بقلم.. عزالدين الكومي
هناك إرهاصات وتصريحات عبرية بأن قطار التطبيع ماض في طريقه، وربما يصل في المرحلة القادمة إلى المملكة العربية السعودية.
لذلك يحاول علماء السلطان، التمهيد لعملية التطبيع المخزية، عبر الاستمرار في مسلسل شيطنة الإخوان حتى يمر قطار التطبيع دون إزعاج.
كما يحاول علماء السلطان، مد طوق النجاة، لماكرون المأزوم، داخليًا وخارجيًا، والسعي لإيقاف مقاطعة الشعوب الإسلامية للمنتجات الفرنسية، للتأكيد على أن أزمة الإسلام من داخله بفعل الإسلام السياسي.
وكم كنت أتعجب من العلمانيين الذين يحتكرون صكوك الوطنية، ومن علماء السلطان الذين يحتكرون صكوك الإيمان والتوحيد.
وهم بذلك يطبقون أحد أبرز قواعد التعامل بين البعض "من اعترض.. طُرد"، أي أن يكون الولاء والبراء حسب هوى الطاغية، ومن خالف يجب طرده وإبعاده وتشويهه وشيطنته، واتهامه بتهم الإرهاب، والخروج على ولى الأمر؟!!
ومتى كان الولاء والبراء مرتبطا بشخص حاكم طاغية فاسد مستبد، لا يتورع عن فعل المنكرات؟ حسب نظرية أعمى العميان، بأن تسعة أعشار الإيمان، في طاعة أمر السلطان!
وقد سبق بيان هيئة علماء السلطان، التمهيد من قبل وزير الأوقاف، الذي قال في تغريدة له: حذرت من جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية منذ أكثر من عشرين عاما خوفا على ديننا وبلادنا ومواطنينا والمسلمين أجمعين، ونالني منهم ومن المخدوعين بهم ما الله به عليم في نفسي وعرضي ومالي وصمدت صابرًا أرجوا المثوبة والأجر من الله سبحانه، وهذا البيان الشافي الوافي لا يعذر أحد بعده بالجهل.
وقد قالت هيئة كبار علماء السلطان في بيان لها: " إن جماعة الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام"، وأن جماعة الإخوان تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي الدين. وإن جماعة الإخوان "جماعة منحرفة قائمة على منازعة ولاة الأمر والخروج على الحكام، وإثارة الفتن في الدول، وزعزعة التعايش في الوطن الواحد".
وأنها لم تُظهر منذ نشأتها "عناية بالعقيدة الإسلامية وعلوم الكتاب والسنة"، وأن غايتها كانت الوصول إلى الحكم. وقد خرج من رحم جماعة الإخوان "جماعات إرهابية عاثت في البلاد والعباد فسادا".
ودعت الهيئة إلى الحذر من جماعة الإخوان وعدم الانتماء إليها أو التعاطف معها.
وبالغ وزير الأوقاف في كيده قائلًا: وجهت زملائي أصحاب الفضيلة الخطباء بعموم مناطق المملكة بتخصيص خطبة الجمعة القادمة للحديث عن البيان الشافي والكافي لـ هيئة كبار العلماء والمتضمن أن جماعة الإخوان المسلمين إرهابية ولا تمثل منهج الإسلام، وقراءة البيان كاملًا أثناء الخطبة، أسأل الله تعالى أن يكفي البلاد والعباد شرهم.
وعندما رأيت موقف هذا الوزير المطبع، تذكرت موقف شيخ الأزهر، الشيخ "الخضر حسين" الذي رفض طلبًا من "جمال عبد الناصر" لإصدار فتوى باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وخوارج، وصعد على المنبر وقال: "لقد عشت خادمًا لديني وليس مستخدمًا لهم، ويكفي العبد الفقير كسرة خبز وشربة ماء وما أكثر الفضاء في ملكوت الله، وإني أشهد الله أن الإخوان المسلمين دعوة ربانية، عرفتها ميادين البذل والعطاء والجهاد والتضحية، لم يخونوا ولم يغدروا".
ثم قدم استقالته.
وما نادت به هيئة علماء السلطان، ليس بجديد، ففي يونيو 2017 شنت الهيئة ووزارة الخارجية السعودية هجوما حادا على جماعة الإخوان المسلمين، زاعمين أن الجماعة ليست من أهل المناهج الصحيحة، ومنهجهم قائم على الخروج على الدولة، وأن جماعة الإخوان المسلمين ليس لهم عناية بالعقيدة، ولا بالسنة، وإن كل جماعة تضع لها نظاما ورئيسا، وتأخذ له بيعة ويريدون الولاء لهم؛ هؤلاء يفرقون الناس، وليس في الكتاب والسنة ما يبيح تعدد الأحزاب والجماعات؛ بل فيهما ما يذم ذلك!!
على الرغم من أن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية، أصدرت الفتوى رقم (6250) والتي صدرت باسم المشايخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، عبد الرزاق عفيفي، عبدالله بن قعود، عبدالله بن غديان، رحمهم الله جميعًا، التي جاء فيها ما نصه: إن (أقرب الجماعات الإسلامية إلى الحق وأحرصها على تطبيقه أهل السنة، وهم أهل الحديث وجماعة أنصار السنة ثم الإخوان المسلمون، وبالجملة فكل فرقة من هؤلاء فيها خطأ وصواب، فعليك بالتعاون معها فيما عندها من الصواب واجتناب ما وقعت فيه من أخطاء مع التناصح والتعاون على البر والتقوى) فتاوى اللجنة: المجلد 34 الصفحة 91.
وقد كتب "جمال خاشقجي" -رحمه الله-قبل موته قائلًا: "إنه عندما يكون الاعتدال عنوانًا فلن تجد غير علماء الإخوان (المسلمين) أو مقرّبين منهم نبراسًا لذلك، لا ينكر إلا جاحد أن ديدن الإخوان كان التوفيق بين الدين والمعاصرة، ونالهم من المتشددين أشدّ الأذى، فناصحوهم ليعتدلوا حتى 79 (عام 1979) فانحازت الدولة للتشدّد مُضيّعة جهد سنوات"
وهذا أنيس منصور يقول: هل الإخوان المسلمون – وهي حركة تحريرية إسلامية – مجرمون؟
مجرمون في حق من؟ في حق مصر؟ الجواب: لا.
هل مجرمون في حق الإسلام؟ الجواب: لا.
هل من الضروري أن نوزع الخيانة على كل من يطلّ برأسه ويقول لا؟!
هل من العدل أن نصف المظلومين بأنهم ظالمون خونة؟
فلمصلحة من يا علماء السلطان، يتم الهجوم على جماعة الإخوان المسلمين، صاحبة المشروع السني، في مواجهة مشروعات شيطانية عديدة، ومزلزلة عروش الطغاة، وصاحبة النكاية في صفوف أعداء الأمة؟!!
أفيقوا يرحمكم الله!!
أضف تعليقك