قال تعالى: ﴿وَأَنْ تَصُوْمُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ﴾ (البقرة: من الآية 184)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته" (رواه البخاري).
مع قدوم الشهر العظيم المبارك تهل علينا نفحات التقوى والإيمان وتحتفل به القلوب والمشاعر والجوارح والأبدان.. شهرٌ فضَّله الله على سائر الشهور، وأنزل فيه خير كتاب (القرآن الكريم)، وجعل فيه ليلةً هي خير من ألف شهر (ليلة القدر).
لذا وجب علينا أن نوقظ أمتَنا الحبيبةَ ونُحييَ فيها روحَ الاهتمام بالصيام والقرآن، ومن أهم الأنشطة التي يجب أن نحرص عليها لنربيَ أبناءَنا وفلذات أكبادنا على الاهتمام بالصيام هو (احتفالية الصيام)، وذلك بأن نحقق هدْيَ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في تشجيع أبنائنا على الصيام وتدريبهم عليه بطريقة عملية.
وتتمثل احتفالية الصيام في أن ندعوَ الآباء أن يَحضُروا مع أبنائهم الذين بدءوا الصيام- أو يرغبون في بداية التدريب على الصيام هذا العام- في حفلة مسجدية، نكلمهم فيها عن أهمية الصيام، وأنهم يقومون بعملٍ عظيمٍ يجلب لهم رضا الله- تبارك وتعالى- ويحقِّق لهم التقوى والإيمان ونشجعهم على مواصلة الصيام، بأن نقول لهم إن: الصوم صحِّيٌّ يفيد الجسم ولا يضره "صوموا تصحوا"، والله تعالى يحب الصائمين ويعطيهم أجرًا كبيرًا وعظيمًا، والجنة تتزين للصائمين، ولها باب خاصٌّ بالصائمين اسمه باب الريان.
وتبدأ هذه الحفلة بالقرآن الكريم، ثم كلمة عن أهمية الصيام، ثم تواشيح أو إنشاد ديني حول الصيام، ثم نُقدِّم للأولاد هدايا بسيطة للتشجيع، ولا بأس بأن نطلب من الموسِرين أن يدعموا ذلك؛ لأن هذه الحفلة لها أثر كبير وتحيي روحًا عظيمةً في نفوس الأبناء وتشجِّعهم على مواصلة الصيام، وتشجِّع غير الصائمين من الأبناء للصيام في العام التالي بإذن الله.
ويا حبذا أن يتبنى أئمة المساجد الدعاية الجيِّدة لهذه الاحتفالية من خلال خطب الجمعة وتعليق الإعلانات لتعريف الآباء والحرص على جمع أكبر عددٍ من أبناء الحي الذين بدءوا الصيام هذا العام لحضور هذه الاحتفالية الإيمانية الرائعة.
بعد هذه الحفلة لا بأس بتوزيع هؤلاء الأبناء على مواعيد أخرى لتعليمهم فقه الصيام وآدابه بطريقة عملية، وبذلك نكون قد أحيينا سنةَ رسولنا الحبيب- صلى الله عليه وسلم- وسعَينا نحو تحقيق أحد أركان الإسلام الخمسة، وهكذا يجب أن نفعل في شهر رمضان من كل عام.
وهذه الاحتفالية يمكن أن نقوم بها أيضًا على مستوى المدرسة، فتحتفل المدرسة بالتلاميذ الذين بدءوا الصيام هذا العام ويلقَون من إدارة المدرسة الحفاوة والتكريم، فيتشجَّع غير الصائمين ويحاولون نَيل هذه الحفاوة وهذا التكريم فيصومون في العام التالي.
ويمكن أن تتم هذه الاحتفالية على مستوى الأسرة أيضًا، فيحتفل الأبوان والإخوة بهذا الابن بطريقة تتسم بالبهجة والسرور، ويا حبذا لو قمنا بدعوة بعض الأصدقاء والجيران لشهود هذا الحدث الجميل، ونحرص على توزيع الحلوى والفاكهة، ونقدم هديةً للابن أو البنت؛ للإشعار بأهمية الصيام وبأنه أصبح في مرحلة جديدة فيتعلم معنا تعظيم العبادة لله.. ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوْبِ﴾ (الحج: 32).
أضف تعليقك