بقلم.. عامر شماخ
كلُّ المؤشراتِ تؤكد أن مصر مقدمة على وضع كارثى، إذا لم تتداركها عناية الله ثم نضال المخلصين من أبنائها. وليس خافيًا أن هذا الخطر الوجودى مصطنع، وأن هناك «سيناريو» لإنهاك «المحروسة» وإخراجها من عداد البلدان ذات التاريخ والمكانة إلى بلد تضربه الفوضى والخراب.
قد يكون هذا الحديث محبطًا أو يبدو فيه شىء من المبالغة، لكنه الواقع الذى يعيشه الجميع وربما غضضنا الطرف عنه لنقنع أنفسنا أننا لا زلنا بخير، والحقيقة أننا بتنا فى شرِّ حقبة، يشهد بذلك عيشة الناس البائسة، والفشل الذى يعم مؤسسات الدولة كافة، ومكانة مصر المتدنية بين الدول.
أما مراحل «السيناريو» المشار إليه فتبدأ بـ«الإفشال العمدى» وتنتهى بـ«الخراب» -لا سمح الله- مرورًا بـ«الانفلات والفوضى». وأقول الإفشال العمدى لأن ذلك مما لا تخطئه العين؛ فإن هناك إصرارًا على إفقار البلاد والعباد بوتيرة غاية فى السرعة، وتكبيل الجيل الحالى والأجيال المقبلة بالديون ذات الكلفة العالية والمؤسِسة للفقر المزمن. وهذا «السيناريو» هو نفسه ما جرى فى دول مجاورة مثل اليمن والعراق، صحيح أن مراحله استغرقت عقدين أو ثلاثة عقود لكن المخطط نجح فى النهاية وقد رأينا كيف كانت هذه الدول وكيف أصبحت.
ما معنى إنفاق مليارات لا يحصيها العدُّ على مشروعات لا عائد قوميًّا من ورائها، فى مقابل فتات يُنفق على مشروعات الإنتاج الحقيقية والمؤسسات الخدمية؟ ولماذا الإصرار على إرهاق القطاع الخاص والسعى لتصفيته وهو الداعم الرئيس فى الاقتصادات المعاصرة؟ ولماذا تُغلق المصانع الكبيرة والشركات التاريخية العملاقة؟ وأين ذهبت الأموال الطائلة التى جمعوها -ولا يزالون- من فواتير الكهرباء والمياه والغاز وتمثل رقمًا من دخل المواطن الذى بات يفضل الموت على الحياة من ضغط الغلاء؟ أين ذهبت هذه الأموال ومعها أموال القروض الهائلة التى تتم من خلف ظهر الشعب وصارت أقساطها وفوائدها السنوية تعادل ميزانية الدولة وتقترب من «التريليون» جنيه؟
إن هناك نارًا تحت الرماد كفيلة بإحداث فوضى عارمة لولا القبضة الأمنية الشديدة، وفى تصورى أن تلك الفوضى مؤجلة لحين اكتمال الخطط الموضوعة؛ من الضغط على المواطن بكل السبل، وغلق طاقة الأمل أمام الشباب بالبطالة وكبت الحريات وتعطيل مشاريع الزواج، وتقسيم المجتمع شيعًا وبث بذور الفتنة بين طوائفه وأحزابه، وإفساد القيم المجتمعية ورعاية التفسخ الخلقى، وضرب الحركة الإصلاحية وعلى رأسها التيار الإسلامى، وخنق أى صوت معارض، وإطلاق يد الأجهزة الأمنية من دون رقيب للقتل والترويع خارج القانون، ومن قبل: جر الجيش إلى ساحة العمل السياسى.
وبعد كل هذا سوف يكون هناك عنف وعنف مضاد، وسوف يكون هناك جوع وفوضى، وسوف يقع صدام بين المواطنين و«الدولة الهشة» التى بدأت أركانها فى التآكل وغابت مؤسساتها عن ممارسة دورها الأساسى. وفى هذا التوقيت سوف يتم تدبير حدث كبير يطيح بما تبقى من الدولة، وإذا انفلت الزمام فلا حرمة لشىء، وقد رأينا فى دول مجاورة كيف خُرِّب العامر وعمَّ البلاء وكيف انقلب عاليها سافلها.
لقد كان -ولا زال- أمامنا فرص النجاة ولكن هناك من يصرُّون على الذهاب بنا إلى المهالك، أتتنا الديمقراطية فانقلبوا عليها وقتلوا وسجنوا وانتهكوا الأعراض وصادروا الأموال لئلا يبقى من هذه الديمقراطية شىء. وبات واضحًا أن هناك من يدير شئوننا من الخارج وهنا يطبقون خططه وينفذون أوامره، والمؤكد أنه ليس هناك نية للإصلاح، وهناك إصرار على تغييب المصلحين وكبت صوت المعارضة، وإرهاب الشعب وإرغامه على القبول بأى سياسات وإجراءات ولو خالفت قيمه ومعتقداته، وأن يقبل بما يجىء من عند الحاكم الفرد كأنه وحى السماء.
وليس أمام الوطنيين سوى العمل ثم العمل لإفساد هذه المخططات، بالتوعية بها، والتصدى لها، ومن قبل: لم الشمل والاعتصام بالله فإنه لا جدوى من منازلة هذا الإجرام إلا بالوحدة، واعتبار هذا الأمر أولوية لا فكاك منها، ومن المهم أيضًا فضح كل منفذ ومشارك ومؤيد لتلك الخطط الخبيثة التى هى من صنع الأعداء.
أضف تعليقك