قالت منظمة "كوميتي فور جستس"، في تقرير لها، أمس الأربعاء، إنّ إصدار مجموعة من خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة، مذكّرة أممية بشأن استمرار اعتقال 4 مدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، إضافة لانتقاد ظروف احتجازهم القاسية، يأتي تكليلاً للجهود التي قامت بها المنظمة لرفع الظلم عن هؤلاء المدافعين المصريين عن حقوق الإنسان، وإعلام الآليات الدولية الأممية بظروف احتجازهم القاسية وغير الإنسانية.
وأوضحت "كوميتي فور جستس" أنّ تلك التحرّكات الأممية أتت بناء على شكوى تقدمت بها بشأن هؤلاء المدافعين، وأنّ احتجازهم جاء نتيجة لنشاطهم الحقوقي، بعدما حوّلت سلطات الانقلاب بشكل متزايد الحبس الاحتياطي من إجراء قانوني استثنائي إلى أداة عقابية تُستخدم بشكل منهجي ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، والمعارضة السياسية بالبلاد بشكل عام.
وعلّق المدير التنفيذي لـ"كوميتي فور جستس"، أحمد مفرح، على ذلك التحرك الأممي بقوله: "من الجيد أن نرى ثمار جهودنا على أرض الواقع، فالضغط الأممي المستمر على النظام في مصر، قد يدفعه لإطلاق سراح هؤلاء المدافعين، أو حتى العمل على تحسين أوضاع احتجازهم التي لا يمكن تحملها، وهذا هو هدفنا من الأساس؛ رفع الظلم عمن يعانون منه، ومحاولة توصيل أصواتهم إلى العالم بأسره عامة، والمنظمات الأممية خاصة".
وأكّدت "كوميتي فور جستس" في شكواها أنّ التهم الموجّهة لهؤلاء المدافعين ملفقة بشكل عام وذات دوافع سياسية في معظم القضايا، مشيرة إلى أنّ نيابة أمن الدولة العليا تتهم المتهمين دون تقديم شهود أو أدلة لإثبات التهم المزعومة، كما لا تقدم نسخة رسمية مكتوبة من التهم، وبشكل عام لا يتم توفير الوثائق القانونية الرسمية المتعلقة بالقضية للمتهمين أو محاميهم.
كما تطرقت المنظمة في شكواها إلى استخدام سلطات الانقلاب الحبس الاحتياطي كأداة عقابية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين في مصر، مشددة على أنه في السنوات العديدة الماضية، حوّلت السلطات المصرية بشكل متزايد الحبس الاحتياطي من إجراء قانوني استثنائي إلى أداة عقابية تُستخدم بشكل منهجي ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، والمعارضة السياسية بشكل عام.
وأضافت المنظمة أنه بعد انقضاء فترة الحبس الاحتياطي البالغة عامين بحسب القانون المصري، يجب إصدار أمر بالإفراج عن المعتقل إذا لم تؤكد النيابة العامة أياً من التهم الموجهة إليه، ومع ذلك، فإنّ ما يحدث في الواقع هو إما أن الإفراج لم يتحقق، أو إبقاء المدافع وراء القضبان باستمرار، أو أنّ المدافعين يجدون أنفسهم متهمين في قضية جديدة قبل إصدار الأمر بالإفراج أو أثناء الانتهاء من عملية الإفراج عنهم.
وحول تلك النقطة، قال أحمد مفرح: "الدولة المصرية تجيد اللعب بالقوانين وصياغتها بشكل يمكّن من استخدامها لقمع المعارضين والحقوقيين، وظاهرة الاعتقال المتجدد هي ظاهرة ناتجة عن استخدام السلطات بمصر للقوانين لمصلحتها من أجل إبقاء كل من يعارضها أو يفضح انتهاكاتها الحقوقية خلف القضبان لأطول فترة ممكنة".
وكانت "كوميتي فور جستس" طالبت في شكواها بتدخل الخبراء الأمميين لدى حكومة الانقلاب، لحملها على إطلاق سراح جميع المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين ووقف إطلاق سراحهم.
كما دعت إلى التدخل لدى لسلطات الانقلابية، لحين إطلاق سراحهم، لإلزامها باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان معاملة هؤلاء المدافعين وفقاً للشروط المنصوص عليها في "مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن".
كذلك حثت المنظمة في ختام شكواها الخبراء على دفع حكومة الانقلاب نحو الوفاء بالتزاماتها في احترام وحماية حقوق الإنسان والحريات في جميع الظروف، والإنهاء الفوري لحملة القمع ضد المنتقدين والمعارضين السلميين، وهو ما دعا إليه الخبراء في مذكرتهم الموجهة للسلطات في مصر.
وكان خبراء أمميون أصدروا مذكرة أممية في 5 نوفمبر 2021، ولم يتم الرد عليها حتى الآن من قبل سلطات الانقلاب، تطرّقوا فيها إلى أوضاع احتجاز ومحاكمة كلّ من "المدون والمدافع عن حقوق الإنسان علاء عبد الفتاح، والمحامي الحقوقي عزت غنيم، والمحامية الحقوقية هدى عبد المنعم، وعائشة الشاطر"، انتقدوا فيها اعتقالهم واصفين إياه بـ"التعسفي"، كما طالبوا السلطات المصرية بمزيد من المعلومات حول ظروف احتجازهم، والتهم الموجهة لهم، وأسباب استمرار احتجازهم حتى الآن.
كما أعرب الخبراء في مذكرتهم عن قلقهم البالغ على السلامة الجسدية والنفسية للمدونين والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان هؤلاء، مشدّدين على أنّ القلق هذا يتفاقم بسبب استخدام مصر لتشريعات مكافحة الإرهاب لتجريم ممارسة حريات التعبير وتكوين الجمعيات من قبل هؤلاء الأفراد، ووصف توثيقهم لانتهاكات الحقوق ومناقشة قضايا حقوق الإنسان على أنه تهديد للأمن القومي المصري، وأنّ تجريمهم يعد انتقاماً واضحاً لممارستهم حقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات لانتقاد سلطات الدولة ومناقشة انتهاكات حقوق الإنسان.
كذلك أوضح الخبراء في مذكرتهم أنّه لا ينبغي أبداً اعتبار مناقشة وتبادل المعلومات حول قضايا حقوق الإنسان تهديداً للأمن القومي، مذكّرين بأن حتى المتهمين بارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب يستحقون مستوى الرعاية ذاته في السجن مثل الجميع، بينما المعلومات الواردة تفيد بأنّ الأفراد المذكورين قد حُرموا من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة، الأمر الذي قد يرقى إلى مستوى انتهاك الحظر المطلق وغير القابل للانتقاص للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة.
أضف تعليقك