحق صفة التعليم هو التعليم العسكري الذي ينتج لنا عقولا تسمع وتطيع، باعتبار أن السمع والطاعة هى علامة انضباط العقل الذي يتحرر من آفة النقد وآفة طرح الأسئلة، وآفة الفهم والعياذ بالله، فأصحاب مثل هذه العقول المتحررة من كل هذه الآفات يكونون مواطنين صالحين بلا إرادة يمكن أن تثور على أوضاع فاسدة ضيعت الوطن الذي وصفه رئيس الدولة المسئول عنه بأنه “وطن ضائع” بعد أن كان قد وصف الدولة بأنها “شبه دولة”.
وأضاف: “هكذا يستكمل السيسي مسار إضاعة مصر بثقافته الضحلة التي لا ترى استقرار الأوطان إلا في رفض نماذج التعليم التي تدرب العقل على التفكير النقدي، كما تستنهض غيره من أنماط التفكير التي يمكن أن تقود إلى ثورة على فساد نظام سياسي فاحت رائحته أو إلى مساءلة المسئولين عن هذا الفساد”.
أضف تعليقك