بعد توجه نحو 50 من "المشايخ" و"الأعيان" الموالين لجنرال الحرب المهزوم حفتر مساء الأربعاء الماضى إلى مصر، لتفويض قائد الانقلاب العسكري في مصر للتدخل عسكريا في ليبيا.
وسبق زيارة وفد المشائخ الموالي لحفتر، صدور بيان من برلمان "عقيلة صالح" المنعقد في طبرق، جاء فيه: "إن للجيش المصري الحق في التدخل بليبيا، من أجل حماية أمنها".
ورحب بكلمة قائد الانقلاب ودعوته ممثلين عن القبائل من أجل تسليح أبنائهم للقتال في وطنهم.
بالإضافة لتصريحات "عقيلة صالح"، بأن تدخل القاهرة في ليبيا "شرعي لحماية حقوقها وحدودها الغربية وأمنها القومي". كنوع من التأييد لتصريحات قائد الانقلاب، عند زيارته للمنطقة العسكرية الغربية، حينما قال: "بأن أى تدخل مباشر للدولة المصرية باتت تتوفر له الشرعية الدولية ومستعدون لتدريب وتسليح شباب القبائل الليبية لمواجهة التدخلات الخارجية".
وقبل ذلك استبق قائد الانقلاب مبادرة يوم السبت السادس من يونيو الماضى، بمبادرة لإنهاء الصراع في ليبيا، مع كل من الجنرال المهزوم المأزوم "حفتر"، و"عقيلة صالح". هذه المبادرة التى ولدت ميتة، ولم يؤيدها إلا مجموعة محور الشر، ودول الثورة المضادة، ومن لف لفهم، هذه المبادرة كانت مثارا لسخرية الكثيرين من المعلقين والمحللين، لأنها كانت من الطرف المنهزم، الذى حاول أن يملى شروطه على الطرف المنتصر. وكان رد حكومة الوفاق، على المبادرة "نحن لم نبدأ هذه الحرب، لكننا من يحدد زمان ومكان نهايتها".
ولكن اللافت في الأمر، أنه قبل يومين، خلال لقاء قائد الانقلاب، بعدد من الشيوخ الموالين لحفتر، قال قائد الانقلاب: حديثي عن الخطوط الحمراء بليبيا هدفه الدعوة للسلام، وهو ما اعتبره البعض خطوة للتراجع عن تصريحات سابقة بدخول ليبيا لحماية الأمن القومى من الجهة الغربية( جاب ورا).
والحقيقة أن الوضع، في مصر متأزم، بسبب فشل النظام الانقلابى، في معالجة ملف سد النهضة، وإصرار إثيوبيا على ملء السد، وكذلك ملف كورنا، الذى كشف عن انهيار المنظومة الصحية في البلاد، فضلاً عن الفشل في ملف غاز شرق المتوسط، بعد أن باعت كل من اليونان وقبرص الرومية ودولة الكيان الصهيونى، قائد الانقلاب، وقامت بتوقيع اتفاقيات ثنائية بعيداً عن مصر.
في ظل هذه الأوضاع، وحالة الانهيار الاقتصادى، يصعب التدخل العسكري، لخوض حرب بزعم حماية الأمن القومى. وكأن ضياع مياه النيل ليس مسألة أمن قومى؟!!
بالإضافة إلى أن محور الشر والثورة المضادة، والليكود العربى، عندهم ما يكفيهم من المشاكل الاقتصادية، في ظل جائحة كورونا، والغرق فى المستنقع اليمنى، وتراجع أسعار النفط، والعجز الكبير في موازناتها مما يجعلها غير قادرة، على تقديم الدعم الكافى لخوض مغامرة غير مأمونة العواقب!!.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن الزج بالجيش المصرى في حرب بليبيا، في تقديرى الشخصى أمر مستبعد، لأن خسارة الحرب، ستكون آخر مسمار يدق في نعش الانقلاب، وهو وارد جداً ، في ظل التفوق التركى، الداعم لحكومة الوفاق! كما أن تصريحات قائد الانقلاب المتكررة، عن خوض حرب في ليبيا بزعم حماية الأمن القومى، هى تصريحات للاستهلاك المحلى والتغطية على الفشل في حل مشكلة سد النهضة، فليس لها غطاء سياسي ولا قانوني، بعكس الموقف التركى، الذى وقع عدة اتفاقيات مع حكومة الوفاق.
ولكن قد تكون هذه التصريحات القصد منها، إرسال رسائل، ليكون له دور في المفاوضات الجارية بين تركيا وروسيا، بخصوص الملف الليبي. لأن نظام الانقلاب شارك في دعم حفتر منذ خمس سنوات ولم يجن إلا الفشل، فليس لديه جديد يقدمه في ليبيا، لأنه موجود منذ فترة بالفعل، ومتورط في الحرب.
كما أن استدعاء دخول الجيش، في المستنقع اليمنى في ستينيات القرن الماضى، في الحقبة الناصرية، وهزيمة الجيش هناك، ومقتل أكثر من 30ألف جندى في اليمن، تجعل الجيش يحسب ألف حساب قبل أن يقدم على خطوة مثل ذلك. إضافة إلى ذلك، فإن خطوة مثل هذه، تحتاج لموافقة الروس، الذين يسعون لتحقيق مكاسب استراتيجية في ليبيا، وبالتالى لن يسمحوا بدخول أطراف جديدة، في مفاوضاتهم مع الأتراك.
ولعل من تابع حوار "سمير غطاس "نائب برلمان عبدالعال، والمُقرب من أجهزة مخابرات الانقلاب، في إحدى فضائيات الانقلاب، والذى قال في حواره، مع المخبر "خالد أبوبكر":
"إن حفتر عين نفسه مشيراً وإن كان حليفاً استراتيجياً لمصر فلا يجب أن يخسر المعركة في ليبيا"، "الحليف الاستراتيجي لمصر لا يجب أن يخسّرني ما تبقى من ليبيا"، "ليبيا ثلاثة أقاليم برقة وطرابلس وفزان، وهذا الأمر تاريخ، ورئيس البرلمان عقيلة صالح عندما طرح مبادرته عاد لنفس التشكيل، ومصر لديها حليف وساهمت معه في تطهير المنطقة المحاذية للحدود وقللته للحد الأدنى، فلماذا أخسر ما تبقى من ليبيا"؟
"من طرابلس حتى الحدود التونسية لم يعد لنا علاقات، أصبحنا طرفا، وحفتر حاصر طرابلس 14 شهراً ولم ينجح". وعندما قال له المذيع: مليشيات حفتر هي الجيش الليبي الرسمي، رد عليه بقوله: "إذا اعتبرته أنت جيش أنا لا أعتبره جيشاً". وهذه حقيقة، فالأمن القومى المصرى مهدد من جهة الصهاينة ومن جهة إثيوبيا، وليس من جهة ليبيا، لكنه الحَوَل السياسى!
أضف تعليقك