بقلم: ممدوح الوالي
بعد أربع سنوات قضاها الإعلامي المتميز محمود حسين بالسجن رهن الحبس الاحتياطي، لمجرد الكيد لقناة الجزيرة التي كان يعمل فيها، ليجيء الإفراج عنه بعد قمة المصالحة الخليجية بمدنية العلا السعودية، وفي ظل أجواء عالمية مختلفة في ضوء إشارة الرئيس الأمريكي بايدن إلى اهتمامه بحقوق الإنسان في مصر.
ومن هنا يدور التساؤل: هل يمتد الموقف المصري لباقي الصحفيين المعتقلين؟ أم أن كون غالب الصحفيين المعتقلين من غير المشهورين، أو أنهم ينتمون لجهات إعلامية أقل شهرة كثيرا من الجزيرة التي دافعت لسنوات عن قضية محمود حسين، يقلل من سرعة اهتمام السلطات بحسم الملف؟
هل يمتد الموقف المصري لباقي الصحفيين المعتقلين؟ أم أن كون غالب الصحفيين المعتقلين من غير المشهورين، أو أنهم ينتمون لجهات إعلامية أقل شهرة كثيرا من الجزيرة التي دافعت لسنوات عن قضية محمود حسين، يقلل من سرعة اهتمام السلطات بحسم الملف؟
لكن هناك أسماء شهيرة بين الصحفيين المعتقلين، مثل خالد داود المعتقل منذ أيلول/ سبتمبر 2019، والذي يعمل بصحيفة الأهرام ويكلي التابعة لمؤسسة الأهرام الحكومية، وكان المتحدث الرسمى لجبهة الإنقاذ المعارضة لحكم الرئيس محمد مرسى، وترأس لفترة حزب الدستور وكان له دور إعلامي بارز من خلال البرامج الحوارية في الفضائيات، وترددت أنباء عن قرب الإفراج عنه الشهر الماضي.
وكذلك الصحفي هشام فؤاد، الناشط اليساري بحزب التجمع والمقبوض عليه منذ حزيرن/ يونيو 2019 في قضية خلية الأمل، وترددت أيضا أنباء عن قرب الإفراج عنه، لكن الصحفي مجدي أحمد حسين، رئيس حزب العمل والمعتقل منذ عدة سنوات، والذي تعرض للسجن بفترة الرئيس مبارك وكذلك بفترة الرئيس السادات، لم تتردد أنباء عن قرب الإفراج عنه.
أيضا الصحفي مصطفى صقر الذي ترأس لفترة مجلس إدارة شركة بيزنيس نيوز، التي تصدر عنها جريدة البورصة الاقتصادية اليومية وجريدة ديلي نيوز إيجيبت اليومية الناطقة باللغة الإنجيليزية، والمعتقل منذ نيسان/ أبريل من العام الماضي، لمجرد نشر الموقع الالكتروني لجريدة الديلي نيوز خبرا عن الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، لم يعجب مضمونه محافظ البنك المركزى فتوعده بالعقاب من خلال اتصال أحد العاملين في مكتبه به.
ورغم حذف الخبر من الموقع الالكتروني بعد ثلث ساعة فقط من نشره، ورغم أن مصطفى صقر ترك موقعه التنفيذي في الجريدة قبل ذلك بشهور عديدة، إلا أن القبض عليه جاء مساء نفس يوم نشر الخبر، رغم أنه في الأحوال الطبيعية كان الأمر يقتضي أن يرسل محافظ البنك المركزي ردا على الخبر، تلتزم الجريدة بنشره بنفس مكان نشر الخبر السابق وبنفس المساحة خلال ثلاثة أيام.
وهكذا كان القبض على الصحفي أحمد سبيع بعد خروجه من أحد المساجد، التي شارك فيها بصلاة الجنازة على أحد كبار الدعاة، وكان القبض على الصحفي حسن القباني خلال استدعائه من قبل جهة أمنية لسؤاله في بعض الأمور، وهو أمر تكرر من قبل.
لكن الحبس الاحتياطي طالت فترته لهؤلاء الصحفيين وغيرهم لشهور، رغم أن قرار رئيس الجمهورية بالقانون 85 لسنة 2012، ينص على أنه لا يجوز الحبس الاحتياطي في الجرائم التي تقع بواسطة الصحف.
بل إن القانون 132 لسنة 1951 بشأن الإجراءات في القضايا الخاصة بالجرائم التي تقع بواسطة الصحف، الصادر في عهد الملك فاروق، ينص في مادته الأولى على أنه يحكم على وجه السرعة في القضايا الخاصة بالجرائم التي تقع بواسطة الصحف والمنصوص عليها بقانون العقوبات.
ونصت المادة الثانية من القانون على أنه تنظر القضية في جلسة تعقد في ظرف أسبوعين، من يوم تقديم القضية بمعرفة النيابة العامة أو إحالتها إلى محكمة الجنح أو إلى محكمة الجنايات.
السلطات المصرية لا تنفذ تلك النصوص القانونية ومن قبلها نصوص دستور 2014، حيث تنص المادة السابعة منه على أن حرية الصحافة والطباعة والنشر الرقمي والمرئي والمسموع والالكتروني مكفولة، والمادة 211 التي تنص على أن المجلس الأعلى للإعلام مسؤول عن ضمان وحماية الصحفيين
لكن السلطات المصرية لا تنفذ تلك النصوص القانونية ومن قبلها نصوص دستور 2014، حيث تنص المادة السابعة منه على أن حرية الصحافة والطباعة والنشر الرقمي والمرئي والمسموع والالكتروني مكفولة، والمادة 211 التي تنص على أن المجلس الأعلى للإعلام مسؤول عن ضمان وحماية الصحفيين والإعلام المقررة بالدستور، والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعددها وتنوعها.
لكن المجلس الأعلى للإعلام لم يمارس الدور الذي كلفه الدستور به عندما تم حجب حوالي 500 موقع الكتروني، ونفس الأمر لمسألة اعتقال الصحفيين، وكذلك فعلت نقابة الصحفيين، التي كانت في عهد مبارك تقوم عند اعتقال أحد الصحفيين بإصدار بيان بالمطالبة بالإفراج عنه، وبعمل وقفات احتجاجية على سلم النقابة، وبالذهاب جماعيا إلى مقر النائب العام للمطالبة بالإفراج عنه، والزيارة الدورية له بالسجن محملة ببعض الأطعمة، وصرف إعانة شهرية له لحين الإفراج عنه.
بل إن مجرد تجريد الصحفي عبد الحليم قنديل من ملابسه من قبل مجهولين، كان كفيلا بتحرك الصحفيين في شكل جماعي لمكتب النائب العام، لمساندة الصحفي والدفاع عن حريته.
ونظرا لعدم ممارسة نقابة الصحفيين واجباتها نحو ملف الصحفيين المعتقلين، وكذلك موقف اتحاد الصحفيين العرب، والانتقائية التي تمارسها جهات حقوق دولية بتناول الانتهاكات بحق صحفيين مصريين يعملون بجهات معينة دون غيرها، وتفادي الإدارتين الفرنسية والألمانية وغيرهما التعرض لأوضاع الصحفيين المعتقلين حرصا على استمرار مصالحها الاقتصادية مع مصر، أصبح أمل البعض متعلق بضغط الإدارة الأمريكية الجديدة لتحريك الملف.
الإفراج عن الصحفيين يحسن من المكانة المتدنية لمصر بمؤشر حرية الصحافة الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود، ويحسن من صورتها أمام البرلمان الأوروبي وغيره من برلمانات الدول الكبرى، ولدى المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان
والغريب أن السلطات المصرية التي تتباطأ في التصدي لملف الصحفيين والإعلاميين المعتقلين، تدرك تماما المعاناة التي سيواجهها الصحفي بعد خروجه من السجن، من حيث الإجراءات الاحترازية التي تتطلب حضوره الدورى لقسم الشرطة الواقع في محيط إقامته الجغرافي، وعدم قبول تشغيله من قبل أية جهة صحفية أو إعلامية، بل لقد وصل الأمر أن صحفيا كان شقيقا لأحد الصحفيين المعتقلين رفضت جهات صحفية عديدة تعاونها معه، رغم أن الإفراج عن الصحفيين يحسن من المكانة المتدنية لمصر بمؤشر حرية الصحافة الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود، ويحسن من صورتها أمام البرلمان الأوروبي وغيره من برلمانات الدول الكبرى، ولدى المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
والطريف أن الصحف التابعة للسلطات المصرية عادة ما تنشر تقارير المنظمات الإعلامية الدولية، وتشير خلالها إلى تدهور أوضاع الصحفيين في بعض البلدان المناوئة لها خاصة تركيا، وتتفادى تماما الإشاره إلى ما ورد عن موقع مصر المتدني بتلك التقارير.
أضف تعليقك