بقلم: د. عزالدين الكومي
رحل الطاغية القاتل، له من الله مايستحق ، وعليه ….
فقد تابعت نبأ وفاته ، فلم أجد من ترحم عليه ولو بشطر كلمة، إنها سوء الخاتمة ، عياذاً بالله.
إنه “شمس بدران” وزير حربية النكسة، إبان الحقبة الناصرية المشؤومة،وقاتل الشهيد سيد قطب وإخوانه. إنه شمس بدران الذي تروى الحكايات المؤلمة، عن انتزاع اعترافات المعتقلين من سجناء الرأي من شتى الاتجاهات بأبشع طرق التعذيب، وأساليب امتهان الكرامة البشرية.
هذا الطاغية- بدلا من أن يعتذر عما اقترفت يداه ،خدمة لصنم العجوة ، أو أن يطلب من الضحايا العفو عنه- ظل يكابر ويعاند، حتى آخر لحظة من حياته، قائلاً :”لست نادماً على ما فعلته بالإخوان عام 1965 ، ولو عاد الزمن لكررت الأمر نفسه معهم” إنها سوء الخاتمة.
وحاول أن ينفى الشهادات المروعة ، عن حوادث القتل، وأقبية التعذيب في باستيل السجن الحربى، بأن الإخوان نسجوا من خيالاهم هذه القصص.
فأنى له هذا، ولازالت آثار التعذيب، بادية على أجساد الضحايا، شاهدة على إجرامه، وبقية زبانية التعذيب في الحقبة الناصرية .
من ذلك ما قاله الدكتور “رشاد البيومى”، نائب المرشد العام للجماعة: إن كل ما ذكره شمس بدران، وزير الحربية فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، عن عدم تعذيبه للإخوان المسلمين، كذب وافتراء وتزييف لحقائق التاريخ.
وأضاف بأن ” شمس بدران” كان يتولى تعذيبه هو شخصياً، وذات مرة قلت له “اتق الله”، فردَّ علىَّ قائلاً: “لا تذكر سيرة الجدع ده، ولو نزل من السماء سأضعه فى الزنزانة التى بجوارك”.
وإنه ذات مرة نادى عليهم منادى السجن الحربى الكبير، وأمرهم بعمل دائرة كبيرة، وأحضروا عروسة التعذيب، “وهى عروسة لصلب المساجين عليها وجلدهم”، ثم أحضروا فارس مصر الأول(اللواء معروف الحضري) الذى قام بفك الحصار عن جمال عبدالناصر فى حرب ١٩٤٨ فى الفالوجة، ومع ذلك أحضروه وصلبوه على عروسة التعذيب وجلدوه ٤٠ جلدة وأخبروه بأن هذه هدية من الرئيس عبدالناصر.
وذكرت الحاجة “زينب الغزالى” أنها رأت جمال عبدالناصر، وهو يشاهد مسلسل تعذيبها فى السجن الحربى بنفسه مستمتعاً بذلك .
أضافت، وكان “شمس بدران” يتصل كل ساعة تقريباً بعبدالناصر، ويناديه بقوله يا أبى ويتدلل عليه ويعطيه تقريراً مفصلاً عن حلقات التعذيب الدائرة فى السجن الحربى، من أجل انتزاع اعترافات منا، حتى ولو بالكذب، وكان بعض الناس يضطرون إلى اختلاق معلومات لينقذوا أنفسهم من التعذيب، ويأخذوا هدنة بعض الشىء.
وقال الأستاذ “سيد نزيلى” إن أول من مات بسبب التعذيب هو الأخ محمد عواد، الذى تم إخراج مخه من شدة التعذيب تحت إشراف شمس بدران شخصياً ، وبمعرفة صفوت الروبى، وحمزة البسيونى، ودفن مع العديد من الجثث فى الجبل الأخضر، مقر نادى “المقاولون العرب” الآن، وفى أرض استاد القاهرة الذى كان مجاوراً للسجن الحربى.
وقد قام الإخوان بمقاضاة ” شمس بدران” فى سبعينيات القرن الماضى، للحصول على تعويضات، جراء عمليات التعذيب التى تمت ضدهم، وقد حكمت المحكمة لصالحهم، وأحقيتهم في التعويضات، وأدانت شمس بدران ورفاقه حمزة البسيونى وصفوت الروبى وغيره من رموز التعذيب، خلال الحقبة الناصرية. وأصدرالأحكام قضاؤها الشامخ.
ثم كانت – بعد ذلك – الفضيحة الكبرى ، للحقبة الناصرية ، بالحكم في قضية كمشيش عام 1978، التى اعتبرتها المحكمة فترة مظلمة من تاريخ البلاد، لما تم فيها من امتهان لكرامة الإنسان على يد الطغمة الفاسدة .
وقالت المحكمة في حكمها التاريخى:
” إن الفترة التي جرت فيها أحداث هذه القضية هي أسوأ فترة مرت بها مصر طيلة تاريخها القديم والحديث؛ فهي فترة ذُبحت فيها الحريات، ووطئت فيها أجساد الناس بالنعال، وأقرّ الرجال فيها بالتسمّي بأسماء النساء، ووضعت ألجمة الخيل في فم رب العائلة وكبير الأسرة، ولُطمت الوجوه والرؤوس بالأيدي، كما رُكلت بالأقدام. وهُتكت أعراض الرجال أمام بعضهم، وجيء بنسائهم أمامهم وهددوا بهتك أعراضهن على مرأى ومسمع منهم، ودُربت الكلاب على مواطأة الرجال. والمحكمة لا يسعها إلا أن تُسجل أن المخلوق الذي ينسى خالقه، ويأمر الابن أن يصفع وجه أبيه أمام الناس، هو مخلوق وضيع وتافه”.
وإن المحكمة وهى تسجل هذه الفظائع، ينتابها الأسى العميق والألم الشديد، من كثرة ما أصاب الإنسان المصرى فى هذه الحقبة من الزمان، من إهدارالحرية، وذبح الإنسانية، وقتل لكافة مقوماته (حريته ورجولته وأمنه وأمانة ماله وعرضه ).
وإن كانت المحكمة لتسجل أيضا للتاريخ وقلبها يقطر دما ، أن ما حدث فى هذه القضية لم يحدث مثله فى شريعة الغاب والبربرية الأولى.
وشاءت إرادة الله ،أن يشرب شمس بدران، من كأس السجن، بعد محاكمته مع مجموعة من قادة الجيش بتهمة المسؤولية عن هزيمة67.
وبقى هذا الفاسد القاتل في سجنه ذليلاً، حتى أخرجه السادات من السجن سنة 1974 .
فلايدافع عن الفاسد إلا فاسد
ولا يدافع عن الساقط إلا ساقط
و لا يدافع عن الحرية إلا الأحرار
ولا يدافع عن الثورة إلا الأبطال
و كل شخص فينا يعلم عن ماذا يدافع …
ذهب الطواغيت إلى مزبلة التاريخ ، وسيبقى الأحرار و جماعة الإخوان!!
أضف تعليقك