ذكرت مصادر دبلوماسية أن هناك حالة من القلق وعدم الارتياح تسيطر على القاهرة تجاه تحركات البيت الأبيض، لا سيما منذ اتصال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بنظيره المصري سامح شكري الأسبوع الماضي".
وأضافت المصادر أنه يمكن القول الآن إن هذا القلق يزداد، ولكن هناك ثقة بأن ثمّة فارقاً كبيراً بين الملاحظات التي تسّجلها الأجهزة الأميركية على سجل مصر في حقوق الإنسان، وأزمة خاشقجي، كما أن هناك فارقاً بين ما يمكن استهدافه من السعودية ذاتها، وما يمكن لواشنطن الضغط للحصول عليه من السيسي".
وتابعت المصادر أن نظام الانقلاب مستقر على "عدم التعجل في تقديم تنازلات لإدارة بايدن في المرحلة الحالية، ولهذا كان السيسي حريصاً في الفترة الماضية الفاصلة بين فوز بايدن واتصال بلينكن على تكديس الأوراق التي يمكن له تقديمها على مراحل، لتبدو الأمور وكأنها طبيعية، في إطار إجراءات قانونية أو سياسية داخلية".
ويأتي ذلك، وفق المصادر، "مع التسليم في الوقت نفسه بخصوصية الحالات التي تهم واشنطن بصفة خاصة، مثل المعتقلين والمحكوم عليهم حاملي الجنسية الأميركية، وأقارب الناشط السياسي الحقوقي محمد سلطان، ومعتقلي قضية خلية الأمل".
والملحوظ في هذا الشأن أن ثلاثة أشهر تقريباً مرّت على زيارة السيسي إلى باريس، وتسليمه هناك ثلاث قوائم تضم أسماء 40 معتقلاً مطلوباً الإفراج عنهم، منهم معتقلو "خلية الأمل"، وذلك بواسطة نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون وأعضاء في مجلسي النواب والشيوخ. لكن بعدما روّجت شخصيات بارزة من دائرة قائد الانقلاب في الأوساط الإعلامية والحقوقية بقرب الإفراج عن عدد معتبر من هؤلاء المعتقلين قبيل ذكرى ثورة 25 يناير 2011، عاد النظام أدراجه بعد وصول بايدن إلى البيت الأبيض وتجاهله الأوضاع في مصر.
وهنا تكمن حساسية المواجهة بين القاهرة وواشنطن، فعلى الرغم من المطالبات الأوروبية المستمرة للإفراج عن المعتقلين وتحسين أوضاع حقوق الإنسان، إلا أن اقتصارها على الشفاهية، وعدم تطويرها إلى أي مستوى يؤزم العلاقة الاستثمارية والعسكرية والاستراتيجية المنتعشة بين دول الاتحاد الأوروبي والقاهرة، يجعل السيسي يضع نصب عينيه فقط طبيعة التحرك الأميركي المقبل.
وخلال زيارة السيسي إلى باريس في شهر ديسمبر الماضي، كانت المشكلة الأبرز هي قضية "خلية الأمل" التي تضم رامي شعث، الناشط ضد الصهيونية والمتزوج من مواطنة فرنسية، ونجل السياسي الفلسطيني الكبير نبيل شعث. وعلى الرغم من الإلحاح الفرنسي المتكرر خلال عام تقريباً، حرص السيسي وسامح شكري على عدم إعطاء أي تعهدات بقرب إطلاق سراح شعث.
وبحسب المصادر السياسية والدبلوماسية، فهناك اعتبارات عدة تحكم وضع رامي شعث، منها صعوبة الإفراج عنه وحده دون باقي معتقلي قضية "خلية الأمل" الذين كانوا يخططون للمشاركة في انتخابات مجلس النواب، كما أن نشاط شعث في مناهضة الصهيونية والتطبيع يمثل عامل إزعاج للأجهزة المصرية.
أضف تعليقك