بقلم.. ممدوح الولي
تسببت حالة الإغلاق الكلى والجزئى للأنشطة الإقتصادية للحد من إنتشار فيروس كوفيد 19 فى زيادة حدة الركود بالأسواق المصرية، وهو الركود الذي كان موجودا ببعض الأنشطة قبل ظهور الفيروس، لكن ظهور الفيروس عمق أثره ومظاهره، وزاد من إنتشاره بالقطاعات الإقتصادية حتى عم أثره كل الأنشطة فيما عدا الأنشطة المرتبطة بالدواء والمطهرات والمواد الغذائية والتكنولوجيا والاتصالات.
وسجل مؤشر مديرى المشتريات بشركات القطاع الخاص أدنى رقم له منذ إنشاء المؤشر، ليسجل 29.7 نقطة بشهر أبريل، ليظل المؤشر أقل من 50 نقطة نقطة للشهر التاسع على التوالي، وهو المستوى الذي يعنى وقوع نشاط القطاع الخاص في حالة الانكماش.
حيث حدث انخفاض حاد فى حركة الشراء على مستوى البلاد، وسجل معدل الاستغناء عن الموظفين بالقطاع الخاص أعلى مستوى خلال ثلاث سنوات، في حين اختارت شركات الإحتفاظ بالعمالة مع خفض أجورها.
وفى ظل تراجع الدخول لغالبية العاملين بالقطاع الخاص الذي يستوعب غالب العمالة المصرية، أصبح الإنفاق أكثر انتقائية بالتركيز على السلع الغذائية الأساسية الأرز والزيت والسكر، بينما خفضت كثير من الأسر من إستهلاك اللحوم والدواجن والأسماك وكذلك سلعا غذائية أخرى، حيث زاد الإنفاق على وسائل الوقاية من الفيروس كالمطهرات والكمامات والأدوية، بالإضافة الى دفع فواتير المياه والكهرباء والغاز الطبيعى التى استمر تحصيلها رغم الأزمة.
بيع البطاطس واللبن بأقل من التكلفة
وتسبب ضعف الطلب فى إنخفاض سعر البطاطس عن تكلفة إنتاجه مما سبب خسائر لمزارعيه، ونفس الخسارة حدثت لمنتجى الألبان لانخفاض سعره عن تكلفته وتكرر ذلك لدى منتجى اللحوم، كما خفض منتجى الدواجن أسعارهم بعد إغلاق المطاعم المحلية وتوقف النشاط السياحي.
وظهرت آثار الفيروس على تراجع مبيعات العديد من السلع الموسمية، مثل مكسرات رمضان وكعك العيد وملابس العيد وهدايا عيد الحب، وحاليا على تعاقدات لحوم الأضاحى لعيد الأضحى التي تراجعت بشكل كبير.
وهكذا لحق الضرر بمبيعات غالبية الأنشطة والذي تكشف عنه البيانات المالية للشركات الخاصة بالربع الأول من العام الحالي، رغم ظهور آثار الأزمة تدريجيا منذ منتصف فبراير وما تلاها، ففى قطاع السياحة كانت الخسارة هى المهيمنة حيث حققت شركات: مرسى علم للسياحة والمصرية للمشروعات السياحية العالمية وشارم دريمز، ورواد مصر ورمكو لإنشاء القرى السياحية ومينا للاستثمار السياحي خسائر.
كما انخفضت أرباح شركات أخرى بنسبة كبيرة منها بيراميزا للفنادق ورواد للسياحة وعبر المحيطات للسياحة، وتعمقت خسائر تلك الشركات خلال الربع الثانى من العام مع استمرار توقف السياحة الخارجية، ولم تنجح محاولات إعادة تحريك السياحة الداخلية خلال عطلة عيد الفطر، حيث وجد غالبية أصحاب المنشآت أن تكلفة إجراءات الوقاية والتباعد وخفض عدد النزلاء، تفوق المردود خاصة بعد السماح للعائدين من الخارج بالتوجه مباشرة الى منازلهم ، دون قضاء فترة بالعزل الصحى والتى كان البعض يقضيها بمنشآت السياحية .
وينتقل أثر تراجع النشاط السياحى على العديد من الأنشطة الخلفية والتى تعتمد على السياحة في تسويق منتجاتها، مثل تجارة الغذاء وخدمات نقل الركاب والمطاعم والإرشاد السياحى وأماكن الترفيه وغيرها من الخدمات.
الخسائر تعم شركات الاستثمار المالي:
كذلك تأثرت مبيعات قطاع العقار خلال النصف الأول من العام، وهو ما عبرت القوائم المالية للربع الأول من العام عنه بتحقيق خسائر مثل شركات التعمير والإستشارات الهندسية، والإسماعيلية الجديدة للتنمية العمرانية والوطنية لإسكان النقابات المهنية وبورتو القابضة والخليجية الكندية للإستثمار العقاري، كما تراجعت أرباح شركات أخرى عديدة منها إعمار مصر والمتحدة للإسكان، والإستثمار العقار العربى – أليكو – والمجموعة المصرية العقارية وأميرالد للإستثمار العقاري وغيرها.
وتأثرت شركات المقاولات بذلك فتراجعت أرباح كثير من شركاتها مثل الصعيد العامة للمقاولات والجيزة للمقاولات، والنصر للأعمال المدنية وأوراسكوم كونسترا كشون وأوراسكوم للتنمية.
كذلك تأثرت شركات مواد البناء حيث لحقت الخسارة بالعديد منها كشركة الحديد والصلب المصرية ومصر للألومنيوم، وشركة البويات باكين والعامة للخزف وليسكو مصر والإسكندرية للأسمنت وأسمنت سيناء.
كذلك لحقت الخسارة بالعديد من الشركات الكيماوية مثل راكتا للورق، والمالية والصناعية وسماد مصر والصخور العربية للصناعات البلاستيكية وروبكس للبلاستيك.
ومع تحقيق البورصة خسائر كبيرة بسبب تداعيات الفيروس على قطاعات النشاط الاقتصادي، فقد لحقت الخسارة بالعديد من الشركات العاملة بمجال الوساطة بالأوراق المالية وإدارة المحافظ والترويج والاستثمار المالي عموما، ومنها شركات بلتون القابضة وبرايم والنعيم القابضة وأرابيا إنفستمنت هولدنج، وراية القابضة للإستثمارات وأوراسكوم للإستثمار والقاهرة الوطنية للإستثمار بالأوراق المالية والعروبة للسمسرة وشركة صناديق المؤشرات.
واذا كان القطاع الغذائى من القطاعات التى إستفادت من الفيروس فإن تلك الإستفادة تتفاوت حسب نوعية السلع المنتجة، حيث حققت بعض الشركات الغذائية زيادة بالأرباح بالربع الأول من العام مثل جهينة وعبور لاند، بينما تراجعت أرباح شركات أخرى مثل إيديتا والعربية لمنتجات الألبان، في حين حققت شركات أخرى خسائر مثل: أجواء للصناعات الغذائية والدلتا للسكر والوطنية للأمن الغذائى والقاهرة للزيوت والصابون، والإسماعيلية مصر للدواجن والقاهرة للدواجن والمصرية للدواجن ومطاحن جنوب القاهرة والجيزة.
إيقاف إصدار التراخيص الصناعية
كما تشير بيانات الوزارات المختلفة الى تراجع النشاط، حيث أشارت وزارة الكهرباء الى تراجع إستهلاك الكهرباء خلال شهر مارس بالمقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، خاصة بقطاعات الصناعة والتجارة وغيرها من الأنشطة وحتى القطاع المنزلى وإن كان بنسبة أقل للتراجع .
وأعلنت وزارة النقل تراجع إيرادات السكة الحديد خلال شهر مارس بنسبة 11.5 % وارتفعت نسبة التراجع الى 49 % بإيرادات شهر أبريل، بسبب تراجع عدد ركاب السكة الحديد بنسبة 16 % بمارس وبنسبة 58 % بأبريل.
وكشفت وزارة البترول عن تراجع إستهلاك النفط والغاز الطبيعى والسولار والبوتاجاز خلال شهر مارس، وبينت بيانات جهاز الإحصاء إنخفاض قيمة الصادرات السلعية بنسبة 18 % بشهر مارس وبتراجع 21 % بشهر أبريل، وكشف المجلس التصديرى للملابس الجاهزة عن تراجع قيمة صادرات الملابس الجاهزة خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالى بنسبة 29 % بالمقارنة بنفس الشهور من العام الماضي.
وكشفت هيئة الإستثمار عن تراجع عدد الشركات التى تم تأسيها خلال شهر مارس بنسبة 25 % كما وصلت نسبة التراجع 87 % بشهر أبريل، لينخفض العدد الى 246 شركة مقابل 1951 شركة بأبريل من العام الماضي، وكانت هيئة التنمية الصناعية قد أوقفت إصدار التراخيض والسجلات الصناعية وغيرها من الخدمات المقدمة للمستثمرين خلال شهري مايو ويونيو.
وفى نفس السياق كشفت هيئة الرقابة المالية المسؤلة عن الإشراف على أنشطة التمويل غير المصرفي، عن تراجع عدد إصدارات الأسهم للشركات خلال الربع الأول من العام الحالى بنسبة 25 %، وشمل التراجع إصدارات الأسهم بمناسبة تأسيس الشركات وكذلك إصدارات الأسهم لزيادة رؤوس أموال الشركات، كم إنخفض عدد عقود التمويل العقاري خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 64 %.
وأشار مسؤولون برابطة تجار السيارات الى أن ركود المبيعات قد أدى الى تأجيل الخطط الاستثمارية لقطاع السيارات، سواء إضافة خطوط إنتاج جديدة أو مراكز خدمة أو افتتاح معارض أو صالات عرض.
وكشف رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان عن عمل شركات المدينة بنسبة 40 % من طاقتها الإنتاجية، وذكر أنه يتم يوميا إكتشاف ما بين ست الى سبع حالات مصابة بالفيروس، وعادة ما يتم توقف الإنتاج بالمصانع التى يتم إكتشاف حالات إصابة بها لمدة أسبوعين لتعقيم العنابر والمعدات، وفى المحلة الكبرى تعمل شركة غزل المحلة التى تضم 15 ألف عامل بنسبة 20 % من طاقتها الإنتاجية.
لتنتشر مظاهر الركود ما بين القطاعات المختلفة التجارية والصناعية والزراعية والخدمية.
أضف تعليقك