بقلم.. مصطفى عبدالسلام
حسب الأرقام الرسمية الصادرة عن السلطات الفرنسية يوم الجمعة، فقد تراجعت صادرات فرنسا بنسبة 21.5% في النصف الأول من العام الجاري 2020.
ومن المتوقع أن ترتفع نسبة التراجع في الصادرات بنهاية العام الجاري في ظل تفش سريع لوباء كورونا في فرنسا، وتمديد حال الطوارئ الصحية حتى 16 فبراير المقبل، لمواجهة "مرحلة ستكون طويلة وصعبة" للبلاد، وتأكيد المدير العام لمستشفيات باريس مارتن هيرش أن الموجة الثانية للفيروس في فرنسا ستكون أسوأ من الأولى، وهو ما يعد بمثابة "كارثة" حسب وصفه، كما تم توسيع حظر التجول المفروض من الساعة التاسعة مساء إلى الساعة السادسة، وبالتالي بات أكثر من ثلثي الفرنسيين ملزمين بالبقاء في منازلهم في المساء، بعد أن تجاوز عدد الإصابات بفيروس كورونا المليون إصابة.
ولا يزال الاقتصاد الفرنسي يدفع ثمنا باهظا بسبب تهاوي إيرادات السياحة، وحسب الأرقام الرسمية أيضاً فإن خسائر السياحة خلال العام الجاري، تقدر بنحو 40 مليار يورو (46.8 مليار دولار)، بسبب انهيار القطاع نتيجة فيروس كورونا، ومن المتوقع أن ترتفع تلك الخسائر مع ظهور الموجة الثانية للوباء، وتحمل فنادق باريس الفخمة أعباء ضخمة بسبب غياب الأثرياء الأجانب والسياح العرب.
وحسب تقديرات حكومية، فإنه من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الفرنسي انكماشا نسبته 11% هذا العام بفعل قرارات حظر التجوّل واسعة النطاق التي فرضتها الحكومة قبل أيام لاحتواء الموجة الثانية من الوباء.
ومع الخسائر الفادحة التي يتعرض لها الاقتصاد الفرنسي جراء كورونا، فإن تكلفة حزم الإنقاذ المخصصة للحيلولة دون انهيار قطاعات الإنتاج ستتصاعد، خاصة الأموال الموجهة لتغطية الخسائر الاقتصادية للوباء، ودعم الشركات المتضررة للحيلولة دون إفلاسها وطرد العمال، وهو ما يعني زيادة الدين العام الحكومي وعجز الموازنة العامة.
حكومة إيمانويل ماكرون، خصصت منتصف شهر يونيو الماضي 500 مليار يورو لتنشيط الاقتصاد المتضرر بالجائحة، لكن هذا الرقم الضخم لم يكن كافيا لتحريك الاقتصاد، ولذا أعلنت الحكومة قبل أسابيع عن خطة تحفيزية أخرى قيمتها 100 مليار يورو أي ما يعادل 118 مليار دولار، للتغلب على آثار الأزمة الاقتصادية العميقة التي تسببت بها أزمة الفيروس، وخلق 200 ألف فرصة عمل في العام القادم.
تراجع الصادرات والسياحة والإيرادات العامة، خاصة من الضرائب، بشكل حاد بمثابة كارثة جديدة للاقتصاد الفرنسي الذي يعاني أصلا من أزمات موجعة قبل تفشي وباء كورونا، جراء تظاهرات أصحاب السترات الصفراء التي كبدته خسائر قدرها وزير الاقتصاد برونو لومير بنحو 170 مليون يورو في العام 2018.
كما يعاني الاقتصاد من أزمات أخرى جراء زيادة الدين العام، وركود الأسواق، وتراجع حركة الشراء والاستهلاك، وضعف النمو الاقتصادي منذ أزمة المال العالمية في العام 2008، وضعف قدرته على جذب الاستثمارات الأجنبية.
وجاء الفيروس ليدخل الاقتصاد الفرنسي في أزمة جديدة، كان من أبرز نتائجها حدوث زيادة قياسية في معدلات البطالة، وتراجع دخل المواطن وإفلاس الشركات، وهو ما أجج غضب الفرنسيين ضد سياسات ماكرون الذي فشلت محاولة الإصلاح الاقتصادي التي قام بها في تنشيط الاقتصاد الذي يعاني من صدمة غير مسبوقة، فلم يحدث أي تحسن في دخل المواطن، بل العكس هو ما حدث مع ارتفاع معدل التضخم وزيادة الضرائب.
لم تقف الأوجاع والأزمات التي يعاني منها الرئيس الفرنسي واقتصاده عند هذا الحد، فقد ظهر وجع جديد تمثل في المقاطعة العربية الواسعة للمنتجات والسلع الفرنسية، رداً على مواصلة ماكرون الإساءة للدين الإسلامي والنبي محمد عليه الصلاة والسلام.
وفي حال استمرار تلك المقاطعة الشعبية للسلع والمنتجات الفرنسية رداً على تطاول ماكرون المستمر على الإسلام، فإن تأثيراتها ستكون قوية على الاقتصاد الفرنسي الذي بات يعاني من ركود هو الأعنف منذ الحرب العالمية الثانية في العام 1945.
أضف تعليقك