ونكمل مع كتاب زاد على الطريق لفضيلة الأستاذ مصطفى مشهور – رحمه الله – حول المعاني والأعمال التي يتزود بها الداعية في طريقه حيث يقول:
يتعرض الداعى الى الله، وهو على طريق الدعوة، إلى فترات من الفتور و الكسل يُخشى لو استمرت أن تؤدى إلى الاسترخاء و القعود، ولكن المؤمنين بالتواصى بالحق و التواصى بالصبر، كما أشار القرآن، يمكنهم أن يتفادوا ذلك وبالذكرى التى تنفع المؤمنين و التناصح الواجب بين المؤمنين بأن يُذكر أخاه إذا نسي، ويعينه إذا ذكر، وأن يبصره بعيوبه، ويعينه على التخلص منها .
وما أكثر ما يتعرض الداعون الى الله إلى أحداث ومواقف قد تجعلهم فى ضيق أو حرج أو حيرة، ويحتاجون إلى تحديد الموقف الذى يمليه عليهم إسلامهم إزاء المواقف أو الأحداث و التقييم السليم لها من خلال النظرة الإسلامية و الإقدام على قولة الحق ولو كان من ورائها العنت والإيذاء، ولا يفيد ويعين فى كل ذلك إلا زاد من الإيمان وتقوى الله: { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه } :{ ومن يؤمن بالله يهد قلبه } ، :{ ومتى يتق الله يجعل له من أمره يسراً } :{ ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيىء لنا من أمرنا رشداً } :{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً } وفى الحديث :( من أفضل الجهاد عند الله كلمة حق عند سلطان جائر ) .
وعلى طريق الدعوة يتحتم على كل فرد أن يتحرى شرع الله فى كل قول وعمل، ولا يخالف أمر الله ولا أمر رسوله فى كل أحواله، وأن يحرص على وحدة الصف وعدم الخروج عليه، ولا يعين على ذلك إلا إيمان صادق يحمى صاحبه من التقصير أو المخالفة وعدم الالتزام: { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } ، :{ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا }: { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه ، إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله } .
وعلى طريق الدعوة نحتاج الى العلم النافع اللازم لمن يدعو إلى الله على بصيرة ولا تكفى القراءة وكثرتها فى ذلك، ولكن لابد من تقوى الله وإخلاص النية ليفيض الله من لدنه علماً ونوراً وتوفيقاً، وصدق الله العظيم: { واتقوا الله ويعلمكم الله }، { وقل رب زدنى علماً } .
ونحن على طريق الدعوة نشعر بالحاجة الملحة لتأييد الله ونصره لنا، خاصة حين نتعرض إلى الصور المختلفة من كيد أعداء الله وحربهم: { وزلزلوا حتى يقول الرسول و الذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب } ، ونصر الله و التمكين لدينه لا يتحقق إلا للمؤمنين المجاهدين، فالزاد من الإيمان القوى سبب أساسى، وشرط لازم لتحقيق نصر الله و التمكين له: { وكان حقاً علينا نصر المؤمنين } :{ إنا لننصر رسلنا و الذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد } :{ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لايشركون بى شيئاً } .
وأخيراً يلزم أن نظل أوفياء بالعهد غير ناكثين ولا مبدلين ولا مغيرين حتى نلقى الله على طريق الدعوة ونحن على ذلك، والإيمان وتقوى الله خير زاد يعيننا على ذلك: { بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين }:{ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً } .
وهكذا رأينا مدى حاجتنا إلى الزاد على الطريق، وكيف أننا لانستطيع أن نخطو خطوة، أو نحقق خيراً، أوننجز عملاً، بغير هذا الزاد من الإيمان و التقوى ، فلنتزود به ولنجدده دائماً على الطريق ولا ندعه ينقص أو يتعرض للنفاد ، بل نعمل على أن يزداد ويزداد ، وحول التعرف على مصادر الزاد وكيف نعمل على زيادته وتجديده ستكون هذه الموضوعات بإذن الله ونسأل الله العون و التوفيق .
أضف تعليقك